واشنطن – كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية مساء الاثنين عن خلافات تعصف بصفوف الفريق الأميركي المفاوض في فيينا، حول طريقة التعامل مع إيران وملفها النووي، وهو ما أدى إلى انسحاب أسماء بارزة من المفاوضات، على رأسها ريتشارد نيفيو نائب المبعوث الأميركي الخاص بإيران.
وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية الاثنين أن نيفيو، نائب المبعوث الأميركي الخاص بإيران، لم يعد ضمن فريق التفاوض، لكنه لا يزال موظفا بالوزارة. ولم يذكر المسؤول سببا لرحيل نيفيو عن الفريق، لكنه قال إن تنقلات الأفراد “شائعة جدا” بعد عام في عمر الإدارة.
في وقت سابق، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن نيفيو رحل بعد خلافات في الرأي داخل فريق التفاوض الأميركي بشأن إيران.
وقالت الصحيفة إن نيفيو كان يؤيد نهجا أشد صرامة في المفاوضات الحالية، موضحة أن فريق التفاوض الأميركي منقسم بشأن تطبيق العقوبات الحالية، وتوقيت إنهاء المفاوضات مع الجانب الإيراني.
ولعب نيفيو دورا رئيسيا في تصميم شبكة العقوبات المفروضة على إيران من 2006 إلى 2013، وكان عضوا بارزا في الفريق الذي تفاوض على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015. وبينما أيّد هذا الاتفاق بشدة، اعتبر أنّ استخدام العقوبات الواسعة كان حاسما في إقناع إيران بالتفاوض بجدية.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ عضوين آخرين في فريق المفاوضات الأميركي، بقيادة روبرت مالي المخضرم في وزارة الخارجية، انسحبا من المحادثات لأنهما أرادا أيضا موقفا تفاوضيا “أكثر شدة” تجاه طهران.
ومن القضايا التي قسمت الفريق الأميركي، وفق الصحيفة، “مدى الحزم في إنفاذ العقوبات الحالية، وما إذا كان يجب وقف المفاوضات تزامنا مع قيام إيران بإطالة أمدها، بينما يتقدّم برنامجها النووي”.
وذكرت أنّ نقاط التوتر الأخرى تشمل ما إذا كان يتعيّن على الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن تدين طهران العام الماضي، لمنع المفتشين من مراقبة أنشطتها النووية، ورفضها التعاون مع تحقيق منفصل في المواد النووية التي عُثر عليها في إيران.
وكذلك اندلعت الخلافات حول مدى قوة فرض العقوبات على إيران، لاسيما مع الصين بشأن واردات النفط الإيراني.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ هناك جدلا أيضا حول النقطة التي سيكون عندها من المستحيل العودة إلى اتفاق 2015، مع إبقاء إيران على بعد 12 شهرا من امتلاك وقود نووي كاف لصنع سلاح نووي.
وتأتي الانقسامات في وقت محوري، حيث حذر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون من أنه لم يتبق سوى أسابيع قليلة لإنقاذ اتفاق 2015، قبل أن تكتسب إيران المعرفة والقدرة على إنتاج وقود نووي كاف بسرعة لصنع قنبلة، بحسب الصحيفة الأميركية.
واستؤنفت المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة قبل نحو شهرين.
وجدّدت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين تأكيدها أنها لا تزال منفتحة على الاجتماع مع المسؤولين الإيرانيين مباشرة، لمناقشة الاتفاق النووي وقضايا أخرى، بعد أن قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن طهران ستدرس ذلك، لكنها لم تتخذ أي قرار في هذا الصدد.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس في إفادة صحافية، إن الولايات المتحدة لم تجعل من إفراج إيران عن أربعة أميركيين شرطا للتوصل إلى اتفاق بين البلدين لاستئناف الامتثال للاتفاق النووي، مضيفا أن إنجاز مثل هذا الاتفاق اقتراح غير مؤكد.
وحذّر من أنه “بالوتيرة الحالية” للتقدم الذي تحرزه إيران في برنامجها النووي، “لم يعد لدينا وقت تقريبا للتوصّل إلى تفاهم”.
ومنذ أشهر تخوض طهران والقوى التي لا تزال منضوية في اتفاق العام 2015، مفاوضات تهدف إلى إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا في 2018 وأعادت فرض عقوبات على طهران، ما دفع الأخيرة إلى التراجع عن التزامات أساسية كانت مدرجة فيه.
وتشارك واشنطن بشكل غير مباشر في المباحثات، وتتولى الأطراف الباقية في الاتفاق، أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تنسيق المواقف بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين.
ورفضت الجمهورية الإسلامية مرارا إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، معللة ذلك بأن واشنطن لم تعد طرفا في الاتفاق.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد لمّح مساء الاثنين إلى إمكانية الموافقة على خوض هذه المفاوضات المباشرة مع الجانب الأميركي، نافيا وجود مثل هذه المفاوضات حاليا.
وسبق لطهران أن رفضت جلوس مفاوضيها إلى الطاولة نفسها مع المفاوضين الأميركيين، على اعتبار أن واشنطن لم تعد طرفا في الاتفاق النووي، وعودتها إلى طاولة المباحثات مع الآخرين تتطلب أولا عودتها إلى الاتفاق.
وتستمر المفاوضات في فيينا لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، والذي أتاح رفع العديد من العقوبات، التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
وتجري إيران المباحثات مع الأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي، أي فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا. وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق العام 2018، بشكل غير مباشر في المباحثات.
وخلال الأيام الماضية، عكست تصريحات المعنيين بالمفاوضات، تحقيق بعض التقدم، مع التأكيد على استمرار تباينات بينهم بشأن قضايا مختلفة.
العرب