كابول – ضاعفت حركة طالبان الأفغانية المتشددة من الصدمة الناجمة عن إغلاق أبواب المدارس أمام الفتيات، عندما أعلنت منع سفر النساء جوا دون محرم، في خطوة تشي بأن الحركة التي عادت إلى الحكم في أغسطس الماضي تمضي نحو المزيد من التشدد، في نقض لالتزامات تقول الولايات المتحدة إنها كانت قد قدمتها في مفاوضات عُقدت في الدوحة.
وقال مصدران الأحد إن الحركة أبلغت شركات الطيران في أفغانستان بأن النساء لا يمكنهن السفر جوا، سواء في رحلات داخلية أو دولية دون محرم.
وقال المصدران، اللذان لم يُكشف عن هويتهما لأسباب أمنية، إن وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعثت برسالة إلى شركات الطيران السبت تبلغها فيها بالقيود الجديدة.
وأضافا أن النساء غير المصحوبات بمحارم واللائي حجزن تذاكر بالفعل سيُسمح لهن بالسفر الأحد والاثنين، غير أن بعض النساء اللائي يحملن تذاكر تم إبعادهن في مطار كابول السبت.
تأتي هذه الخطوة بعد أن تراجعت حركة طالبان عن التزامها السابق بفتح المدارس الثانوية للفتيات، في تحول صدم الكثيرين من الأفغان وأثار التنديد من وكالات إغاثية وحكومات أجنبية.
وألغت الولايات المتحدة الجمعة اجتماعات كانت مقررة مع مسؤولي طالبان حول قضايا اقتصادية رئيسية، بسبب ذلك القرار الذي اتخذته الحركة الأربعاء.
وفي مواجهة هذه الخطوة، تظاهرت حوالي عشرين امرأة وفتاة السبت في كابول وهن يهتفن “افتحوا المدارس”، احتجاجا على قرار طالبان إغلاق الثانويات للفتيات.
وهتفت المتظاهرات اللواتي كانت العديد منهن يرتدين عباءات سوداء ويضعن حجابا، في إحدى ساحات العاصمة “افتحوا المدارس! عدالة عدالة!”.
وقالت المتظاهرة ليلى باسم “على طالبان أن تفتح مدارس الفتيات لأن النساء جزء من المجتمع، لا يمكنها قمع نساء أفغانستان”.
وقالت الفتاة نويسة “حتى النبي قال إن التعليم حق للجميع، لكن طالبان انتزعت منا هذا الحق”.
واستمرت التظاهرة أقل من ساعة، قبل أن تفرقها عناصر من طالبان وصلت بسلاحها إلى الموقع، على ما أفاد صحافيون.
وأمرت حركة طالبان الأربعاء بإغلاق المدارس الثانوية للفتيات، بعد ساعات على إعادة فتحها، رغم أن استئناف الدروس تم بموجب قرار اتخذ قبل فترة طويلة.
وأعلن القرار بعدما عادت الآلاف من الفتيات إلى الصفوف للمرة الأولى منذ أغسطس، عندما سيطرت طالبان على البلاد وفرضت قيودا صارمة على النساء.
ولم تقدم وزارة التعليم أي تفسير واضح لقرار الإغلاق، فيما أفاد مصدر من طالبان بأن القرار جاء بعد اجتماع عقده مساء الثلاثاء مسؤولون كبار في مدينة قندهار (جنوب)، مركز القوة الفعلي للحركة ومعقلها المحافظ.
وأثار هذا القرار تنديدا واسعا بما في ذلك من الأمم المتحدة واليونسكو ودول غربية، ونددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ”قرار اعتباطي”.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية “انضممنا إلى الملايين من الأسر الأفغانية للتعبير عن خيبة أملنا العميقة لقرار طالبان بعدم السماح للنساء والفتيات بالعودة إلى المدارس الثانوية”.
وأضاف “لقد ألغينا بعض ارتباطاتنا، بما في ذلك الاجتماعات المبرمجة في الدوحة على هامش منتدى الدوحة، وأوضحنا أننا نرى هذا القرار كنقطة تحول محتملة في تعاملنا”.
وتابع المتحدث “هذا القرار الذي اتخذته طالبان، إذا لم يتم التراجع عنه بسرعة سيضرّ بشدة بالشعب الأفغاني وآفاق النمو الاقتصادي للبلاد، وطموح طالبان لتحسين علاقاتها مع المجتمع الدولي”.
وفي بيان مشترك الخميس، قال وزراء خارجية بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا والنرويج والولايات المتحدة، إضافة إلى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن “قرار طالبان سيقوّض آمال الحركة بالحصول على شرعية دولية”.
وجعلت الأسرة الدولية من الحق في التعليم للجميع بندا أساسيا في المفاوضات حول تقديم المساعدة لأفغانستان والاعتراف بنظام طالبان، في وقت يعاني البلد من أزمة مالية خطيرة ووضع إنساني كارثي.
والأموال الأفغانية في الخارج مجمدة، فيما بدأت المساعدة الدولية، التي كانت تمول حوالي 75 في المئة من الميزانية الأفغانية، تعود ببطء إلى البلد بعدما أوقفت تماما.
العرب