الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان النجم الأول هذا الأسبوع بدون أدنى شك، وخاصة في الولايات المتحدة، إلى درجة أنه تمكن من جلب الغرب معه إلى حواجز كييف وهو يستحضر المثالية التي سادت الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت أوروبا في القرن التاسع عشر وألهمت رواية “البؤساء”، ولكن صحيفة”واشنطن بوست” تحذر من هذه الجوقة المثيرة قائلة إن “هذه ليست مسرحية موسيقية”.
إغناتيوس: من الخطأ عدم إلقاء نظرة باردة غير عاطفية على أزمة أوكرانيا قبل أن تلحق الضرر بالعالم بشكل لا يمكن إصلاحه
يعتقد الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقال نشرته” واشنطن بوست” أنه سيكون من الخطأ عدم إلقاء نظرة باردة غير عاطفية على أزمة أوكرانيا قبل أن تلحق الضرر بالعالم بشكل لا يمكن إصلاحه، حتى عندما نحاول دعم زيلينسكي ومعركته النبيلة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أنه يجب أن “نفهم المخاطر التي تنتظرنا”.
ولخص إغناتيوس المخاطر الخفية لهذه اللحظة، بخلاف الدمار المروع لأوكرانيا وشعبها مؤكداً أنه كلما طالت مدة الحرب، ازدادت خطورتها، حيث ستنزف روسيا بسبب جثث الجنود ودمار الاقتصاد، وسوف يهتف العالم، ولكن مع استمرار هذه العملية، قد يصبح بوتين المحبط أكثر عرضة لتصعيد هذه الأزمة نحو حرب عالمية، وقال الكاتب إن الضغوطات العسكرية والدبلوماسية على بوتين نحو التسوية هي في مصلحة الجميع، كما أن التنازلات ستكون مؤلمة ولكنها ضرورية.
إغناتيوس: كلما طالت مدة الحرب، ازدادت خطورتها
وقد كانت إخفاقات بوتين العسكرية مثيرة للدهشة، ومن الواضح أن “الشرير” يخسر على حد تعبير الكاتب، ولكنه أكد أنه لا ينبغي أن نخدع أنفسنا، حيث يتزايد خطر بوتين في الداخل والخارج وهو محاصر، وقد كان من المخيف الاستماع لحديثه الصاخب عن “الحثالة والخونة” الروس الذين يعارضونه، وشدد إغناتيوس على ضرورة أن تدرس وكالات المخابرات في كل دولة “عقلانية” على هذا الكوكب جميع الطرق والوسائل لتقليل سلطة بوتين غير الخاضعة للرقابة قبل أن ينتقل من “متنمر شرير” إلى ” قاتل جماعي”.
والنتيجة الثانوية الأكثر رعباً لحرب أوكرانيا هي إظهارها لفائدة الأسلحة النووية، حيث لا يمكن أن يتدخل الناتو بشكل مباشر في هذه الحرب بمنطقة حظر طيران لأن روسيا تمتلك 4000 سلاح نووي، وتساءل إغناتيوس: هل كان بوتين سيغزو أوكرانيا لو احتفظت الأخيرة بترسانتها النووية في عام 1994؟ عندما ضغطت عليها الولايات المتحدة لنزع سلاحها، وقال :” قد تكون هذه الحرب أكبر محفز للانتشار النووي في التاريخ”.
إغناتيوس: يجب أن تقوم وكالات المخابرات بدراسة كل الطرق المتاحة لمنع بوتين من التحول من “متنمر شرير” إلى “قتل جماعي”
وأظهر الغزو الروسي، ايضاً، أن القوة النووية يمكن أن تنخرط في عدوان إقليمي شرس دون دفع الثمن كما تم ردع أمريكا والحلفاء في الناتو في هذا الصراع.
ودعا الكاتب الرئيس الأمريكي جو بايدن والحلفاء للتخطيط لوضع نهاية لهذه الحرب لأن بوتين ليس لديه خطة، ولاحظ الكاتب أن “بوتين ظل يخبرنا لمدة 15 عاماً ان هناك مشاكل في المستقبل”، مشيراً إلى أن روسيا ستكون في حالة فوضى بعد هذه الحرب سياسياً واقتصادياً وأنه يجب الحذر من سوء حالة بوتين.
وتوقع الكاتب “إصدارات مستقبلية” من الاستبداد الروسي، الذي يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار أوروبا ، وقال إننا نشاهد، في الواقع، السقوط الثاني للاتحاد السوفييتي، محذراً من مخاطر انهيار روسيا.
وقد تكون حرب أوكرانيا مجرد بروفة لصراع أكثر تدميراً، كما حدث في الحرب الروسية- اليابانية في 1904- 1905 حيث افترض العالم أن روسيا ستكتسح نصراً سريعاً ولكن الأداء السيئ لموسكو كان بمثابة تنبؤ مسبق بسقوط الملكية القيصرية.
القدس العربي