خبيرة بالشؤون الروسية الأوكرانية للجزيرة نت: بوتين سيستمر بالحرب حتى يُسقط نظام كييف ويعين حكومة موالية له

خبيرة بالشؤون الروسية الأوكرانية للجزيرة نت: بوتين سيستمر بالحرب حتى يُسقط نظام كييف ويعين حكومة موالية له

واشنطن- توقعت أولغا لوتمان الخبيرة في الشؤون الروسية والأوكرانية بمركز تحليل السياسات الأوروبية، أن يستمر التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا بضعة أسابيع، وأن تنصب موسكو عقب ذلك نظاما مواليا للكرملين.

وتنتج وتقدّم لوتمان، الخبيرة ذات الأصول الأوكرانية الروسية المشتركة، من مدينة نيويورك برنامج بودكاست عنوانه “ملف الكرملين”، وهي خبيرة في الحرب الهجينة، وأصبحت منذ بدء الأزمة الأوكرانية محل اهتمام الكثير من الدوائر الإعلامية والسياسية الأميركية.

وفي حوارها للجزيرة نت، قالت لوتمان إن الهدف الرئيسي لبوتين هو إعادة الأراضي التي فقدت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، مشيرة إلى أنه لا أحد يعرف كيف يفكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذه الظروف، وفيما يلي نص الحوار:

كانت الإستراتيجية العسكرية الروسية هي الاستيلاء على المدن الرئيسية مثل كييف وخاركيف وأوديسا وماريوبول خلال أول أسبوع من القتال، إلا أنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء على أي مدينة رئيسية بسبب مواجهتهم مقاومة شديدة من الأوكرانيين.

ما الأخطاء الرئيسية لعمليات الجيش الروسي في أوكرانيا حتى الآن؟
احتشد الجيش الروسي على حدود أوكرانيا منذ أشهر، وهو ما عرض الكثيرين من جنوده للأمراض وسط الظروف المناخية والمعيشية القاسية.

ويبدو أن الروح المعنوية منخفضة جدا عند الجنود الروس، وقد أوضح بعض الذين تم أسرهم من الجانب الأوكراني عدم وجود فهم واضح للأوامر العسكرية الصادرة لهم.

من جانب آخر هناك الكثير من التحديات اللوجيستية، وتحديات تتعلق بغياب التنسيق يمكن رصدها بسهولة مع الشكاوى من نفاد الغاز من خزاناتهم وعدم وجود طعام كاف.

كما أخطأ الرئيس بوتين بصورة كبيرة جدا في اعتقاده بأن المواطنين الأوكرانيين لن يرحبوا بحمل السلاح ضد الجيش الروسي. إن الخطأ الرئيسي الذي ارتكبه الجانب الروسي، عسكريا وسياسيا، هو التقليل من قدرة الأوكرانيين على الصمود، وإيمانهم بواجب القتال من أجل الدفاع عن أراضيهم وحرياتهم ومستقبلهم.

كم من الوقت ستستمر هذه الحرب في تقديرك؟
توقعت روسيا أن تستمر الحرب بضعة أسابيع، واعتقدوا أنهم سيسيطرون على المدن الكبرى في أوكرانيا، وسيثبتون على الفور نظاما عميلا مواليا للكرملين لقمع المقاومة الأوكرانية.

ما الهدف الرئيسي لبوتين من هذه الحرب؟
الهدف الرئيسي لبوتين هو إعادة الأراضي التي فقدت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. فبعد 20 عاما من الحكم، لم يعد لدى بوتين ما يظهره محليا ويريد أن يكتب إرثه. على مر العقود، ذكر بوتين عدة مرات كيف كان انهيار الاتحاد السوفياتي كارثة، وكانت لديه إستراتيجية عسكرية لإعادة الدول إلى منطقة نفوذ روسيا.

وأكملت روسيا أولا ذلك بضم دولة بيلاروسيا بشكل سلس، ثم بدأت هجومها الشامل ضد أوكرانيا، أعتقد أن الأزمة الحالية أكبر من أوكرانيا وتتخطاها، إذ تريد روسيا أيضا السيطرة على ممر “سوالكي” (Suwalki corridor) لربط كالينينغراد (إقليم روسي يقع بين ليتوانيا وبولندا) ببيلاروسيا. وهناك أيضا تهديد لدول البلطيق ومولدوفا.

