يبدي سياسيون أكراد تفاؤلا حذرا حيال إمكانية توصل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني لتسوية بشأن رئاسة الجمهورية في العراق، معتبرين أن استمرار الانقسام حول هذا الملف سيولد المزيد من الحساسيات بين الحزبين.
بغداد – يرى سياسيون أكراد أن تأجيل انتخاب رئيس للجمهورية في العراق أفسح المجال أمام الحزبين الكرديين الرئيسيين للتوصل لتسوية بشأن مرشح توافقي للمنصب، محذرين من أن سياسة شد الحبال بين الطرفين من شأنها أن تخلق أزمات إضافية ستطال شظاياها إقليم كردستان.
وفتح مجلس النواب العراقي باب الترشح مجددا لمنصب رئيس الجمهورية، بعد أن فشل في عقد جلسة الاثنين الماضي لانتخاب رئيس للبلاد، بسبب الجدل المثار حول مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري على خلفية ملفات فساد تلاحقه.
وكان عدد من الكتل الوازنة بينها التيار الصدري والحزب الديمقراطي وتحالف السيادة السني قاطعت جلسة انتخاب الرئيس، الأمر الذي عرقل النصاب الذي يستند على حضور ثلثي أعضاء المجلس.
مصطفى الكاظمي: الفوضى لا ترحم أحدا، والجميع سيدفع الثمن
ويشير السياسيون إلى أن إصرار الحزب الديمقراطي على السير بمرشحه زيباري لن يؤدي إلا إلى مزيد تعقيد الأزمة السياسية في العراق، وتهديد الشراكة مع الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا طبعا سيلقي بظلاله على الاستقرار السياسي داخل الإقليم.
ويلفت السياسيون إلى أن الاتحاد الوطني يبدي انفتاحا على التسوية مع الحزب الديمقراطي، لكنه متمسك في الآن ذاته بمرشحه الرئيس الحالي برهم صالح، باعتباره الشخصية الأقدر لتولي هذا المنصب.
ويرتبط الحزب الديمقراطي الذي يقوده مسعود بارزاني باتفاق مع الاتحاد الوطني الذي يشرف عليه حاليا بافل طالباني، ويستند الاتفاق إلى تولي الأول رئاسة الإقليم وفي مقابل ذلك تؤول رئاسة الجمهورية في العراق إلى الاتحاد الوطني.
وأظهر الحزب الديمقراطي رغبة في نقض هذا الاتفاق متسلحا بالنتائج التي حققها في الانتخابات التشريعية الأخيرة بواقع واحد وثلاثين مقعدا، وبحاجة القوى العراقية للتحالف معه، للسيطرة على أهم المناصب القيادية للأكراد.
وكان الحزب الديمقراطي أبدى خلال النقاشات مع الاتحاد الوطني مسايرة لاختيار مرشح من الأخير لكنه انقلب بعد ذلك على موقفه، بذريعة إصرار الاتحاد على صالح الذي يملك تحفظات عليه.
ويرجح السياسيون الأكراد أن يستأنف الحزبان المناقشات حيال ملف الرئاسة، مشيرين إلى أن تمسك الديمقراطي بزيباري يشكل خطأ فادحا، حتى وإن وافقت المحكمة الاتحادية على ترشحه، وهو أمر مستبعد.
وأعلن نائب رئيس كتلة الاتحاد الوطني في البرلمان العراقي ملا كريم شكور الأربعاء أن الخلاف حول رئاسة الجمهورية بين الحزبين الرئيسيين الكرديين لن يؤثر على التحالف الاستراتيجي بينهما، مشيرا إلى أن فرصة التفاهم على المنصب وحل الخلافات ما تزال
قائمة.
وقال شكور في تصريحات صحافية إن “الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي يربطهما حلف استراتيجي منذ عام 1992 في إدارة إقليم كردستان بالشراكة ومع الأحزاب الكردية الأخرى، وأن الخلاف حول منصب رئيس الجمهورية لن يبعد الاتحاد عن الديمقراطي”.
