روسيا تغزو أوكرانيا مع عجز أميركي عن التدخل المؤثر

روسيا تغزو أوكرانيا مع عجز أميركي عن التدخل المؤثر

كييف – أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فجر الخميس بدء “عملية عسكرية” في أوكرانيا، حيث سمع دوي انفجارات قوية في عدد من مدن البلاد، وبينما تحدثت كييف عن “غزو واسع” يجري حاليا، اكتفى الرئيس الأميركي جو بادين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بخطابي إدانة، ما يعني أن لا نوايا لهما للتدخل عسكريا.

وفي خطاب للأمة أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحكام العرفية في كل أنحاء البلاد. وقال للأوكرانيين “لا داعي للهلع” مؤكدا “سننتصر”.

وبعد خطابه قال الرئيس الأوكراني الخميس إن العالم يجب أن ينشئ “تحالفا مناهضا لبوتين” من أجل “إجبار روسيا على السلام”. وجاءت تصريحات زيلينسكي بعد محادثات مع القادة الأميركيين والبريطانيين والألمان، وقال “نحن بصدد بناء تحالف مناهض لبوتين”، مضيفا “على العالم إجبار روسيا على السلام”.

وبعيد الإعلان المفاجئ عبر التلفزيون للرئيس الروسي الذي قال إنه يريد الدفاع عن الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، سُمع دوي سلسلة من الانفجارات في العاصمة كييف، حيث أطلقت صفارات الإنذار بحدوث قصف.

وكان العشرات من السكان في مترو كييف يحاولون الاحتماء أو ركوب قطارات وهم يحملون حقائبهم لمغادرة المدينة.

كما سُمع دوي انفجارات في كراماتورسك المدينة الواقعة في شرق البلاد وتعد مقر قيادة للجيش الأوكراني، وفي خاركيف ثاني مدينة في البلاد وأوديسا على البحر الأسود. كما دوت انفجارات في لفيف في غرب أوكرانيا.

وتحدث وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عن بدء “غزو واسع” من قبل روسيا.

وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان إن هذه العملية تهدف إلى “تدمير الدولة الأوكرانية والاستيلاء على أراضيها بالقوة وفرض احتلال”.

كما أعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني وإلغاء الرحلات الجوية من المطارات في المدن الكبرى في جنوب روسيا، القريبة من أوكرانيا.

لكن الجيش الروسي أكد أنه يستهدف المواقع العسكرية الأوكرانية بـ”أسلحة عالية الدقة”. وهذا ما اعترف به الرئيس الأوكراني على ما يبدو بتأكيده أن روسيا نفذت ضربات ضد بنى تحتية عسكرية وحرس الحدود الأوكرانيين.

روسيا

وقد أعلن أنه دمّر أنظمة الدفاع المضادة للطائرات وجعل القواعد الجوية الأوكرانية “خارج الخدمة” بعد شن موسكو عملية عسكرية في الصباح.

وذهب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إلى أبعد من ذلك، قائلا إن بلاده تستهدف “الطغمة الحاكمة في كييف”.

وأكدت أوكرانيا الخميس أنها أسقطت خمس طائرات روسية ومروحية تابعة للجيش الروسي. وقالت هيئة أركان الجيش الأوكراني “أُسقطت خمس طائرات ومروحية واحدة تابعة للمعتدي”.

كما أعلن حرس الحدود الأوكراني أن أوكرانيا تتعرض لهجوم مدفعي على طول حدودها الشمالية مع روسيا وبيلاروسيا، مشيرا إلى أن القوات الأوكرانية ترد بإطلاق النار.

وأثار قرار الرئيس الروسي على الفور موجة من الإدانات الدولية. وندد الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”الهجوم غير المبرر لروسيا على أوكرانيا”.

وقال في بيان “اختار الرئيس بوتين شن عملية مخطط لها ستتسبب في معاناة وخسائر بشرية كارثية”، مضيفا “نددت بهذا الهجوم غير المبرر للقوات العسكرية الروسية”.

وشدد على أن “روسيا وحدها مسؤولة عن الموت والدمار اللذين سينجمان عن هذا الهجوم”، مؤكدا أن “العالم سيحاسب روسيا”.

ودان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ “الهجوم المتهور وغير المبرر” من جانب روسيا. وسيُعقد اجتماع طارئ لسفراء الدول الأعضاء في الحلف صباح الخميس.

