كييف- يختلف الشاب الأوكراني فاديم، النازح إلى لفيف، مع ابنة المدينة سفيتلانا حول فكرة “الضمانات الأمنية” التي تطالب بها كييف لإعلان الحياد، ففي حين يتحدث الأول عن ثقته بالسلطة والقوات المسلحة و”موقفهما القوي” في المفاوضات مع روسيا، تعبر الثانية عن قلقها، لكنها تقول إنها مع كل خيار يوقف الحرب.
وفي الوقت الذي تفاوض فيه أوكرانيا روسيا لإنهاء حربها المستمرة منذ 24 فبراير/شباط الماضي، يسود البلاد جدل حول فكرة “الضمانات الأمنية” التي تطالب بها كييف لإعلان الحياد، بين من يرى فيها “نصرا مؤزرا” قابلا للتحقيق، وآخرين يرونها “خسارة فادحة”، وخيبة أمل تجهض الأمل في عضوية “الضامن المدافع”، حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).
أما سفيتلانا، وهي من سكان لفيف فتعبر عن قلقها “على مصير القرم ودونباس والمناطق التي سيطرت عليها روسيا بموجب عملية التفاوض”، لكنها في الوقت نفسه “مع كل خيار يوقف الحرب من دون أن تتكرر، ويعيد الحياة إلى طبيعتها”.
وتقول “في النهاية، كل قرار سيطرح على استفتاء شعبي، والأوكرانيون سيقررون ما هو أفضل لهم”.
وقبل أن تصبح الضمانات واقعا، انعكس جدلها في الشارع ومواقع التواصل، وفي تصريحات المسؤولين والمعارضين، بعد أسابيع كانت فيها “الروح الواحدة” سيدة المشهد في البلاد، كما يقول الأوكرانيون.
من يعد الضمانات المطلوبة نصرا يرى أنها تتجاوز “أخطاء الماضي”، وتمنح أوكرانيا أمنا لا يقلل من قدرتها على أن تكون دولة قوية من الناحية العسكرية، وتتفوق بذلك على الكثير من دول حلف الناتو نفسه.
وفي الحديث عن الأخطاء إشارة إلى “وثيقة بودابست 1994″، التي تخلت بموجبها أوكرانيا عن أسلحتها النووية مقابل ضمانات الحفاظ على أمنها ووحدة وسيادة أراضيها من قبل روسيا (المتهمة اليوم بخرق الاتفاقية والاعتداء على أوكرانيا) والولايات المتحدة وبريطانيا.
يقول المستشار في مكتب الرئاسة الأوكرانية أوليكسي أريستوفيتش إن “روسيا كانت من بين الضامنين بصفتها عضوًا دائما في مجلس الأمن، وضمانات اليوم تشمل دولا محورية، كألمانيا وتركيا وإسرائيل والصين”.
وحول الآليات المطلوبة وفق هذه الضمانات، يقول أريستوفيتش إنه “في حالة وقوع عدوان عسكري على أوكرانيا، وفي غضون 3 أيام، يجب على الدول الضامنة بدء مشاورات طارئة، وتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية وإنسانية، تشمل إغلاق الأجواء، وتوريد الأسلحة والذخيرة، وما إلى ذلك”.
وأضاف “يتعهد الضامنون بتأييد مساعي انضمام أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك روسيا، التي (بحسبه) وافقت على ذلك”.
ويرى المستشار أن “في ذلك نصرا، وامتيازات لا تتمتع بها دول الناتو حتى”، مضيفا أنه “لم نقدم تنازلات لنقول إننا خسرنا.. بل حسنّا موقفنا في جميع جولات التفاوض”.
ضمانات لا معنى لها
ومن جهة أخرى، يقلل المعارضون من شأن هذه الضمانات، بل ويعدونها ” لا معنى لها”، ما دامت روسيا طرفا فيها، وأن “أوكرانيا ستندم” على فكرة الحياد، والتخلي عن مساعي عضوية حلف شمال الأطلسي.
يقول النائب البرلماني عن حزب “التضامن الأوروبي” المعارض، فولوديمير أرييف “أعرف شيئا واحدا على وجه اليقين، أي اتفاق مع روسيا لا يساوي شيئا. لم ننس الدرس في 1994”.
وأضاف “إذا لم يتم الضغط على الروس الآن، وإذا تخلينا عن فكرة الأمن الجماعي في الإطار الأوروبي الأطلسي، سنترك بوتين ليفلت من العقاب، وستستعيد موسكو قوتها، بغض النظر عن كل إخفاقاتها، وستدفع أوكرانيا ثمنا باهظا”.
وشبّه أرييف هذه الضمانات بقوله “سبحنا البحر كله وغرقنا بالقرب من الشاطئ. هل سيوافق الآخرون على الغرق معنا؟”
وكان رئيس الوزراء السابق أرسيني ياتسينيوك قد حذر من تخلي بلاده عن مساعي عضوية الناتو، وقبول فكرة “الحياد مقابل الضمانات”، معتبرا أن “أوكرانيا ستندم على ذلك”.
المصدر : الجزيرة