تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بتنسيق ردهما على الحشود العسكرية الروسية عند الحدود الأوكرانية، بينما توجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الأوكرانية كييف اليوم الخميس، في مسعى لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأكد الرئيس التركي في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة صباح الخميس قبيل توجهه في زيارة رسمية إلى أوكرانيا، دعوة بلاده جميع الأطراف في الأزمة الروسية الأوكرانية إلى ضبط النفس والحوار من أجل إرساء السلام في المنطقة.
وتأتي زيارة أردوغان بمناسبة مرور 30 عاماً على بدء العلاقات بين تركيا وأوكرانيا، وخلالها ستعقد النسخة العاشرة من اجتماع المجلس الإستراتيجي رفيع المستوى بمشاركة رئيسي البلدين.
بدورها، قالت الخارجية التركية في بيان إن كييف حليف إستراتيجي، وإن تركيا تدعم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، ولا تعترف بالضم “غير الشرعي” لشبه جزيرة القرم (من قبل روسيا)، أمّا في دونباس (شرقي أوكرانيا)، فإنها تؤيد إيجاد حل سلمي يتوافق مع القانون الدولي.
وفي 21 يناير/كانون الثاني الماضي أعلن أردوغان أن أنقرة مستعدة للقيام بالوساطة لنزع فتيل التوتر بين روسيا وأوكرانيا.
وأعرب عن أمله في ألا تقدم روسيا على عمل عسكري ضد أوكرانيا، مشددا على ضرورة حل القضية عبر الحوار وتجنب استخدام القوة، لأن نشوب حرب لن يعود بالنفع على الدولتين ولا على المنطقة.
تنسيق أميركي فرنسي
وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس بايدن ونظيره ماكرون أكدا في مكالمة هاتفية الأربعاء دعمهما لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، مشددا على أن الجانبين اتفقا على الاستعداد لفرض عقوبات اقتصادية سريعة وشديدة على روسيا في حال غزوها أوكرانيا.
واتفق الرئيسان على أن تظل فرقهما على اتصال وثيق، بما يشمل التشاور مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي والشركاء في الاتحاد الأوروبي، بشأن المقاربة المنسقة والشاملة لإدارة ملف أوكرانيا.
بدورها نقلت رويترز عن الإليزيه أن ماكرون وبايدن اتفقا على ضرورة مواصلة الحوار من أجل تنفيذ اتفاقيات مينسك.
وفي السياق ذاته، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من خطورة الوضع في أوكرانيا.
وأوضح لودريان في رده على سؤال حول تبعات أي تدخل روسي في أوكرانيا، أن روسيا ستتعرض لعقوبات مشددة في حال إقدامها على المساس بسيادة أوكرانيا.
وتتهم الدول الغربية روسيا بحشد أكثر من 100 ألف عسكري على حدودها مع أوكرانيا، في تحرك اعتبره الغرب تحضيراً لغزو وشيك، محذراً موسكو من أن أي توغل لقواتها في الجمهورية السوفياتية السابقة سيُقابل “بعواقب شديدة”.
وترفض روسيا الاتهامات بشأن تحركات قواتها داخل أراضيها وتنفي وجود أي خطط عدوانية لديها تجاه أوكرانيا.
أزمة مصطلحات
وفي سياق متصل، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أنها لن تصف بعد اليوم الهجوم العسكري الروسي المحتمل على أوكرانيا بـ”الوشيك”، مع أن الإدارة الأميركية لا تزال تعتبر أن هذا الغزو “قد يحصل في أي وقت”.
وقالت ساكي خلال مؤتمرها الصحفي اليومي، “لقد توقفنا عن استخدام (هذا المصطلح) لأنّني أعتقد أنه بعث رسالة مغايرة عن تلك التي كنا ننوي إرسالها”.
