اتحاد الفلاحة الصامت يذكّر التونسيين بوجوده وأهميته

اتحاد الفلاحة الصامت يذكّر التونسيين بوجوده وأهميته

تونس – عبّر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (اتحاد المزارعين) الثلاثاء عن استيائه من “تجاهل السلطة لمشاغل المزارعين والبحارة”، محذرا من “خطر الانهيار بسبب ارتفاع الكلفة وتداعيات التغيرات المناخية وتأثيرات الأوضاع الدولية”، في خطوة قال مراقبون إنها بمثابة صرخة من اتحاد عرف بصمته يذكّر فيها التونسيين بأهميته ودوره في المرحلة القادمة.

واعتبر المراقبون أن بيان اتحاد المزارعين يضع أعباء إضافية على الحكومة الحالية التي تبحث عن دعم خيار الاعتماد على الذات لتوفير الحاجيات في المجال الزراعي، والتي وجدت نفسها تواجه وضعا صعبا بسبب السياسات الفاشلة التي انتهجتها الحكومات السابقة.

وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن الحكومة يمكن أن تتعاون مع اتحاد المزارعين كونه يعبر عن مشاغل قطاع مهم في البلاد، حاثين الاتحاد على النأي بنفسه عن التجاذبات السياسية، خاصة أن رئيسه عبدالمجيد الزار معروف بانتمائه إلى حركة النهضة، ومشددين على أن نجاح الاتحاد يكمن في التركيز على تحوله إلى قوة اقتراح وفعل لإنقاذ القطاع وعدم التحول إلى منظمة نقابية تزيد الأعباء على البلاد من خلال المطالب.

وأعرب الاتحاد في بيان له عن “انشغاله بعدد من الصعوبات التي تواجه مختلف منظومات الإنتاج الزراعي”، موضحًا أن “مختلف منظومات الإنتاج الزراعي مهددة بخطر الانهيار بسبب ارتفاع الكلفة وتداعيات التغيرات المناخية وتأثيرات الأوضاع الدولية”.

وأكد على “الدور الاستراتيجي لقطاع الزراعة والصيد البحري في توفير الإنتاج وتحقيق سيادتنا الغذائية وتعزيز مقومات أمننا ودفع التنمية”.

كما شدّد على أن “الدور الاستراتيجي لقطاع الزراعة يجعل من النهوض بهذا القطاع وحل مشاكله شأنا وطنيا وتحديا جماعيا، وهو ما يقتضي من السلطات المعنية إشراك المزارعين والبحارة في أي حوار وطني شامل”.

وقال محمد رجايبية، عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالزراعات الكبرى، إن “القطاع الزراعي يعتبر اليوم من مقومات الاقتصاد في تونس، وهو القطاع الوحيد الذي يتوفّر على مؤشرات إيجابية”.

وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “كل البرامج والسياسات المتّبعة في السنوات الأخيرة لم تُول قطاع الزراعة الأهمية التي يستحقها، وشهدت منظومات الإنتاج تراجعا كبيرا، ما دفع اتحاد الفلاحين إلى المطالبة بإصلاح القطاع والمحافظة على تلك المنظومات”.

محمد رجايبيّة: قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي بشرط توفّر الإرادة السياسية

وتابع رجايبيّة “هناك اضطرابات خارجية وأزمة غذائية عالمية أثّرت على البلدان العظمى، وتونس من البلدان المورّدة للحبوب بأكثر من 50 في المئة من حاجياتها”، لافتا إلى أن “الحرب الروسية – الأوكرانية أثّرت على أسعار الحبوب، وهو ما سيؤثر آليا على المالية العمومية التونسية”.

وقال “نحن قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي بشرط توفّر الإرادة السياسية اللازمة، وهناك عمل جارٍ مع الاتحاد لتطوير المنظومة وتجاوز الإشكاليات العالقة، كما سنسعى في الأشهر القادمة لتنزيل خطة في هذا الصدد والعمل وفقها بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في غضون خمس أو ستّ سنوات”.

وسجّلت أسعار القمح مستويات قياسية في جلسات التداول في السوق الأوروبية، وقد بلغ سعره حدًّا غير مسبوق إذ وصل إلى 344 يورو (384 دولاراً) للطن الواحد.

وتستورد تونس من روسيا وأوكرانيا أكثر من 60 في المئة من استهلاكها للقمح، علماً أنها تعاني بدورها من إشكالات التزود منذ الخريف الماضي بسبب التأخر في توفير السيولة اللازمة لتسديد مستحقات دفعات من وارداتها من القمح بالعملة الصعبة.

وأكد خبراء في الاقتصاد على أهمية قطاع الزراعة ومساهمته في التشغيل والنمو الاقتصادي، وسط نداءات تطالب بتشخيص الوضع الزراعي ووضع خطط جديدة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي.

وقال الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان في تصريح لـ”العرب”، إنّ “القطاع الزراعي يمكن أن يكون مصدرا كبيرا للنمو الاقتصادي والتشغيل، لكن السياسات الحكومية السابقة أهملت ذلك الجانب”.

وأكّد أن “الأمن الغذائي جزء من الأمن القومي، ويمكن تحقيق الأمن الغذائي في غضون موسم واحد، حيث كانت تونس تستهلك قبل سنة 2010، 2.5 مليون طن من القمح والآن أصبح الاستهلاك في حدود 3.4 مليون طن، أي أن 0.9 مليون طن هي كميات تتلف أو تهرّب خارج البلاد، وأصبحنا نجد المواد الغذائية المدعمة في ليبيا والنيجر والتشاد”.

وتابع عزالدين سعيدان “على الدولة أن تعدّل الأسعار بالنسبة إلى المزارع التونسي، وهو ما سيزيد من مساحات زراعات الحبوب، حيث كانت قبل 2010 مليونا وخمس مئة هكتار وأصبحت الآن في حدود 900 ألف هكتار، وهو ما يعني أن المزارع التونسي لم يعد يهتمّ بالزراعة لأن الأسعار أيضا تراجعت، وهناك أراض زراعية مهملة”.

وطالب سعيدان بـ”التسريع في تشخيص الواقع الزراعي، ووضع استراتيجية جديدة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي، ثم التفكير في التصدير نظرا لقرب تونس من أكبر الأسواق الاستهلاكية (أوروبا)”، مشدّدا على أن “منظومات الإنتاج أصبحت مهدّدة نظرا إلى غياب السياسة الزراعية غيابا كاملا في تونس، وتنامي ممارسات الفساد في هذا القطاع”.

والأربعاء رحب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بالزيادة المقررة في أسعار الحبوب، معتبرا أنها جاءت استجابة لمطالب المنتجين.

كما نبه إلى أن مثل هذه الزيادة تبقى على أهميتها غير قادرة على معادلة الزيادات الجنونية التي ما انفكت تشهدها أسعار المستلزمات والمدخلات، داعيا كافة المتدخلين في منظومة إنتاج الحبوب إلى ضرورة توحيد الجهود لإنجاح موسم حصاد الحبوب.

العرب