حشد القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا إلى خلق مواجهة دبلوماسية وتوتر بين روسيا والولايات المتحدة، أكبر قوتين نوويتين في العالم.
ويرى مايكل كيماج، الأستاذ في الجامعة الكاثوليكية الأميركية، والمتخصص في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، أن التوتر الحادث الآن أقل من ذلك الذي حدث خلال الحرب الباردة (من منتصف أربعينات حتى أوائل تسعينات القرن الماضي)، وأن التوتر في جوهره منافسة على النفوذ في أوروبا الشرقية والوسطى، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وحسب كيماج، عُرفت الحرب الباردة بالستار الحديدي، وكان الصراع الآيديولوجي (حول الرأسمالية والديمقراطية) شديداً للغاية، و«كانت ساحة المنافسة حقيقية». أما الآن، فلا يوجد ستار حديدي في أوروبا، ولا يوجد خط واضح يفصل بين روسيا وأوروبا، أو بين أوروبا وروسيا.
وتعد الولايات المتحدة أن دول أوروبا ذات سيادة كاملة ولها الحق في اتخاذ قراراتها الخاصة بشأن الأمن والتجارة والتحالفات، وغيرها. بدورها، ترى روسيا نفسها على أنها تتمتع بامتياز على طول حدودها الغربية، «لأسباب تتعلق بالأمن والهيبة»، وتطالب روسيا في هذه المنطقة بمزيد من النفوذ والاحترام، ولو بتوظيف القوة العسكرية، وفق كيماج.
وتقع أوكرانيا في منتصف هذه المنطقة، ومنذ عام 2014 أصبحت كل من موسكو وواشنطن تنظران إلى أوكرانيا على أنها المقياس لمستقبل أوروبا.
ويرى كيماج أن حلف الناتو أصبح موحداً تماماً منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021، عندما بدأت الأزمة الحالية حول أوكرانيا، وأن الحلف قام بـ3 أشياء: قدم قدراً من المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وأشار إلى أن الحرب بين أوكرانيا وروسيا لا تهم الناتو بشكل مباشر، لأن أوكرانيا ليست عضواً في الحلف، وبالتالي فإن الناتو نفسه لن يقاتل في أوكرانيا؛ وأخيراً أبلغ الناتو روسيا أنه لن يقدم أي تنازلات، ولن يغلق سياسة الباب المفتوح بشأن العضوية، وبالتالي لا يستبعد احتمال قبول أوكرانيا في التحالف، وهو الأمر الذي تعارضه روسيا بشدة.
وفيما يخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يرى كيماج أن أسلوب بوتين الدبلوماسي أصبح عدوانياً وصدامياً واندفاعياً مؤخراً. وأنه (بوتين) يطلق الكثير من التحذيرات والإنذارات و«يتصرف بوقاحة»، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للدبلوماسية بشكل عام والدبلوماسية الروسية بشكل خاص.
ولذلك أسبابه عند كيماج. فبوتين يشعر بالإحباط، لأن حلف الناتو يتوسع بشكل منفرد، ليس فقط في أوروبا الغربية (بعيداً عن روسيا) ولكن أيضاً على عتبة روسيا، في أوكرانيا وأماكن أخرى، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لبوتين، الذي يحمل «مظالم واستياء» تجاه الغرب ويستخدم الأزمة الأوكرانية للتعبير عنها.
جزء آخر من القضية هو «الثقة بالنفس أو الغطرسة»، فبوتين «يتمتع بقوة عسكرية هائلة وقد أظهر أنه على استعداد لاستخدامها (في أوكرانيا، في جورجيا، في سوريا، إلخ)… ويعتقد أن هذه الدرجة من القوة العسكرية تمنحه نفوذاً… وهو يعتقد أن هناك تبايناً بين هذا النفوذ ودرجة الاحترام التي يُظهرها له الغرب».
أيضاً لعب التقارب الصيني الروسي وعلاقة بكين الوثيقة بموسكو دوراً في دعم ثقة بوتين في نفسه، كما أن هذا التقارب قد يشجعه على الاعتقاد بأنه قادر على الصمود والتغلب على الضغوط الغربية عليه.
ووفقاً لكيماج، يعتقد بوتين أن الغرب في «حالة انحطاط، وأنه ليس كما كان عليه من قبل، وأن السياسة الخارجية الأميركية – على وجه الخصوص – عبارة عن سجل من مواقف الفشل (في العراق وأفغانستان وغيرها)، وأن الولايات المتحدة منقسمة داخلياً وأقل التزاماً بالأمن الأوروبي مما تصرح به». لذلك فإن بوتين يعتقد أن العالم قد تغير في السنوات العشر الماضية لصالح روسيا على حساب الغرب.
صحيفة الشرق الأوسط