وأضاف أن “هناك فرصة ثانية للتفاهمات وحل المشكلات العالقة بين البارتي، الحزب الديمقراطي، واليكتي، الاتحاد الوطني، لحسم خلاف رئاسة الجمهورية”، لافتا إلى أن “المنصب من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني، والأكراد بشكل عام حصرا”.
مجلس النواب العراقي فتح باب الترشح مجددا لمنصب رئيس الجمهورية، بعد أن فشل في عقد جلسة الاثنين الماضي لانتخاب رئيس للبلاد
ويرجح مراقبون أن يمارس التيار الصدري ضغوطا على الحزب الديمقراطي للتوصل إلى تسوية مع الاتحاد الوطني، ليس فقط لأن صالح المرشح الوحيد حاليا الذي يتماهى وأجندة الإصلاح التي يطرحها التيار، بل وأيضا لحسابات سياسية أخرى من بينها التخلص من ضغوط الإطار التنسيقي.
وصرح رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاءالدين بأن قرار المحكمة الاتحادية بتحديد الأغلبية بثلثي أعضاء البرلمان كنصاب قانوني لعقد الجلسة البرلمانية المقبلة، لا يخدم تحالف التيار الصدري والحزب الديمقراطي وتحالف السيادة.
ولفت علاءالدين إلى أن أمام هذا التحالف الثلاثي ثلاثة خيارات، إما التفاوض والاتفاق مع الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني، أو الاستمرار بالمعضلة الموجودة والتوجّه نحو الفوضى والصدام، أو إجراء انتخابات برلمانية جديدة، مشددا على أنه لا يمكن للبلاد أن تستمر في هذاالوضع.
وأوضح أن انضمام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى التحالف الثلاثي سيسهل الموقف، ويمكّن من إكمال النصاب القانوني للجلسة البرلمانية المقبلة.
واعتبر رئيس المجلس الاستشاري أن فتح باب الترشح مرة أخرى لمنصب رئيس الجمهورية “مخالفة قانونية ودستورية”، (حيث تنص المادة سبعون من الدستور على حسم منصب رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوما بعد جلسة البرلمان الأولى) ولم يشر الدستور إلى ما بعد انتهاء المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، ما يقود إلى فراغ دستوري.
وحذر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأربعاء من أن العراق يمر بظروف سياسية معقدة، مشددا على وجود مخاطر بحدوث فوضى.
وقال الكاظمي في كلمة له خلال اجتماع لقيادات أمنية بمحافظة ميسان جنوبي البلاد “نمر اليوم بظروف سياسية معقدة جدا، ولا يجوز لأحد استغلال هذه الظروف لإشاعة الفوضى”.
وأوضح أنه “على جميع القوى دون استثناء، الأمنية والسياسية والاجتماعية، التحرك السريع وتحمل مسؤولياتها”.
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أن “الفوضى لا ترحم أحدا، والجميع سيدفع الثمن، وعلينا بالتالي أن نعمل معا ونتعاون لنصل إلى النتائج المرجوة”.
وأمر الكاظمي الاثنين بتشكيل قيادة عمليات للجيش في ميسان، بعد أن اغتال مسلحون مجهولون السبت القاضي أحمد فيصل المختص بملف المخدرات في المحافظة، وقبلها اغتالوا الخميس حسام العلياوي، وهو رائد في قيادة شرطة المدينة.
ويشهد العراق منذ يناير الماضي تصعيدا أمنيا خطيرا طال مقرات حزبية، على وقع الأزمة السياسية المستفحلة، وسط مخاوف متزايدة من وقوع البلاد في حالة من الفوضى إذا لم تنجح القوى السياسية في التوصل إلى اتفاق بشأن إدارة المرحلة المقبلة.
العرب