عدن (اليمن) – عاد التوتر ليخيّم مجددا على العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وسلطة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الأمر الذي بات يهدّد جهود الرياض في توحيد أجنحة الشرعية، ومستقبل حكومة المناصفة.
وتقول أوساط سياسية يمنية إن التوترات بين المجلس الانتقالي وسلطة هادي لن تهدأ، طالما استمرت هيمنة حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان على سلطة القرار داخل الشرعية.
وتشير الأوساط إلى أن تدخلات المملكة العربية السعودية في الفترة الماضية لجهة تخفيف الأزمة الداخلية في صلب السلطة، ومنها الضغط على الرئيس هادي لإقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو وتعيين الزعيم القبلي عوض العولقي ساهمت نسبيا في التهدئة، لكنها لم تعالج جذور المشكلة.
وتلفت الأوساط السياسية إلى أن الرئيس هادي حرص في مقابل إقالة بن عديو على تقديم ترضيات لحزب الإصلاح وهو ما ترجم في حركة السفراء التي جرت مؤخرا.
وانتقدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الاثنين الإجراءات الأحادية الصادرة عن السلطة الشرعية في اليمن، معتبرة أنها محاولة لضرب اتفاق الرياض.
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته الهيئة بقيادة نائب الأمين العام فضل محمد الجعدي، وتم خلاله بحث جملة من الملفات من بينها التحديات التي تواجهها المحافظات الجنوبية على غرار محافظة حضرموت.
المجلس الانتقالي الجنوبي للشرعية: لن نسمح باستمرار العمل بالقرارات أحادية الجانب
وقالت الهيئة إنها لن تسمح باستمرارية العمل بالقرارات أحادية الجانب الصادرة من جانب الشرعية، والتي تسعى من خلالها بعض القوى إلى ضرب اتفاق الرياض وإفشاله، مشيرة إلى أنها لن تتردد في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف تنفيذ تلك القرارات الأحادية متى تطلّب الأمر ذلك.
ويقضي اتفاق الرياض بين سلطة الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، بتشكيل حكومة مناصفة وبإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وتوحيد القوات العسكرية وضمّها إلى وزارة الدفاع وتوزيعها تحت إشراف قيادة التحالف العربي. إضافة إلى مشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحلّ السياسي النهائي.
ولئن تم تنفيذ الشق المتعلق بتشكيل الحكومة، بيد أن باقي بنود الاتفاق ظلت معلقة بسبب مواقف بعض القوى داخل الشرعية وفي مقدمتهم حزب الإصلاح الإخواني الذي يرى بأن تلك البنود تتعارض ومصالحه السياسية، وهو يعمل جاهدا للحيلولة دون تنفيذها.
وبدت تصريحات الهيئة الرئاسية لمجلس الانتقالي، موجهة إلى القرارات التي اتخذتها الشرعية بخصوص الأزمة الاقتصادية والمالية التي تتخبط فيها المناطق المحررة، والتي لم تعط حتى الآن أكلها باعتبارها حلولا ترقيعية لا ترتقي إلى معالجة جوهر المشكلة، ما يعمق الشكوك حولها.
وطالبت الهيئة، حكومة المناصفة باتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة أزمة المشتقات النفطية، وإيجاد حلول ناجعة لإنهاء الأزمة التي وصفتها بالمفتعلة من قبل “عناصر الجشع والنفوذ على حساب المواطن”، مؤكدة على ضرورة العمل بآليات الاستيراد والتوزيع القانونية التي تؤمن استقرار أسعارها وتوافرها بشكل دائم.
ويقول مراقبون يمنيون إن بعض القوى تسعى إلى تكريس الأزمة الاقتصادية في محافظات الجنوب، بغرض إبقائها تحت ضغط الانفجار الشعبي، لافتين إلى أن سلطة هادي تماطل حتى الآن في اتخاذ قرارات حازمة لوضع حدّ لهذه المشاريع والأجندات.
ويشير المراقبون إلى أن تصريحات المجلس الانتقالي الحازمة والتي توحي بتصعيد في الأفق ليست موجهة فقط إلى قرارات الشرعية ذات الصبغة الاقتصادية، بل وأيضا إلى التعيينات التي جرت مؤخرا على مستوى السفراء.
وأصدر الرئيس اليمني الأسبوع الماضي قرارا بتعيين الوزير السابق محمد عبدالواحد محمد الميتمي سفيرا فوق العادة ومفوضا لدى جمهورية الصين الشعبية.
كما عين الرئيس هادي اللواء محمد صالح أحمد طريق سفيرا فوق العادة ومفوضا لدى الجمهورية التركية.
ويرى المراقبون أن هذه التعيينات هي ترضية لبعض القوى خصوصا تعيين الميتمي الذي سبق وأن صدرت عنه مواقف ضد المجلس الانتقالي وضد دول إقليمية ضمن التحالف العربي، قال إنها “تسعى إلى تمزيق اليمن والانقلاب على الشرعية”.
ويلفت المراقبون إلى أن منطق الترضيات الذي تنتهجه سلطة هادي في التعيينات يتعارض ومنطق الدولة التي تقوم على اختيار كفاءات لا على أساس ولاءات، معيدين التذكير بالعرض الذي قدم لمحافظ شبوة المستقيل بتولي منصب سفير.
ويشير المراقبون إلى أن المسار الذي تنتهجه السلطة الشرعية يشكل تهديدا لجهود توحيد الصفوف في مواجهة المتمردين الحوثيين، كما أنه يمثل تحديا لاستمرارية حكومة المناصفة.
وكان المجلس الانتقالي لوّح في نوفمبر الماضي بالانسحاب من حكومة المناصفة التي جاء بها اتفاق الرياض برئاسة معين عبدالملك، قبل أن يتراجع عن قراره بعد زيارة قام بها رئيسه عيدروس الزبيدي إلى المملكة العربية السعودية، بدعوة من الرياض.
العرب