وحاولت كبيرة المتحدثين باسم الرئاسة الأميركية في توضيحها هذا إزالة اللبس الذي أحدثه قولها أمام الصحفيين الأسبوع الماضي إن القوات الروسية المحتشدة على الحدود مع أوكرانيا ربما تكون بصدد الاستعداد لشن هجوم “وشيك” على الجمهورية السوفياتية السابقة.
وبعد أيام من تصريحها هذا، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب إلى الكف عن التهويل و”إثارة الذعر” بشأن الوضع على الحدود بين بلاده وروسيا.
وأوضحت أن قولها إن الغزو “وشيك” فسره البعض وكأن واشنطن علمت ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ قراراً بغزو جارته الموالية للغرب، في حين أن الوضع ليس كذلك.
وأضافت أن موقف الإدارة الأميركية الثابت من هذه المسألة هو أن الرئيس الروسي حشد جنوده في وضعية “تمكنهم من القيام بغزو في أي وقت”.
زيارة ألمانية
بدوره، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس مساء الأربعاء أنه سيزور موسكو قريبا لبحث الأزمة الأوكرانية مع بوتين.
وقال شولتس لشبكة “زد دي إف” التلفزيونية العامة، “في الوقت الراهن سأذهب إلى الولايات المتحدة في السابع من فبراير/شباط الجاري، وقريباً سأذهب أيضاً إلى موسكو لإجراء مباحثات تتعلق بالأزمة الأوكرانية”.
ولم يحدد المستشار الألماني موعد توجهه إلى موسكو، مكتفياً بالقول إن الزيارة “تم تحديد موعدها وستحصل قريباً”.
وشدد الزعيم الاشتراكي الديمقراطي على أنه ينبغي أن تكون هناك سياسة منسقة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي حول هذه الأزمة.
بدوره، لم يستبعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتوجه إلى موسكو وكييف في محاولة لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة.
وقال ماكرون في توركوان بشمال فرنسا على هامش اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي “الأولوية بالنسبة لنا تكمن في احتواء التصعيد وإيجاد السبل السياسية للخروج من الأزمة، وهذا يستدعي القدرة على المضي قدماً على أساس اتفاقات مينسك”.
قوات أميركية
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت أن الرئيس جو بايدن قرر نشر نحو ألفي جندي أميركي إضافي في أوروبا خلال الأيام المقبلة.
وأوضح البنتاغون أنه سيعاد نشر ألف جندي من ألمانيا في رومانيا، مؤكدا أن نشر هذه القوات يأتي للردع، وأنه يبعث رسالة مفادها أن واشنطن مستعدة لصد أي عدوان.
كما قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن القوات الأميركية التي أعلن عن إرسالها إلى أوروبا لن تقاتل في أوكرانيا، بل هدفها ضمان الدفاع القوي عن أراضي حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأوضح برايس أن هذه التحركات ليست دائمة وإنما تأتي استجابة للبيئة الأمنية الحالية. وأضاف أن الإجراءات التي أعلن عنها في البنتاغون رادعة ودفاعية.
أما فيما يتعلق بالاتصالات مع روسيا فقد أشار إلى أن الروس يعدون ردا مكتوبا على ما قدمته واشنطن. وتوقع أن ينقل الرد بالتفصيل موقفهم والحل الذي يبدو لهم قابلا للتطبيق.
وأوضح أن الولايات المتحدة والناتو لم يقدما لروسيا خارطة طريق محددة، بل مقترحات لمزيد من الانخراط الدبلوماسي.
تحذير روسي
في المقابل، حذر مجلس الدوما الروسي من خطوة نشر قوات أميركية في أوروبا الشرقية، وقال إنها خطوة غير بناءة قد تدفع موسكو للرد.
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن الدبلوماسية تتواصل لدرء أي هجوم روسي.
يأتي هذا في وقت أظهرت فيه صورٌ تعزيزَ روسيا لقواتها قرب حدودها، وفي بيلاروسيا.
المصدر : الجزيرة + وكالات