أجندة قمة عربية قد لا تعقد في الجزائر تعمق الخلافات

أجندة قمة عربية قد لا تعقد في الجزائر تعمق الخلافات

تهدد وتيرة الخلافات المتصاعدة بين الجزائر وجامعة الدول العربية بنسف القمة المزمع تنظيمها بالبلاد في مارس المقبل، وتراهن الجزائر على احتضان هذا الحدث لتحقيق أهداف دبلوماسية في المنطقة، فضلا عن تقديمه كمنجز سياسي يمكن تسويقه للرأي العام.

الجزائر – تعترض القمة العربية المنتظرة في الجزائر العديد من المعوقات التي تدفع إلى عدم انعقادها، في ظل الخلافات المستعرة بين البلد المستضيف من جهة والجامعة العربية من جهة أخرى، وحتى بعض الدول العربية الفاعلة، حيث لم تستقر البوادر لحد الآن على جدول أعمال معين، يرفعه لقاء وزراء الخارجية إلى الرؤساء والملوك.

ويبدو أن الجزائر التي قررت احتضان القمة بغرض تحقيق مكاسب دبلوماسية وإقليمية لتسويقها لدى الرأي العام المحلي على أنها أحد إنجازات السلطة الجديدة في البلاد، توجد في ورطة بسبب عدم توفيقها لحد الآن في تحقيق إجماع أولي حول جدول الأعمال الذي يطرح على جلسات الرؤساء والملوك وقادة الوفود.

ورغم موقف دولة الكويت الدافع إلى انعقاد القمة، إلا أن ما ظهر من تضارب بينها وبين الجامعة العربية حول الموعد، وتردد العديد من المقاربات حول الملفات التي يتم التداول بشأنها، يضع العمل العربي المشترك في مأزق غير مسبوق، يهدد بنسف القمة برمتها، لاسيما في ظل الخلافات الأولية التي ظهرت بين مختلف الأطراف.

وفيما شددت الدبلوماسية الجزائرية على ملفي عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وتحقيق مصالحة وطنية فلسطينية تتوج جلسات الحوار الجارية على أراضيها، فإن بوادر فشل الحوار المذكور في ظل تصلب مواقف أطراف فلسطينية معينة وعلى رأسها حركة حماس، واعتراض أطراف عربية أخرى على عودة سوريا إلى مقعدها، يضع خارطة طريق القمة على حافة المجهول.

أحمد أبوالغيط: موضوع عودة مقعد سوريا لجامعة الدول العربية لم يطرح

وفي هذا الشأن قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط إن “وزراء الخارجية العرب ناقشوا القضية السورية ولكن لم يطرح موضوع عودة مقعد سوريا لجامعة الدول العربية”.

ويبدو أن الدبلوماسية الجزائرية أمام تحدّ حقيقي، بسبب تمسك مختلف الأطراف بمواقفها، وإن لم يظهر أي موقف معارض للقمة، في ظل تساؤل بعض الدوائر السياسية والإعلامية عن جدواها في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، خاصة في ما يتصل بالملفات الحاسمة، كالعلاقات العربية – الإسرائيلية والعلاقات العربية – الإيرانية، والوضع الغامض في السودان وليبيا.

وصرح وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح بأن “بلاده ستكون أول المشاركين في قمة الجزائر وآخر المغادرين لها”، وذلك على هامش انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب، وكان مستقبل العلاقات الخليجية – اللبنانية في صدارة اهتماماته.

وشدد الأمين العام للجامعة العربية على أن “الوزراء ناقشوا القضية السورية ولكن لم يطرح موضوع عودة مقعد سوريا، وأن الجزائر طرحت موعدا محددا وليس في مقدورها الكشف عن هذا الموعد، وبالتالي ليس هناك جدول أعمال حتى الآن”.

لكن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أكد في آخر تصريح له بأن “وزراء الخارجية العرب سيعلنون في شهر مارس عن موعد القمة العربية”، وهو ما يؤكد أن الاستحقاق بات في حكم الإشعار غير المسمى.

ويكرس عدم توصل وزراء الخارجية العرب إلى إعلان موعد القمة التي كانت منتظرة شهر مارس القادم، وعدم جرأة الجزائر على كشف موعدها المقترح، مدى الهشاشة التي تطبع العمل العربي المشترك، مما يزيد في اهتزاز صدقيتها وفشل الآليات التقليدية (الجامعة العربية والقمة العربية) في النهوض بعلاقات عربية – عربية تكون في مستوى طموحات الشعوب.

وإذ حاز مقترح عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية على تأييد عدد من الدول العربية على غرار الأردن والعراق ومصر وتونس، فإن الإجماع يبقى بعيدا في ظل استمرار الاعتراض من طرف دول أخرى، كما تطرح مسألة تمثيل كل من السودان وليبيا في القمة إشكالات أخرى بسبب عدم اتضاح الرؤية بالنسبة إلى المؤسسات السيادية المخولة بالحضور.

رغم موقف دولة الكويت الدافع إلى انعقاد القمة، إلا أن ما ظهر من تضارب بينها وبين الجامعة العربية حول الموعد، يضع العمل العربي المشترك في مأزق غير مسبوق يهدد بنسف القمة برمتها

وتعتبر الجزائر من أبرز المدافعين عن عودة سوريا إلى المنتظم العربي، وكانت من المعارضين القلائل لقرار طردها من الجامعة العربية، انطلاقا من معارضتها الشديدة لموجة الربيع العربي وسقوط الأنظمة الرسمية، بينما رأت أطراف أخرى أن النظام السوري بممارساته القمعية بات يشكل خطرا على الشعب السوري وعلى المنطقة عموما.

ويبدو أن الجزائر غير مطمئنة بسبب غموض الموقف المصري بعد ظهور بوادر تنسيق مصري – خليجي، ودعما للمقاربة المغربية في حل نزاع الصحراء، باتت تعول على دولة الكويت لإنقاذ الموقف غير المريح لها، في ظل بوادر الفشل التي تهدد القمة العربية، والذي سينعكس على السلطة لدى الشارع الجزائري.

وذكر بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن الرئيس عبدالمجيد تبون حمّل وزير خارجيته لعمامرة رسالة إلى أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ضمنها مواقف بلاده “المبدئية والمتضامنة مع الكويت وبقية دول الخليج وإشادة بالعلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين”، وهو ما ينطوي على أمل جزائري في الكويت لكسر عدم تحمس دول الخليج للقمة في الظرف الراهن.

وأضاف “كما اتفقا على تعزيز مجالات التعاون الدبلوماسي وتوطيدها على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف، خاصة الرفع من زخم العمل المشترك والتعاون الجزائري – الكويتي، تحضيرا للقمة العربية بالجزائر، فضلا عن توفير الدعم لترشيح الجزائر لعضوية الهيئة غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي”.

وفي أول تعليق للجزائر عن الحوار الفلسطيني الجاري على أراضيها، أعرب وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج لعمامرة عن تفاؤل بلاده بشأن المصالحة الفلسطينية رغم أنها في بداية المشوار، وأن الجزائر حريصة على حضور فلسطيني في القمة العربية بوفد يحظى بإجماع كل الفصائل.

العرب