وفي الأمم المتحدة طلبت أوكرانيا من روسيا “إنهاء الحرب”، فيما دانت فرنسا “ازدراء” روسيا للأمم المتحدة. وندد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ”الانتهاك الفاضح” للقانون الدولي، فيما تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بـ”محاسبة” موسكو.

وأعلن بوتين فجر الخميس في بيان بثه التلفزيون “اتخذت قرارا بعملية عسكرية خاصة” من دون أن يحدد حجم هذا التدخل.

وقال الرئيس الروسي “سنبذل أقصى جهودنا لنزع السلاح وإزالة الطابع النازي”، واعدا بـ”اقتياد الذين ارتكبوا العديد من الجرائم والمسؤولين عن إراقة دماء مدنيين، بمن فيهم مواطنون روس، إلى المحاكم”.

وأكد بوتين “ليس من بين خططنا احتلال أراض أوكرانية ولا ننوي فرض أي شيء بالقوة على أحد”، داعيا الجنود الأوكرانيين إلى “إلقاء أسلحتهم”.

وتوجه إلى “الذين سيحاولون التدخل معنا”، قائلا “يجب أن يعلموا أن رد روسيا سيكون فوريا وسيؤدي إلى عواقب لم يعرفوها من قبل”.

وقبل ساعات قليلة أعلن الكرملين أن قادة “الجمهوريتين” الانفصاليتين المواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا طلبوا “مساعدة” فلاديمير بوتين “لصد العدوان الأوكراني”.

وقال الانفصاليون في أوكرانيا إنهم سيطروا على بلدتي ستانيتسيا لوهانسكا وشاستيا، في حين أكدت السلطات في كييف أن القوات الموالية لروسيا تقدمت نحو المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية.

وكان الرئيس الروسي اعترف الاثنين باستقلال “جمهوريتي” دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، ثم حصل في اليوم التالي من مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي على الضوء الأخضر لنشر قوات.

وعلى الفور تخطى سعر برميل النفط الخميس عتبة 100 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من سبع سنوات، عقب إعلان بوتين عن شن “عملية عسكرية” في أوكرانيا، مع تنامي المخاوف بشأن حرب واسعة النطاق في أوروبا الشرقية.

وارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام القياسي للنفط الأميركي، صباح الخميس بنسبة 60.4 دولار أي بنسبة 99.4 في المئة إلى 96.70 دولارا للبرميل تسليم أبريل المقبل، في حين ارتفع سعر خام برنت بمقدار 4.98 في المئة بنسبة 5.16 في المئة إلى 101.13 دولار للبرميل تسليم أبريل المقبل، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء.

وفي خطاب شخصي وعاطفي باللغة الروسية دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل ساعات على إعلان بوتين، على التلفزيون المجتمع الأهلي في روسيا إلى الضغط على قادته لمنع “حرب كبرى في أوروبا”.

وقال “هل يريد الروس الحرب؟ أود معرفة الإجابة على هذا السؤال. وتعتمد هذه الإجابة عليكم يا مواطني الاتحاد الروسي”، متهما موسكو بنشر مئتي ألف جندي لمهاجمة بلاده، وكشف أنه حاول التحدث إلى فلاديمير بوتين، ولكن دون جدوى.

وبدأت أوكرانيا حشد نحو أربعين ألفا من جنودها الاحتياط الأربعاء، وفرضت حالة الطوارئ، وأعلنت أنها كانت هدفا لهجوم إلكتروني جديد “ضخم” يستهدف المواقع الرسمية.

وستطرح الولايات المتحدة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي الخميس يدين روسيا “لحربها” في أوكرانيا.

وسيجتمع قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في قمة مساء الخميس.

وتثير الأزمة في أوكرانيا مخاوف من نزاع سيكون الأخطر في أوروبا منذ 1945. وحذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد من أن التدخل الروسي قد يؤدي إلى “نزوح ما يصل إلى خمسة ملايين شخص إضافي”.

وفرضت واشنطن وحلفاؤها الغربيون أولى العقوبات، ردا على اعتراف موسكو بالانفصاليين الذين تقاتلهم كييف منذ ثماني سنوات في نزاع أودى بحياة أكثر من 14 ألف شخص حتى الآن.

العرب