من المستفيد من حادثة استهداف مطار بغداد الدولي؟

من المستفيد من حادثة استهداف مطار بغداد الدولي؟

مع تزايد نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي، شهد العراق خلال الأشهر الماضية، سلسلة من الهجمات الإرهابية، كان آخرها استهداف مطار بغداد المدني، الذي شكل سابقة خطيرة في بلد مثقل بالأزمات السياسية والامنية والاقتصادية، وتزامنت هذه الأحداث مع استمرار الخلافات السياسية على شكل وتشكيل الحكومة المقبلة وغياب التوافق السياسي.

محاولة جديدة لتقويض سمعة العراق

في هذا الوقت، أكد رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي، أن استهداف مطار بغداد الدولي محاولة جديدة لتقويض سمعة العراق، وقال في بيان إن “المطار تعرض إلى عمل إرهابي جبان كشف عن إصرار المجرمين على ضرب أمن شعب العراق، والتزاماته، وإمكاناته، وتعريض مصالحه للخطر”. وأضاف البيان، “استهداف مطار بغداد الدولي بالصواريخ وإصابة طائرات مدنية، والأضرار بمدرج المطار، محاولة جديدة لتقويض سمعة العراق التي جهدنا في استعادتها إقليمياً ودولياً، وتعريض معايير الطيران الدولي في المطارات العراقية للخطر، ونشر أجواء من الشكوك حول الأمن الداخلي، كون مطار بغداد هو إحدى واجهات البلاد، فضلاً عن تقويض جهود الخطوط الجوية العراقية في تطوير عملها والانفتاح وتحليق طائرات العراق في مختلف الأجواء العالمية”.

وتابع بيان الكاظمي، أن “هذه العملية الإرهابية الغادرة تأتي امتداداً لسلسلة من الاستهدافات بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة للمنشآت المدنية والعسكرية التابعة للدولة العراقية، ومقار الأحزاب السياسية لتعبر عن محاولات محمومة لكسر هيبة الدولة والقانون والنظام أمام قوى اللا دولة، وتقويض إنجازات السياسة الخارجية العراقية، والطعن بمصالح الشعب”. وأوضح أن “القوى الأمنية العراقية التي أخذت دورها كاملاً في توفير الأمن ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله سيكون لها رد حاسم على هذا النوع من العمليات الخطيرة التي تقف خلفها أجندات لا تريد للعراق خيراً”. وتابع، “إنني من موقعي كرئيس لمجلس وزراء العراق وقائد عام للقوات المسلحة، أدعو كل القوى، والأحزاب، والتيارات السياسية، والفعاليات المختلفة إلى التعبير عن رفضها وإدانتها الصريحة والواضحة لهذا الهجوم الخطير، ودعم قواتنا الأمنية في عملياتها ضد مطلقي الصواريخ، وإن الصمت على هذا النوع من الاستهدافات بات المجرمون يعدونه غطاء سياسياً لهم”. ودعا رئيس مجلس الوزراء، “الدول الصديقة للعراق إقليمياً ودولياً إلى عدم وضع قيود للسفر أو النقل الجوي من وإلى العراق، بما يشكل إسهاماً في ردع الإرهاب عن تحقيق غاياته”.

وفي سياق متصل، أكد رئيس “الكتلة الصدرية” حسن العذاري أن استهداف المنشآت الحكومية ومطار بغداد من أفعال أعداء العراق، وقال العذاري إن “استهداف المنشآت الحكومة عموماً ومطار بغداد على وجه الخصوص، إنما هو من أفعال أعداء العراق الذين يسعون بأفعالهم لعزل العراق دولياً واقتصادياً”، وأضاف، “لكننا نقول، سنجعل العراق دولة خالية من الإرهاب والسلاح المنفلت من خلال حكومة أغلبية وطنية تحرص على أمن المواطن وسيادة العراق”.

