الرياض – أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن الجمعة عن شنهم هجمات بطائرات مسيّرة على مصاف للنفط ومواقع حساسة أخرى في المملكة العربية السعودية، في تصعيد خطير يستهدف إلحاق المزيد من الأضرار بإمدادات الطاقة، التي تشهد اضطرابا غير مسبوق في العالم جراء الحرب في أوكرانيا.
وقال المتحدث العسكري باسم المتمردين الموالين لإيران يحيى سريع في بيان، “نفذت قواتنا عملية عسكرية واسعة تحت مسمى ‘عملية كسر الحصار الأولى’، وذلك باستهداف مصفاة أرامكو في الرياض بثلاث طائرات مسيّرة”.
وتقع المصفاة التابعة لشركة أرامكو جنوب مدينة الرياض، على بعد نحو ألف كيلومتر من أقرب نقطة من الحدود مع اليمن الغارق في الحرب. وتبلغ طاقتها التكريرية نحو مئة ألف برميل يوميا.
الضربات التي طالت مصافي للنفط في السعودية تعكس مدى الخطورة التي يجسدها المتمردون، ليس فقط على دول التحالف العربي، بل وأيضا على العالم
وذكر بيان المتمردين أن العملية “استهدفت كذلك منشآت لأرامكو في منطقتي جيزان وأبها (جنوب غرب)، ومواقع حساسة أخرى (لم يحددها) بست طائرات مسيّرة”. وذكر البيان أن العملية تأتي “ردا على تصعيد العدوان من خلال الحصار الظالم على شعبنا، ومنع دخول المشتقات النفطية”.
وكانت وكالة الأنباء السعودية نقلت عن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة (لم تسمه) أن “مصفاة تكرير البترول في الرياض تعرضت لاعتداء بطائرة مسيّرة بعد صباح الخميس”.
وقال المصدر إن الهجوم أسفر عن حريق صغير تمت السيطرة عليه، مشيرا إلى أن الهجوم لم يخلّف إصابات بشرية، كما لم تتأثر به أعمال المصفاة ولا إمدادات البترول ومشتقاته.
واعتبر أنّ “هذه الأعمال التخريبية والإرهابية، التي تكرر ارتكابها ضد المنشآت الحيوية والأعيان المدنية في مناطق مختلفة من المملكة، لا تستهدف المملكة وحدها”، بل “تستهدف بشكل أوسع زعزعة أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم، وبالتالي التأثير سلبا على الاقتصاد العالمي”.
وغالبا ما يستهدف المتمردون في اليمن المطارات والمنشآت النفطية في السعودية، أحد أكبر مصدّري النفط في العالم، على خلفية قيادة المملكة لتحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا منذ العام 2015.
ويرى مراقبون أن الضربات التي طالت مصافي للنفط في السعودية، في الوقت الذي يعيش فيه العالم أزمة أسعار خطيرة في هذه المادة، تعكس مدى الخطورة التي يجسدها المتمردون، ليس فقط على دول التحالف العربي، بل وأيضا على العالم.
اقرأ أيضا: تحرير أميركيتين من قبضة الحوثيين بتنسيق سعودي – أميركي
ويشير المراقبون إلى أن هذه الضربات تشكل إحراجا إضافيا لإدارة جو بايدن، التي تمارس ضغوطا على المملكة لزيادة إنتاج النفط على أمل إعادة التوازن إلى الأسواق، وفي المقابل لا تحرك ساكنا لردع الحوثيين، وحليفتهم طهران.
ويسود قلق في الأسواق العالمية جراء الصراع الروسي – الأوكراني المتفجر منذ الرابع والعشرين من الشهر الماضي، والذي انعكس ارتفاعا في أسعار النفط والغاز، لاسيما وأنّ روسيا هي أحد المنتجين الأساسيين للنفط والغاز في العالم.
وتريد الإدارة الأميركية أن تتخلى السعودية عن اتفاق سابق بينها وبين روسيا ضمن ما يسمى بتحالف أوبك بلس، وزيادة الإنتاج بما يسمح بانخفاض الأسعار، في خطوة مزدوجة تستهدف حرمان موسكو من عائدات مالية ضخمة متأتية من الذهب الأسود وأيضا ضبط السواق العالمية، حيث إن الوضع الراهن يشكل ضررا كبيرا لاقتصادها واقتصاديات الدول المستهلكة.
ويستبعد المراقبون أن تقدم الرياض على هذه الخطوة، حيث ترى أن الوضع الحالي يصب في صالحها اقتصاديا، وأن تقديم هكذا خدمة وتنازل يجب أن يترافق مع إعادة الولايات المتحدة مراجعة سياساتها تجاه حلفائها في المنطقة، ومن ذلك ما يتعلق بسلوكها حيال التعاطي مع خطر المتمردين اليمنيين.
العرب