فتح تستبق حماس نحو دعم علاقاتها بالنظام السوري

فتح تستبق حماس نحو دعم علاقاتها بالنظام السوري

رام الله- عاد السباق للوصول إلى قلب نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى مربع المناوشات بين حركتي فتح وحماس، فمع المؤشرات التي لاحت بشأن إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية قد تتحول دمشق إلى مقصد رئيسي للتنافس بين الحركتين الفلسطينيتين.

وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية التي حاولت حماس إيصالها إلى دمشق لم تتلق عنها إلى حد الآن إجابات ترضيها حول تصحيح العلاقات معها، إلا أن فتح أحرزت هدفا كبيرا في مرمى حماس واستبقتها للبدء في تطوير علاقاتها مع النظام السوري.

وسلّم أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب رسالة إلى وزير الخارجية السوري فيصل مقداد الأحد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) للرئيس الأسد تؤكد على عمق العلاقات بين الجانبين وتطويرها مستقبلا، معلنا في مؤتمر صحافي عقده في دمشق الاثنين عن زيارة سيقوم بها قريبا أبومازن إلى سوريا.

◄ من المفيد لطهران أن تكون علاقة حركة حماس بدمشق جيدة على أكثر من مستوى كإشارة توحي بأن النظام السوري حريص على عدم التحول عن ثوابته

وتشير الزيارة المتوقعة لرئيس السلطة الفلسطينية إلى أنه يبحث من بوابة دمشق عن فرصة للحركة الإقليمية بعد أن تسببت ارتباكاته السياسية الفترة الماضية في تخريب جوانب مهمة في علاقاته الداخلية والخارجية.

واعتبر اللواء جبريل الرجوب الذي زار سوريا بصحبة وفد من فتح ضم أعضاء اللجنة المركزية بالحركة روحي فتوح وسمير الرفاعي وأحمد حلس الخميس الماضي أن الزيارة “انطلاقة حقيقية لصياغة الوضع الفلسطيني في ظل تصعيد الاحتلال الإسرائيلي غير المسبوق لإنهاء القضية الفلسطينية”.

وذهب وفد فتح إلى سوريا وحضر المهرجان المركزي لإحياء ذكرى انطلاقة الحركة السابعة والخمسين في مخيم اليرموك والاجتماع مع كوادرها، ولقاء قيادات من فصائل منظمة التحرير لتهيئة الأجواء السياسية لعقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني قريبا.

وحاولت حركة فتح المحافظة على درجة من الدفء في علاقتها مع النظام السوري، وأيد أبومازن مؤخرا عودة دمشق لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وبدا متجاوبا مع بعض التصريحات العربية لتدشين هذه الخطوة في قمة الجزائر في مارس المقبل.

وتعمل السلطة الفلسطينية على توظيف قضية عودة سوريا لتكون قريبة من نظامها الذي بدأ يسترد جزءا من عافيته السياسية من دون تجاهل أن الأسد بعد الحرب الأهلية لن يكون كما قبلها في مسألة تفاعله مع القضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا الإقليمية.

ولا يستقيم الحديث عن التفاؤل بشأن التنسيق بين السلطة الفلسطينية ودمشق حول بعض القضايا الإقليمية مع طبيعة الأوضاع التي يعيشها الطرفان والتي تحد من المردود المتوقع، فكلاهما يحتاج من يساعده كي يتغلب على تحدياته الصعبة.

ولم يعد النظام السوري يملك رفاهية ليكون مشغولا بملف الصراع مع إسرائيل أو متحمسا للوقوف ضد توجه بعض الدول العربية نحو التطبيع وهي القضية التي يعتقد أبومازن أن بإمكانه ضم دمشق إلى صفه فيها متناسيا أن الدول التي وقعت اتفاقيات سلام قديمة أو حديثة مع إسرائيل قد تلعب دورا في عودة النظام السوري إلى الساحة العربية.

أحمد فؤاد أنور: هناك خلاف داخل حماس حيال تحسين العلاقات مع دمشق

وتصب زيارة وفد فتح إلى دمشق وما حملته تصريحات أعضائه من رسائل في إطار الدعاية السوداء بين الحركة وحماس التي لا تقتصر على صراعهما الداخلي، حيث يريد أبومازن من زيارته المرتقبة استباق حماس التي تردد أنها مستعدة لتصحيح مسار علاقتها مع كل من دمشق وبيروت التي أصابها العطب عقب الثورة السورية.

وقام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج خالد مشعل بزيارة لبنان في ديسمبر الماضي بعد عشرة أعوام من مغادرته دمشق ومساندته قوى المعارضة على حساب نظام الأسد، دون أن يلتقي بزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله.

وقرأ متابعون وصول مشعل إلى لبنان بعد هذه المدة وعدم لقائه مع نصرالله على أنه رسالة سورية ضمنية لرفض التعاون مع أتباع محور قطر – تركيا، حيث تعد الدوحة من أكبر الرافضين لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، حسب تصريحات أطلقها نائب وزير الخارجية السوري بشار الجعفري مؤخرا.

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الخبير في الشؤون الفلسطينية أحمد فؤاد أنور إن هناك خلافا داخل حماس حيال الموقف من تحسين العلاقات مع النظام السوري، حيث يميل جناح لضرورة القيام باستدارة سياسية مع دمشق وطي صفحة الماضي، بينما يرى جناح آخر أن الأوضاع تغيرت في المنطقة وسوريا فقدت بريقها الإقليمي ولن تستطيع بذل أيّ جهود لدعم الحركة وثوابتها كما في السابق.

وأضاف لـ”العرب” أن علاقة حماس القوية بإيران تدعم الاتجاه الأول ويمكن أن تقوم طهران بدور “العرّاب” أو الوسيط في هذا الاتجاه، إذ تخشى أن تتغير سياسات النظام السوري ويذهب إلى طريق لا يخدم مصالحها.

ومن المفيد لطهران أن تكون علاقة حركة حماس بدمشق جيدة على أكثر من مستوى كإشارة توحي بأن النظام السوري حريص على عدم التحول عن ثوابته، غير أن عدم لقاء مشعل مع حسن نصرالله قلل من التعويل على دور الوسيط المحتمل.

العرب