القطيعة مع الإطار التنسيقي تدفع الصدر إلى الاحتماء بالمستقلين

القطيعة مع الإطار التنسيقي تدفع الصدر إلى الاحتماء بالمستقلين

بغداد- قالت مصادر سياسية عراقية إن سبب عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للاحتماء بالمستقلين من أجل إنجاح ما يسميه حكومة أغلبية وطنية هو القطيعة التي حصلت مؤخرا في لقاءات ممثلي التيار الصدري مع قادة الإطار التنسيقي حول جملة من المسائل، من بينها اشتراطهم دخول الكتلة الأكبر في البرلمان والحصول على حصصهم من الحقائب مقابل القبول بمرشح الصدر لرئاسة الوزراء.

وكشفت المصادر السياسية العراقية لـ”العرب” أن الصدر بلجوئه إلى المستقلين يريد أن يظهر لقادة الإطار التنسيقي أن لديه بدائل جاهزة تمكنه من الاستغناء عن أي تحالف آخر. لكنها حذرت من أن المستقلين ليسوا بالسهولة التي تسمح للصدر بأن يراهن عليهم متى احتاجهم ويتركهم متى وجد بدائل ولو وهمية كما حصل في مساعيه الأخيرة لبناء تحالف شيعي موسع مع قادة الإطار لإرضاء إيران.

عائد الهلالي: ترشيح جعفر الصدر لن يتم قبل الإعلان عن الكتلة الأكبر

وأشارت هذه المصادر إلى أن صورة الصدر وشعاراته اهتزت لدى المستقلين، وأن ليس له من طريق لاستمالتهم سوى تصحيح العلاقة مع الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح الذي سبق وأن التقوا به ويعتبرون أنفسهم جزءا من عملية التغيير التي يطالب بها، والتي لا تعتمد على المحسوبيات وتقاسم الحصص، وهي الشعارات الأولى للصدر قبل أن يفتح قنوات الحوار مع حلفاء إيران ويقبل بشروطهم.

وكان برهم صالح التقى في ديسمبر الماضي بعدد من النواب المستقلين الفائزين في الانتخابات بهدف تشجيعهم على تكوين كتلة متماسكة، كي لا يحسوا بالضعف ولا يتسربوا إلى الكتل التابعة للأحزاب ويصبحوا أداة من أدواتها، وهو ما سيمكنهم أن يكونوا رقما مهمّا في تحديد شكل الحكومة الجديدة واسم رئيسها وتوزيع الحقائب.

واعتبرت المصادر السابقة أن الصدر إذا سعى لاستمالة المستقلين فسيجد أن عليهم أولا التحاور مع برهم صالح، وإعادة التفكير في الشخصية التي سيدعمها لنيل منصب رئيس العراق، وإذا قبل بالمحاصصة والمحسوبيات فسيجد نفسه في صف مرشح مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أما إذا أراد تنفيذ شعاراته المتعلقة بمكافحة الفساد ومواجهة نفوذ الميليشيات فسيجد أن برهم صالح هو الأقرب إليه وإلى خططه في إخراج العراق من الأزمة مستفيدا من علاقاته المتينة داخليا وخارجيا.

ومن المنتظر أن يعقد البرلمان العراقي يوم السبت المقبل جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد أن تأجل الأمر مرارا استجابة لخطط بارزاني في تمرير مرشحه بالرغم من فشل مرشحه الأول هوشيار زيباري بسبب تهم فساد ومحسوبية تعلقت به خلال فترة تسلمه حقيبة المالية في 2016.

وانتخاب الرئيس خطوة لا بد منها للمضي قدما في تشكيل الحكومة، حيث ينص الدستور على قيام الرئيس المنتخب بتكليف مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان، لتشكيل الحكومة في غضون 30 يوما.

ودعا الصدر الاثنين النواب المستقلين في البرلمان العراقي إلى دعم مساعيه في تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وقال في بيان له “نحن بحاجة إلى وقفة شجاعة منكم، وإن كنتم لا تثقون بي أو بالكتلة الصدرية فإننا سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد، إن وحدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات”.

واعتبر مراقبون أن الخطاب الحماسي للصدر الذي يمتدح المستقلين ويحمل على حكومات التوافق السابقة يظهر أنه فشل في الحصول على ما يريده من خلال التقارب مع نوري المالكي خصمه اللدود والرجل الأول في الإطار التنسيقي، مقرّين بأن الصدر كان على استعداد للقبول بشروط المالكي لو قبل الأخير بمرشحه لرئاسة الحكومة جعفر الصدر، وهو واحد من أبناء عمومته ولا يُعرف أن لديه أي حضور سياسي ذي معنى سوى أنه ابن باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة.

ويشير المراقبون إلى أن الصدر لجأ إلى المستقلين ومدحهم في بيانه من أجل توفير أكثر ما يمكن من ضمانات حصول ابن عمه على الأصوات الكافية التي تمكنه من تولّي منصب رئيس الوزراء، لافتين إلى أن الصدر لا يريد أن يكون تحت رحمة الإطار فيما لو قبل بانضمامهم إلى الكتلة الأكبر ثم لم يستجيبوا لطلبه دعم جعفر الصدر.

◙ الصدر إذا سعى لاستمالة المستقلين فسيجد أن عليهم أولا التحاور مع برهم صالح، وإعادة التفكير في الشخصية التي سيدعمها لنيل منصب رئيس العراق

وقال عائد الهلالي القيادي في الإطار التنسيقي إن “ترشيح جعفر الصدر لن يتم قبل الاتفاق على إعلان الكتلة الأكبر بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وبعد هذا الأمر يتم الاتفاق على اسم مرشح رئاسة الوزراء”.

وأضاف الهلالي في تصريحات للإعلام العراقي أن “جعفر الصدر ضمن الأسماء المطروحة بقوة لتولي رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، لكنه ليس الاسم الوحيد، فهناك مرشحون آخرون ينافسون على هذا المنصب، وحسم هذا الأمر يجب أن يكون من خلال الكتلة الأكبر، ولهذا لا حسم لاختيار أي اسم دون حسم تسمية الكتلة الأكبر بشكل رسمي”.

ويرى المراقبون أن الصدر عاد إلى خطابه القوي وشعاراته الكبيرة بعد أن فشل في استعمال الإطار التنسيقي لتحقيق هدفه الشخصي المتمثل في ترشيح ابن عمه.

وقال الصدر في بيانه إن “حكومات توافقية توالت على البلاد ولم تنفع العراق والعراقيين، بل يمكن القول إنها أضرت به عاما بعد عام بسبب تقاسم الكعكة”، مضيفا “يجب أن نخرج من عنق التوافق إلى فضاء الأغلبية ومن عنق الطائفية إلى فضاء الوطنية، أي تشكيل حكومة أغلبية وطنية”.

العرب