أبوظبي – أبدت الإمارات سعيا واضحا للانفتاح الاقتصادي والتجاري على تركيا تنفيذا لما تم الإعلان عنه خلال زيارة وليّ عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة في نوفمبر الماضي ولقائه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطوة قال مراقبون إنها تعكس توجها إماراتيا إقليميا ودوليا لتوسيع دائرة الاستثمارات والاستفادة من الفرص التي تحصل عليها في تركيا وغير تركيا.
ويرى المراقبون أن زيارة الشيخ محمد بن زايد وإن هدفت في جانب منها إلى تصفير المشاكل مع تركيا سياسيا، فإنها أيضا سعت للاستفادة من الحاجة التركية إلى الاستثمارات ومن التسهيلات المعروضة التي تعرضها أنقرة من أجل توسيع دائرة النفوذ الاقتصادي الإماراتي إقليميا، وزيادة فرص الاستثمار ضمن رؤية إماراتية أوسع لاقتصاد ما بعد النفط.
محمد حسن السويدي: ضعف الليرة يوفر فرصا، إنه وقت رائع للشراء
ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن المقاربة الاستثمارية للإمارات لا يقودها الارتجال ولا الاعتبارات السياسية الظرفية، ولذلك فإن الإماراتيين يعملون من خلال الصندوق السيادي وهيئة الاستثمار لتحصيل العائدات والمكاسب من الاستثمار في تركيا، لافتين إلى أنه لا مقارنة بين الاستثمارات الإماراتية القائمة على المصلحة المتبادلة والأموال الإنقاذية للرئيس التركي التي قدمتها قطر من خلال ضخ مليارات لإنقاذ الليرة التركية المتهاوية أو اعتماد أموال كبيرة لتحريك الاقتصاد التركي دون خطة واضحة بشأن مناخ الاستثمار وأفق النجاح بالنسبة إلى المشاريع المعروضة.
وبحسب المراقبين فإن الإمارات ترسي استثمارات طويلة المدى في تركيا كبلد للفرص الواعدة بقطع النظر عن بقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو قدوم رئيس غيره بانتخابات مبكرة أو في موعدها العادي في 2023، لافتين إلى أن الاستثمارات لا توضع على مقاس الأشخاص وحساباتهم، بل وفق مصالح الدول.
وقال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” الأربعاء إن الإمارات “تراهن على تركيا كدولة ستفتح لنا أسواقاً جديدة من خلال الخدمات اللوجستية، وعبر سلسلة التوريد الخاصة بها”.
وأضاف الزيودي أن الإمارات تتطلع إلى الاستفادة من استثمارات تركيا الضخمة في القطاع الصناعي، والعمالة الماهرة، والشبكة اللوجستية القائمة، خاصة مع قارة أفريقيا.
ويقول خبراء اقتصاديون إن الإمارات تنظر إلى الاقتصاد التركي كفرصة مهمة للاستثمار خاصة في ضوء تراجع الليرة.
وأعلنت الإمارات، على هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة، عن تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار “لتعزيز دعم الاقتصاد التركي وتوثيق التعاون بين البلدين”. وسيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء. وجرى توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وأيضا بعض الشركات التركية.
ووقّعت الشركة القابضة اتفاقا للاستثمار في شركات تركية للتكنولوجيا بينما وقعت مجموعة موانئ دبي اتفاقا للتعاون في مجالي الموانئ واللوجستيات.
وقال محمد حسن السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة “أي دي كيو القابضة”، لصحيفة “فاينانشيال تايمز” إن ضعف الليرة يمكن أن يوفر فرصا، متابعا أنه “وقت رائع” للشراء إذا ألقيت “نظرة بعيدة”. وأضاف أن الصندوق السيادي يجري بالفعل “مناقشات مع صندوق الثروة السيادية التركية بشأن فرصتين، بما في ذلك الشركات التي يدعمها”.
وتعاني تركيا حاليا من انخفاضات هائلة في عملتها حيث فقدت الليرة حوالي 45 في المئة من قيمتها العام الماضي وارتفع التضخم في أزمة ألقي باللوم فيها على السياسة النقدية غير التقليدية التي وضعها أردوغان، لاسيما إصراره على خفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم.
وقال السويدي إن تركيا تعد فرصة استثمارية جذابة رغم ذلك. وتابع “ما أحبه في تركيا هو أن التسليم (السلع) يصل إلى ألمانيا في غضون 12 ساعة من الموقع، وبها 84 مليون شخص. إنها قوة كبيرة للصناعات. ولديها قدرات لوجستية كبيرة، لذلك نحن مهتمون بالتأكيد بالخدمات اللوجستية…”.
وأضاف أن الصندوق كان أيضا “مهتما جدا” بالخدمات المالية التركية. ففي العام الماضي استثمرت “القابضة” في الشركات التركية الناشئة “جيتير”، وهي شركة توصيل البقالة، وشركة ترنديول، أكبر شركة للتجارة الإلكترونية في البلاد.
العرب