لندن – أعاد الإعلان الرسمي البريطاني عن تحذير من اختراق صيني للبرلمان والعمل على توجيه السياسة في بريطانيا أجواء الحرب الباردة في حقبة الستينات والسبعينات في ذروة المواجهة بين الغرب والاتحاد السوفييتي.
وحذرت أجهزة الاستخبارات البريطانية النواب من أن جاسوسة صينية مفترضة “انخرطت عن علم في أنشطة تدخل سياسي” داخل البرلمان، في قضية يمكن أن تعيد بريطانيا إلى أجواء الحرب الباردة.
وأكد مكتب رئيس مجلس العموم ليندسي هويل أنه وجه إلى النواب رسائل إلكترونية يبلغهم فيها بالحادثة، وتمّ ذلك بالتشاور مع أجهزة الاستخبارات.
وقالت متحدثة باسم هويل إن “رئيس المجلس يأخذ مسألة أمن الأعضاء والعملية الديمقراطية على محمل الجدّ، ولهذا وجه الإشعار بالتشاور مع أجهزة الأمن”.
السفارة الصينية في لندن تنفي الاتهامات بالجوسسة وتقول إنها ليست بحاجة لـ”شراء نفوذ” في أي برلمان أجنبي
وتأتي هذه القضية في ظل التوتر الذي تشهده العلاقة بين روسيا والدول الغربية بسبب ملفات كثيرة من بينها ملفّا أوكرانيا وكازاخستان، وفي ظل مساندة صينية لافتة لمواقف روسيا ومسعاها لاستعادة نفوذ الاتحاد السوفييتي السابق، وهو ما يثير مخاوف الغرب.
وكانت أجواء الحرب الباردة في الستينات والسبعينات تخيم على عالم السياسة في بريطانيا إلى درجة الاشتباه في أن رئيس الوزراء هارولد ويلسون كان عميلا لجهاز الاستخبارات السوفييتي “كي جي بي” وأن جهاز مكافحة التجسس البريطاني “أم أي 5” كان لديه ملف مراقبة وتتبع له تحت اسم حركي هو هنري ورثينغتون.
ونفت السفارة الصينية في لندن الاتهامات بالجوسسة وقالت “لسنا بحاجة ولا نسعى إطلاقا ‘لشراء نفوذ’ في أي برلمان أجنبي”. وأضافت “نعارض بشدة خدعة ترهيب وتلطيخ سمعة الجالية الصينية في المملكة المتحدة”.
وجاء في المذكرة الأمنية أن الجاسوسة تدعى كريستين لي، وقالت إنها “شاركت عن علم في أنشطة تدخل سياسي نيابة عن إدارة عمل الجبهة المتحدة في الحزب الشيوعي الصيني”.
ويشتبه في أن المحامية التي مقرها لندن تبرعت بمبلغ 200 ألف جنيه إسترليني (275 ألف دولار، 239 ألف يورو) للعضو السابق في حكومة الظل باري غاردينر المنتمي إلى حزب العمال، وبمئات الآلاف من الجنيهات لحزبه.
وكانت رئيسة الحكومة البريطانية السابقة تيريزا ماي، التي اتُهم حزب المحافظين الذي تنتمي إليه بالاستفادة من ملايين الجنيهات من الأموال الروسية، قدمت لكريستين لي جائزة في 2019 إقرارا بإسهاماتها في العلاقات الصينية – البريطانية. وتظهر لي في صورة مع ديفيد كاميرون، سلف ماي، خلال فعالية في 2015، وفي صورة أخرى مع زعيم حزب العمال جيريمي كوربن.
ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن مذكرة هويل أن لي “قامت بتسهيل تبرعات مالية لأعضاء في البرلمان وآخرين يطمحون إلى دخول البرلمان، نيابة عن مواطنين أجانب مقرهم في هونغ كونغ والصين”. وأضافت “هذا التسهيل تم سرا لإخفاء مصادر الدفعات. هذا تصرف غير مقبول حتما ويجري اتخاذ الخطوات لضمان توقفه”.
وطالب زعيم سابق للمحافظين والمنتقد القوي لبكين إيان دنكان سميث باتخاذ تدابير أشد في أعقاب تحذير جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (أم أي 5) النواب من أنشطة لي.
وقال “بصفتي عضوا في البرلمان فرضت عليه الحكومة الصينية عقوبات، أقول إن هذه المسألة تثير قلقًا بالغًا”.
وفرضت الصين العام الماضي عقوبات على 10 منظمات وأفراد في المملكة المتحدة، من بينهم دنكان سميث، بسبب ما اعتبرته نشر “أكاذيب ومعلومات مضللة” بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ. واشتكى من أنه لم يتم اعتقال لي أو ترحيلها، بل منعت فحسب من دخول البرلمان.
وقال وزير الدفاع السابق توبياس إيلود المنتمي إلى المحافظين أمام مجلس العموم “هذا هو نوع التدخل في المنطقة الرمادية الذي نترقبه ونتوقعه من الصين”. وأضاف “لكن حقيقة حصوله في البرلمان تحتّم اتخاذ خطوات ملحّة من قِبَل الحكومة”.
وقال غاردينر في بيان إن جميع تبرعات لي تم الإبلاغ عنها بشكل صحيح وإن أي تلميح إلى أموال مشبوهة لم يكن مرتبطا بمكتبه، لكنه أضاف أنه كان “على اتصال بأجهزة الأمن” منذ سنوات عدة بخصوص التبرعات.
العرب