قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن غزوا روسيّا لأوكرانيا “لا يزال محتملا”، وإن التقارير التي تفيد بأن بعض القوات الروسية ابتعدت عن الحدود الأوكرانية لم تتحقق منها الولايات المتحدة حتى الآن.
وأضاف بايدن “نحن مستعدون للرد بشكل حاسم على أي هجوم روسي على أوكرانيا، وهو احتمال كبير جدا”، وحذر من أن العقوبات الغربية على روسيا “جاهزة” إذا شنت هجوما على أوكرانيا.
وحث الرئيس الأميركي روسيا على التراجع عن شفا الحرب، مشيرا إلى أن أميركا “لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع روسيا”، لكنه هدد “بالرد بقوة” إذا هاجمت روسيا الأميركيين في أوكرانيا، كما تعهد بحماية كل شبر من الدول الأعضاء في الحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وكشف بايدن أن الولايات المتحدة وشركاءها في حلف الناتو “مستعدون لكل ما سيحدث”، وأن روسيا “ستدفع ثمنا اقتصاديا باهظا إذا أقدمت على غزو أوكرانيا”.
وأوضح أن العقوبات “الشديدة” التي تنتظر روسيا ستشكل خصوصا “ضغطا على مؤسساتها المالية الأكبر والأكثر أهمية وعلى صناعات رئيسية”، مكررا أنه لن يتم أبدا تشغيل خط “نورد ستريم 2” لنقل الغاز بين روسيا وألمانيا في حال وقع هجوم روسي.
من جهتها قالت وزارة الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن الولايات المتحدة لديها مخاوف مستمرة بخصوص قدرة روسيا على غزو أوكرانيا، وتحتاج إلى رؤية بشأن “وقف للتصعيد يمكن التحقق منه والوثوق به”.
وتحدث الوزيران هاتفيا بعد أن قالت روسيا إن بعض قواتها عادت إلى قواعدها بعد تدريبات بالقرب من أوكرانيا، وبعد أن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه مستعد لمواصلة الحوار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان إن بلينكن أبلغ لافروف أن واشنطن ملتزمة بالسعي إلى حل دبلوماسي “للأزمة التي تسببت فيها موسكو”، وأنه يتطلع إلى رد روسيا المكتوب على اقتراحات الولايات المتحدة وحلف الناتو بشأن الأمن الأوروبي.
وأضاف برايس “كرر الوزير بلينكن مخاوفنا المستمرة من أن روسيا لديها القدرة على غزو أوكرانيا في أي لحظة، وشدد على الحاجة إلى رؤية وقف جاد للتصعيد يمكن التحقق منه والوثوق به”.
وبدورها، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن لافروف شدد على ضرورة مواصلة العمل معا، ودعا إلى حوار عملي بشأن الأمن، لكنه أخبر بلينكن أن “الخطاب العدواني الذي تضخمه واشنطن غير مقبول”.
وندد لافروف بـ”الخطاب العدائي الذي تعتمده واشنطن”، ودعا “إلى حوار براغماتي حول مجمل المسائل التي تطرحها روسيا”، وفق البيان الروسي.
وأعلنت روسيا الثلاثاء أن بعض قواتها عادت إلى قواعدها بعد تدريبات قرب أوكرانيا، وسخرت من التحذيرات الغربية المتكررة المتعلقة بـ”غزو وشيك”، لكنها لم تذكر عدد الوحدات الجاري سحبها وإلى أي مدى يتم ذلك.
وقال بوتين -في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس عقب مباحثات مطولة بينهما في موسكو- “هل نريد حربا أم لا؟ بالتأكيد لا، لهذا السبب قدمنا اقتراحاتنا لعملية تفاوضية”.
وأضاف الرئيس الروسي أنه بحث مع المستشار الألماني الضمانات الأمنية، وأكد استعداد موسكو لمواصلة تصدير الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وقال بوتين إن روسيا مستعدة لمواصلة المحادثات مع الغرب بخصوص القضايا الأمنية، لكنها ليست راضية عن الحديث الغامض عن عدم استعداد أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو قريبا.