هل العقوبات الغربية قادرة حقا على ردع روسيا؟
إن الجمع بين العقوبات الغربية ومصادرة الأصول الروسية وحظر السفر والتدابير الأخرى التي يتم اتخاذها، هي مزيج ممتاز يتسبب في إضعاف النظام الروسي. لكن كل ذلك لن يردع بوتين لأن لديه حساباته الخاصة ومخاوفه الصفرية مع الشعب الروسي. ولم يكن بوسع أي شيء أن يردع بوتين في الأشهر القليلة الماضية لأنه كان عازما على الاستيلاء على أوكرانيا. كان ينبغي أن يتم الردع قبل عدة سنوات بعد غزو جورجيا عام 2008، وارتكابه جرائم الحرب في سوريا، وغزوه أوكرانيا في عام 2014.

هل تعتقدين أن الرئيس بوتين قلل من شأن وأهمية رد إدارة الرئيس جو بايدن؟
نعم. ارتكب بوتين فظائع وجرائم حرب في الشيشان وجورجيا وسوريا وأوكرانيا منذ عام 2008، ولم تتم محاسبة أي شخص على ذلك. وقد نفذت روسيا اغتيالات، بما في ذلك على أرض أجنبية، وفشلت في بضع محاولات اغتيال أخرى، وأرسلت فرق اغتيال إلى جميع أنحاء أوروبا، وارتكبت فظائع في وسط أفريقيا، وكانت لها عواقب وخيمة. ولم يتوقع بوتين أن يوحد العالم، وأن يفرض الغرب بقيادة واشنطن هذا العدد الكبير من التدابير والعقوبات ضد الكثير من الشخصيات والأصول المرتبطة بالكرملين.

كما قلل بوتين من شأن خسارة حرب المعلومات التي أجهضتها الوحدة والشفافية من قبل الحلفاء الغربيين. الآن يتحدث المواطنون في جميع أنحاء العالم بصراحة، وهم يشهدون جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة.

هل توقعت إدارة الرئيس بايدن وقوع الغزو الروسي على النحو الذي نشهده الآن؟
لقد بدأت روسيا الاستعدادات لهذا الغزو في فبراير/شباط 2021، وكان من الواضح في العام الماضي أن روسيا سوف تشن هجوما شاملا على أوكرانيا. ولم تتوقع أجهزة الاستخبارات الأميركية أو البريطانية ذلك فحسب، بل كانت شفافة وأصدرت العديد من التحذيرات على مدار الأسابيع والأشهر الأخيرة. لقد تبادلت واشنطن ولندن المعلومات الاستخباراتية المتاحة لديهما مع حلفائهما، وأعلنتاها بصوة عامة، وأوضحتا إستراتيجيات الحرب الروسية وتوقيت بدء الغزو الشامل.

وما تقديرك لتهديدات بوتين باللجوء للسلاح النووي؟
لا أحد يعرف تماما كيف يفكر بوتين في هذه الظروف، لقد عزل نفسه منذ بداية انتشار وتفشي فيروس كوفيد-19، ولا تحيط به إلا دائرة صغيرة من المتشددين الذين يوافقونه على أهدافه. ولن أستبعد منه جدية التهديد بما في ذلك استخدام القنابل النووية التكتيكية في المنطقة. ورغم أن بوتين في رأيي لم يكن قط إستراتيجيا كما يزعم البعض، فإنه محاصر وغاضب وقد يطلق لنفسه العنان.

وما أهم العواقب الجيوإستراتيجية للحرب على روسيا؟
إن الحرب الروسية على أوكرانيا قد تتصاعد خارج أوكرانيا وقد تعرض دول البلطيق ومولدوفا، وأمن أوروبا كلها للخطر. إن الحرب الروسية غير المبررة وخططها لنصب نظام عميل في بلد ذي سيادة تشكل خطرا على المعايير والقانون الدولي. ولا يمكننا أن نسمح بغزو البلدان ذات السيادة لأن زعيم بلد مجاور لديه طموحات إعادة الماضي، أو أن يقرر ضم المزيد من الأراضي.

المصدر : الجزيرة