أم الفحم (إسرائيل) – سلطت الهجمات الأخيرة التي شهدتها إسرائيل وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الضوء على عدو جديد باتت تواجهه تل أبيب ما يحتم عليها التفكير في آليات مواجهته.
وشهدت إسرائيل مؤخرا ثلاث هجمات أسفرت عن مقتل 11 شخصا، تبنى التنظيم اثنتين منها. وانضم عدد يعتبر قليلا نسبيا من الفلسطينيين والعرب في إسرائيل إلى التنظيم قبل هزيمته في سوريا عام 2019.
وتلقى التنظيم الذي تم إضعافه آخر الضربات في فبراير الماضي بعدما أعلنت الولايات المتحدة عن قتل زعيمه أبوإبراهيم القرشي خلال عملية إنزال جوي نفذتها وحدة كوماندوس أميركية في شمال غرب سوريا.
لكن الآن أصبحت إسرائيل في مرمى أهداف ما تبقى من التنظيم الذي يبدو أنه يستفيد من بعض الظروف على غرار التوترات في رمضان في إسرائيل والشعبية التي تحظى بها مهاجمتها.
عيدو ليفي: بالاستعداد القوي يمكن تحقيق نجاح في ردع الهجمات مستقبلا
وقال عيدو ليفي الباحث المتخصص في العمليات العسكرية ومكافحة الإرهاب إن “هناك احتمالا لتجدد اهتمام داعش بإسرائيل حيث حدثَ الهجومان الأخيران بموازاة الازدياد الطفيف في الأنشطة التي تبناها فرع ولاية سيناء. فقد تبنى هذا الفرع 12 هجومًا في الشهر الأخير، ما يتجاوز إجمالي ما تبناه في الأشهر الخمسة السابقة، حسب نشرة النبأ الإخبارية التي يصدرها تنظيم الدولة الإسلامية أسبوعيًا. وبالإضافة إلى ذلك، سلّطت طبعته الأخيرة من النشرة الإخبارية الضوء على الهجومين على بئر السبع والخضيرة، وكرّست افتتاحيتها الرئيسية للإشادة بهما وحَثّ الفلسطينيين على التخلي عن القومية العلمانية لصالح اعتناق نضال إسلامي بحت”.
وأضاف ليفي في ورقة بحثية لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أنه “إضافة إلى ذلك، فإن هناك معطى الشعبية التي تتمتع بها مهاجمة إسرائيل، فرغم العداوة الأيديولوجية إزاء تنظيم الدولة الإسلامية، أصدرت أهم الفصائل الفلسطينية المتطرفة والمدعومة من إيران الدينية منها والعلمانية على حدٍ سواء بيانات للإشادة بالهجومين. وفي الواقع، غذّى العدو المشترك في إسرائيل التعاون السابق بين حركة حماس و’ولاية سيناء’ وقد يُسهّل ذلك المساعي المستقبلية لتنظيم الدولة الإسلامية”.
وما زال تنظيم داعش يشكل خطرا أمنيا على إسرائيل رغم أنه أصغر حجما عن حركة حماس وغيرها. ورغم الرد الأمني القوي لتل أبيب على الهجمات الأخيرة إلا أن حدوثها يعتبر بمثابة الفشل ليس للأجهزة الأمنية فحسب بل أيضا للسياسات التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية.
وقال ليفي إن “مكامن القصور نفسها تسود في تمييز التهديد ومعالجته بشكل مناسبٍ في الإدارة الإسرائيلية غير الكافية لمعتقلي تنظيم الدولة الإسلامية. فلمَ يعالَج التهديد الذي يطرحه هذا التنظيم في إسرائيل إذا كان هاجسًا غير جديرٍ بالاهتمام، وحان الوقت الآن للنظر فيه بجدية أكبر”.
ورأى أن “الدرس الأساسي الذي يجب استخلاصه بالنسبة إلى السياسات الإسرائيلية هو أن تنظيم الدولة الإسلامية يريد فعلًا مهاجمة إسرائيل، ويجب أن نفترض أنه سينتهز الفرصة للقيام بذلك متى استطاع. وفي الحقيقة، يُحسِن هذا التنظيم بشكلٍ خاصٍ مفاجأة خصومه، كما فعل حين اجتاح العراق في عام 2014 وشرع بتنفيذ الحملات في ليبيا ونيجيريا والفلبين وموزمبيق وأماكن أخرى. ويمكن تحقيق نجاح باهر في ردع حدوث هجمات مشابهة في المستقبل بالاستعداد القوي المقترن بالقدرات القوية التي تتمتع بها إسرائيل أصلًا في مكافحة الإرهاب”.
إسرائيل أصبحت في مرمى أهداف ما تبقى من التنظيم الذي يبدو أنه يستفيد من بعض الظروف
وتعكس الهجمات الأخيرة أيضا عدم كفاية العمليات التي تنفذها إسرائيل على صعيد المعلومات. فإذا حثت اللقطات حول الهجومين الأخيرين بالفعل على تنفيذ سلسلة من الهجمات التي تحاكيهما، يدل ذلك إذا أكثر فأكثر على ضرورة أن تُحسّن إسرائيل ردّها بشكلٍ مناسبٍ لضمان عدم انتشار دعاية تنظيم داعش.
ولذلك يجب على إسرائيل أن تعزز تبني نهج “ناعم” في مكافحة التنظيمات الإرهابية بحسب ليفي.
ويوضح “مثلًا من خلال بناء علاقات أفضل بين الأجهزة الأمنية والمجتمعات المحلية. فسيسهّل تحسين الثقة منع التطرف ويُفعّل جهود إعادة الدمج بعد الإفراج عن الجناة الإرهابيين من السجن. فالنهج المعتمَد حاليًا والمتمثل في عدم التدخل بعد إطلاق سراح المساجين غير كافٍ بشكلٍ واضح. وفى هذا السياق، فإن إنشاء قنوات اتصال مع جهات إنفاذ القانون التي تتمتع بمهارات لغوية وثقافية تمكنها من التنسيق الفعال مع قادة المجتمع، يمثل إحدى الأدوات المهمة”.
العرب