كشف عصام أبوزريبة وزير الداخلية الليبي الجديد في حكومة “الاستقرار الوطني” برئاسة فتحي باشاغا في حوار مع “العرب” عن تحقيق تقدم على مستوى الترتيبات الأمنية الرامية إلى تأمين دخول الحكومة الجديدة إلى العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها من هناك وذلك في وقت يرفض فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة.
تونس – قال عصام أبوزريبة وزير الداخلية الليبي في حكومة الاستقرار الوطني برئاسة فتحي باشاغا إن هناك تقدما في الترتيبات الأمنية الجارية لدخول الحكومة إلى العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها من هناك وذلك في وقت يرفض فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وكشف أبوزريبة في حوار مع “العرب” لدى تواجده في تونس، عن مقترح لإنشاء أمن وطني في ليبيا من أجل تعزيز تأمين حدود البلاد لاسيما بعد أن أطل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) برأسه مجددا مؤخرا في البلاد عندما شن هجوما في مدينة القطرون جنوب ليبيا.
وتشهد ليبيا أزمة حادة بعد رفض الدبيبة تسليم السلطة، فيما تُجرى مشاورات مكثفة للحيلولة دون انقسام سياسي ومؤسساتي جديد في البلاد بدا ماثلا مؤخرا أكثر من أي وقت مضى.
قرب دخول طرابلس
أبوزريبة قال إن شبح الحرب ابتعد عن طرابلس حيث قلّت حدة الاضطرابات وباتت نسبتها محدودة جدا مشيرا إلى أن باشاغا يرفض إراقة أي دماء
منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة باشاغا في الفاتح من مارس الماضي لكنها لم تدخل إلى حد كتابة هذه السطور إلى العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها من هناك وسط اتصالات مكثفة لضمان دخول الحكومة سلميا، حيث يشدد باشاغا على أن ذلك لن يكون بإراقة الدماء.
وقال أبوزريبة إن “أهل الخير بصدد القيام باتصالات ومساع مكثفة وهناك تقدم والأمور في تحسن بإذن الله، الكتائب الموجودة في طرابلس يتم التواصل معها أما مديريات الأمن فلا مشكلة حاليا معها فهي ليست لها أي علاقة بعملية التسلم والاستلام”.
وسادت مخاوف في السابق من نشوب صراع مسلح بين الميليشيات المؤيدة للدبيبة مع قوات باشاغا خاصة بعد أن احتشدت هذه القوات في العاصمة الليبية قبل تدخل بدا حاسما للمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز والسفير الأميركي ريتشارد نورلاند.
وأوضح وزير الداخلية الجديد أن “شبح الحرب ابتعد عن طرابلس، اليوم مش كيف (ليس مثل) أمس، اليوم قلّت حدة الاضطرابات وباتت نسبتها محدودة جدا وما يمكن تأكيده هو أن الرئيس فتحي باشاغا مصرّ على دخول طرابلس دخول سلمي دون إراقة أي دماء، وهذا الشيء الوحيد الذي جعل دخول طرابلس فيه نوع من التأخير”.
وأكد أن الدبيبة حاول الدفع نحو قتال دموي وجر الأبرياء إلى الحرب، مشيرا إلى أنه “عندما تم انتخابه من البرلمان سُلم مباشرة السلطة وبدأ ممارسة اختصاصاته بعد نيله الثقة وعندما سحب البرلمان ثقته أصبح يرفض تسليم السلطة”.
وكان الدبيبة قد رفض الامتثال لقرار البرلمان تسليم السلطة إلى حكومة باشاغا غداة انهيار العملية الانتخابية التي كان من المقرر أن تُجرى في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي غير أن معركة طعون استهدفت مرشحين بارزين مثل قائد الجيش المشير خليفة حفتر والدبيبة وابن العقيد الراحل سيف الإسلام القذافي.
وقال أبوزريبة “الدبيبة ليس مقتنعا بالديمقراطية وبالتداول السلمي على السلطة، لقد خلق مشاكل بسبب ذلك”.
