نشرت صحيفة “التايمز” مقالا للمعلق روجر بويز عن الدروس التي تعلمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحرب في سوريا وهي أن “القصف يجدي” مشيرا إلى أن الجنرالات الروس يفضلون القصف الصاروخي على عملية احتلال استنزافية.
وقال إن روسيا لديها جيش يتعلم الدروس وبسرعة ( على الأقل في هذا القرن)، فهو يصحح الأخطاء ويكيف تكتيكاته للتكنولوجيا الجديدة ويعد خططا تبقي أعدائه في حالة تكهن مستمرة.
وبعد حملة القصف في سوريا التي نفذتها روسيا في الفترة ما بين 2015- 2016، لم يجد الجنرالات الوقت لكي يزيحوا الغبار عن أحذيتهم العسكرية قبل أن يحاضروا الجيل القادم في كلية الأركان وتعلم الدروس.
وتم تحليل الحملات العسكرية في الشيشان واستخدام السرعة والخداع في ضم القرم عام 2014 وتدمير الدبابات الروسية الصنع في الحرب الأذرية- الأرمينية العام الماضي. كل هذا يعطي التميز لروسيا في المواجهة الحالية على الحدود الأوكرانية، وهي قدرة موسكو المتفوقة في تقديم الحلول الإبداعية إن لم تكن القاسية للكرملين وليس دهاء فلاديمير بوتين.
ويرى الكاتب أن الافتراضات الغربية تقوم على قبول بوتين بصفقة ثم سحب قواته بشكل تدريجي من أطراف أوكرانيا أو التصعيد من خلال الاستيلاء على أراض بأمل الحصول على صفقة أحسن، أو شن حرب شاملة وتحويل قواته إلى جيش محتل.
ولحد الآن ركز الغرب جهوده على الخيار الثالث وزيادة كلفة الحرب على بوتين من خلال تزويد أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات ومسيرات تدمر الدبابات إضافة إلى رفع مستوى المواجهة من خلال عقوبات قاسية والتفكير بدعم المقاومة ضد الإحتلال الروسي.
ويقول الكاتب “حتى الآن ليس لدي انطباع من الخبراء العسكريين أن الغزو الشامل سيحدث. فالقوات الروسية موزعة مثل لبان ممتد على الحدود الأوكرانية، كما أن الجيش ليس مستعدا لاحتلال شامل”. وإلى جانب ذلك “أثبت الروس أنهم محتلون أغبياء في أفغانستان وأوروبا الشرقية. والقوات الروسية في الخارج ليست بارعة في لعبة كسب العقول والقلوب”.
وقال بويز إنه كان متشككا في الغزو الروسي لأوكرانيا عندما شاهد بطء حركة الجيش في نهاية كانون الأول/ديسمبر. ويبدو أن الروس لا يقومون ببناء حشود ضخمة وحتى قوة احتلال استكشافية من حدود بيلاروسيا حتى كييف، وستكون خطوة بعيدة المدى.
وعلى الورق يبلغ عدد القوات الأوكرانية 255.000 جنديا بـ 900.000 جندي احتياط ولهذا فكييف محصنة بشكل جيد. وواحد من دروس الحملات في الشيشان هي الطريقة السريعة التي ينقلب فيها الرأي المحلي من الحرب عندما تبدأ توابيت الزنك بالوصول إلى القرى الروسية.
و “اليوم، فلست متأكدا”من هذا ولكن “هناك إشارات واضحة عن جيش يستعد للتحرك”. وكما يقول مايكل كوفمان، الخبير في الجيش الروسي بمركز سي إن إي “يبدو هذا أٌقل من كونه وضعا يمكن الحفاظ عليه لمدة طويلة” بل هو “حشد لأمر ما”. وبدأت الوحدات اللوجيستية وورشات الصيانة والوحدات الطبية المتحركة وعمليات تزويد الدم بالظهور على الجبهات بعد نهاية عيد الميلاد حسب التقويم الشرقي. وتم استدعاء الاحتياط في بعض المناطق العسكرية القريبة من الحدود الأوكرانية. وزادت شركة فاغنر وغيرها من شركات التعهدات الأمنية من عملية تجنيد المحاربين السابقين ولكي تتولى مهام الحراسة حتى يتاح للوحدات العملية التحرك أماما.
وحذرت وزارة الدفاع الروسية عائلات المجندين بأن أبناءهم لن يستطيعوا استخدام هواتفهم أثناء عملية نشرهم، مما يعني عدم وصول إشارات، أو أنها مبرر أعوج لتطمين العائلات أن أبناءهم لن يرسلوا إلى محاور القتال.
وصلت آليات بناء إزالة الطين ومعدات بناء الجسور إلى الحدود الأوكرانية، مما يعطي إشارة أن الهجوم الروسي لن تقف أمامه الظروف الجوية.
ويرى الكاتب أن تحديد الاتصالات مع البيوت هو درس تعلمه الجيش الروسي من حرب الشيشان. كما ووصلت آليات بناء إزالة الطين ومعدات بناء الجسور إلى الحدود الأوكرانية، مما يعطي إشارة أن الهجوم الروسي لن تقف أمامه الظروف الجوية. كل هذه التحركات والإشارة هي وسيلة روتينية للتكهن بقرب الغزو.
ولو حصل، يرى خبراء الغزو أن الهجوم سيحدث في الفترة ما بين 20-22 شباط/فبراير، وهذا بعد نهاية دورات الألعاب الشتوية في بيجين ونهاية المناورة العسكرية المشتركة بين روسيا وبيلاروسيا. ولو بقيت القوات الروسية في مكانها، فإن الوقت قد حان الوقت لكي يستثمر الجيش الأوكراني بالخوذ الفولاذية، وهو الدعم الذي تلقاه حتى الآن من ألمانيا.
إلا أن الدرس الذي تعلمه الروس من المشاركة في روسيا هي السرعة ودقة وقوة القصف التدميرية.
فهناك 52 صاروخا باليستيا من نوع اسكندر حول أوكرانيا وتضم قائمة أهدافها، مخازن الوقود والقواعد الجوية والدفاعات الجوية. ويقوم الطيران الروس بالتدرب على هذه المهام ولعدة أشهر. وشارك أسطول البحر الأسود في بعض هذه التمارين. وفي القصف الروسي ضد أعداء بشار الأسد، دك ما قالت روسيا إنها أعشاش إرهابيي تنظيم “الدولة” وأدى إلى نجاة وكيلها الديكتاتور بأقل عدد من الضحايا.
ورغم غضب الغرب على تدمير المستشفيات إلا أن روسيا باتت تؤمن بالقوة الجوية الحاسمة في المواجهة عبر الحدود. وحصل مئات الضباط الروس على تجربتهم في سوريا، ولن يكون مفاجئا اعتقاد بعضهم أن الجمع بين الهجمات الإلكترونية وإطلاق الصواريخ هي وسيلة لتدجين أوكرانيا وتحقيق حل سياسي سريع، وستكون الحملة الحالية لو حدثت مثل عاصفة صحراء أكبر من 2014.
القدس العربي