أمن الوطن والمواطن

بدوره، قال رئيس تحالف “عزم”، مثنى السامرائي، إن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية للدفاع عن أمن الوطن والمواطن بعد استهداف مطار بغداد الدولي. ولفت في بيان إلى أن “مشروع بناء الدولة يتطلب حكمة بالغة وتضامناً في الواجبات وشراكة في المسؤولية، وما يجري من تجاوزات أمنية، وآخرها استهداف مطار بغداد الدولي، هو تقويض متعمد لمسار الانفتاح الدبلوماسي على العالم”.

أضاف السامرائي، “لقد آن الأوان لإيقاف هذه الاعتداءات الإرهابية والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بسيادة العراق وتخريب مرافقه الحيوية، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية للدفاع عن أمن الوطن والمواطن”.

واشار الباحث السياسي نبيل جبار العلي إلى أن “حادثة استهداف المطار المدني في بغداد تأتي كنقلة نوعية كبيرة في طبيعة الصراع داخل العراق، خصوصاً كونها تشير إلى لمسات مجاميع مسلحة لها إرث في التعامل مع تلك الأنواع من الهجمات، من حيث الأدوات المستخدمة، والبصمات الهجومية والأسلوب، وفي فترة سياسية عصيبة اشتدت فيها الأزمة بين الأطراف السياسية الشيعية حول تشكيل الحكومة المقبلة”.

من السلام إلى الحرب

وتابع العلي، “من ملاحظة الردود السياسية إثر الهجوم الصاروخي على المطار، أتى بعضها مستنكراً متبرئاً، كما هي الحال مع ردود أطراف الإطار التنسيقي، ومتهماً أطرافاً، في محاولة لخلط الأوراق، في وقت أتت فيه الردود الأخرى محذرة منذرة، كما هي الحال في تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يفسرها اللون الأحمر وعبارة (لا تستهدفوا مصالح الشعب)، وهو ما ينذر أن تتجه الأمور إلى تصعيد قد يصل إلى الصراع على الأرض وينهي حال السلام إلى حال الحرب”.

أضاف العلي، “قد تشير مجموعة الاستهدافات إلى وجود تنظيمات ومجاميع مسلحة غير مرتبطة سياسياً بمجموعة الإطار التنسيقي التي توجه لها أصابع الاتهام، أو وجود قوى وميليشيات جديدة تحاول أن تخلق معادلة جديدة في الشارع العراقي، من خلال الاستهداف المستمر لأرتال النقل اللوجيستي للقوات الأمنية خلال الفترة الماضية، أو الاستهدافات النوعية كما حصل باستهداف منزل رئيس الوزراء أو منزل رئيس مجلس النواب وآخرها استهداف المنطقة المدنية من مطار بغداد الدولي”.

أما الخبير في الشأن السياسي والأمني علي البيدر فأشار إلى أن “قضية الإرهاب قضية دولية لا تتوقف عن حدود بعض الدول، والفكر الديني لتلك الجماعات لا يعترف بالحدود التي وضعتها السياسة، كونه يرى أن المنهج الذي يستند عليه في حربه هذه أكبر من أن تحدده مواقف سياسية، لذلك تسعى الجماعات الدينية المتطرفة إلى الانتشار في أكثر من اتجاه وتوسيع رقعة الصراع”. وتابع، “استطاعت تلك الجماعات الوصول إلى العراق في عام 2014 نتيجة وجودها في سوريا، وهذا ما يؤكد أن التنظيم يحاول نقل معركته إلى العراق التي يراها بيئة مناسبة له”. وشدد الخبير الأمني على وجوب أن “تضع المؤسسات الأمنية خطة استراتيجية لمنع تدفق المسلحين عبر الحدود، خصوصاً أنهم يستغلون الظروف الجوية الصعبة في تلك المناطق، وضرورة إشراك التحالف الدولي بتلك الخطة كونه يمتلك جهداً استخباراتياً كبيراً وتقنيات حديثة”. وحذر البيدر من أن “تمكن تلك المجاميع من الوصول إلى العراق بأي طريقة، سوف يتسبب بفوضى أمنية، خصوصاً أن هناك أزمات سياسية قد تسبب في إرباك الوضع الأمني أيضاً”.

اندبنت عربي