وزير الداخلية الجديد أكد أن الدبيبة ليس مقتنعا بالديمقراطية وبالتداول السلمي على السلطة، ما خلق مشاكل لليبيا
وفي مواجهة تحرك البرلمان الليبي وضرورة تسليم السلطة لجأ الدبيبة إلى التعهد بإجراء الانتخابات في يونيو المقبل، وحاول الدفع بحوار وطني لصياغة قانون انتخابي جديد سيُرسل في نهاية المطاف إلى مجلس النواب للمصادقة عليه ثم يُختم من قبل المجلس الرئاسي، لكن أبوزريبة يشدد على أنه ليس بمقدور الدبيبة تنظيم انتخابات.
وقال وزير الداخلية إن “الانتخابات لم تكن أبدا من اختصاص السلطة التنفيذية، البرلمان هو الذي يقوم بالانتخابات بالتنسيق والتعاون مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لن يقدر على تنظيم الانتخابات”.
واعتبر أن “أكثر من ثلثي البلاد خارج سيطرة الدبيبة، المنطقة الشرقية والجنوبية وجزء شاسع من المنطقة الغربية ليست تحت سيطرته، فكيف سينظم انتخابات؟ هل سيقوم بها في طرابلس فقط؟ هو لا يسعى للانتخابات بل العكس يريد عرقلتها”.
وأكد أبوزريبة أن الدبيبة لم يجد أمامه من سبيل للبقاء في السلطة غير دفع الأموال لبعض الأشخاص الذين يُعتبرون من “ضعاف النفوس” لكن هذه الأمور أصبحت تتلاشى الآن في إشارة إلى عدم قدرة الدبيبة على مواصلة استرضاء هؤلاء.
وواجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها منذ وصوله إلى السلطة عقب انتخابه في ملتقى الحوار السياسي بجنيف السويسرية اتهامات بالفساد من قبل عدة فاعلين في ليبيا، لكنه ينفي ذلك.
رغم حالة الاستقرار التي تشهدها منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج، إلا أن الوضع الأمني في ليبيا لا يزال هشا خاصة في ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة خاصة دول الساحل الأفريقي والصحراء.
وأثارت حالة الشد والجذب بين باشاغا والدبيبة مخاوف من أن يقود ذلك إلى عودة الانقسام الأمني إلى البلاد لكن أبوزريبة ينفي إمكانية حدوث ذلك.
وقال إنه “لن يكون هناك انقسام في المؤسسة الأمنية، حاليا مديريات الأمن في طرابلس لا تزال خاضعة لحكومة الوحدة، بالنسبة إلى المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية والجنوبية كل مديريات الأمن فيها باتت تحت سيطرة حكومة الاستقرار الوطني”.
في مواجهة تحرك البرلمان الليبي وضرورة تسليم السلطة لجأ الدبيبة إلى التعهد بإجراء الانتخابات في يونيو المقبل
وأكد وزير الداخلية في حكومة “الاستقرار الوطني” أن نشاط تنظيم الدولة الإسلامية تراجع بشدة وذلك بعد أن شهدت مدينة القطرون الواقعة جنوب البلاد هجوما تصدى له الجيش الليبي.
وأكد أن “عملية دمج المسلحين في القوات النظامية مستمرة بعد أن بدأت قبل سنتين من الآن، تم فتح عدة دورات ومن يرغب في الدمج فالوزارة مستعدة مع ضرورة احترام شروط وضعتها الإدارة العامة للتدريب”.
وأردف أبوزريبة أن “الوزارة اليوم بصدد إعداد هيكلية جديدة، ومن بين المقترحات الموجودة هي إنشاء أمن وطني توكل إليه بالدرجة الأولى مهام تأمين المناطق الحدودية”.
ولطالما طالب فاعلون محليون وإقليميون بضرورة تحصين إقليم فزان (الجنوب الليبي) الذي تحول إلى ما يشبه مسرحا لنشاط العصابات التشادية والمهربين. وعانت المنطقة من التهميش من قبل الحكومات المتعاقبة.
العرب