ولا يزال التوتر شديدا بين روسيا من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى، لكن المستشار الألماني قال بعد لقائه مع بوتين الثلاثاء في الكرملين إن انسحاب قوات روسية “إشارة جيدة”.
ومن جهتها قالت أوكرانيا إن الانسحاب الذي تشير التقارير إليه “يجب التحقق منه حتى يتم تصديقه”، في حين قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن “المعلومات المخابراتية التي اطلعنا عليها اليوم (الثلاثاء) لا تزال غير مشجعة”.
أما الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ فرحب بـ”الإشارات الواردة من روسيا” في اليومين الماضيين، قائلا إنها “ربما تسعى لحل دبلوماسي”، لكنه حث موسكو على “إبداء رغبتها في التحرك”.
وأضاف في حديث للصحفيين أن “هناك إشارات من موسكو على أن الدبلوماسية يجب أن تستمر. وهذا يعطي أسبابا للتفاؤل الحذر. لكننا حتى الآن لم نشهد أي علامة على خفض روسيا التصعيد على الأرض”.
وقال إن روسيا غالبا ما تترك المعدات العسكرية وراءها بعد التدريبات، مما يخلق إمكانية إعادة حشد القوات.
ونفت روسيا مرارا الاتهامات الموجهة لها بالتخطيط لغزو أوكرانيا، وتقول إن من حقها تدريب القوات على أراضيها بالشكل الذي تراه مناسبا.
وتضغط موسكو من أجل الحصول على مجموعة من الضمانات الأمنية من الغرب، والتي منها عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو في المستقبل، لأنها تعتبر أن ذلك توسع للحلف على حدودها ويشكل عليها خطرا أمنيا.
وفي سياق متصل، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان مساء الثلاثاء من أن اعتراف روسيا بالمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا سيكون “عدوانا غير مسلح”، وذلك بعد دعوة من النواب الروس في هذا الصدد.
وقال لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي “سيكون ذلك وضعا مستحيلا، شكلا من عدوان غير مسلح وتفكيكا غير مسلح لوحدة أراضي أوكرانيا. سيكون ذلك مساسا بسيادة أوكرانيا”.
ووجه النواب الروس الثلاثاء دعوة إلى الرئيس فلاديمير بوتين للاعتراف باستقلال المناطق الانفصالية الأوكرانية المدعومة من موسكو، والتي تشهد مواجهة مع الجيش الأوكراني في شرق هذا البلد منذ 8 سنوات.
وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه لا يوجد حاليا “قرار رسمي” بهذا الشأن، لكن طلب النواب “يعكس رأي السكان الروس”.
وسيضع الاعتراف بتلك المنطقتين نهاية لعملية السلام في شرق أوكرانيا واتفاقات مينسك الموقعة بفضل وساطة فرنسية وألمانية، وتنص على عودة هذه المناطق على المدى البعيد إلى سيادة كييف.
وقال الإليزيه الثلاثاء إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من نظيره الروسي عدم الاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك وعدم إعلانهما جمهوريتين.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات الأوكرانية مساء الثلاثاء استهداف العديد من المواقع العسكرية الرسمية في البلاد ومصرفين حكوميين بهجوم إلكتروني.
وقالت الخدمة الحكومية للاتصالات الخاصة إنها رصدت “هجوما إلكترونيا ضخما استهدف العديد من المواقع الأوكرانية منذ فترة ما بعد الظهر”.
وطال الهجوم موقعي مصرف الادخار الحكومي “أوشاد بنك” و”بريفات24″، وهما من أكبر مؤسسات الدولة المالية، واستأنفت المؤسستان المصرفيتان عملهما في فترة المساء.
كما ظهرت رسالة على موقع وزارة الدفاع تشير إلى أنه معطّل و”يخضع لصيانة تقنية”.
المصدر : الجزيرة + وكالات