الإيزيديون في العراق يحتفلون بعيد رأس السنة.. من هم وماذا يعبدون؟

الإيزيديون في العراق يحتفلون بعيد رأس السنة.. من هم وماذا يعبدون؟

احتفل الإيزيديون في العراق اليوم بمناسبة عيد رأس السنة الإيزيدية الذي يوافق أول يوم أربعاء من السنة الشرقية. وتجمع عدد كبير من أبناء الطائفة الإيزيدية في معبد “لالش” بمحافظة نينوى (شمالي العراق)، وهو مقرّ المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم، للاحتفال بعيد رأس السنة وممارسة طقوسهم الدينية.

ويسمى هذا العيد “سري صالي”، وبحسب العقيدة الإيزيدية “فإنه يتم في هذا اليوم تسليم السلطة إلى الملك طاووس ليدير شؤون الدنيا”. ويعتبر عيد رأس السنة من الأعياد المقدسة عند الإيزيديين، حيث يذبح كل بيت إيزيدي خروفا، ويطبخ قسماً منه ويوزع القسم الآخر على الفقراء.

رسائل تهنئة

وقدّم مسؤولون وسياسيون ونشطاء التهاني للإيزيديين عبر منصات التواصل الاجتماعي، بمناسبة عيد رأس السنة الإيزيدية.

وقال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عبر حسابه على تويتر: “في رأس السنة الإيزيدية، نهنئ إخوتنا وأهلنا العراقيين الإيزيديين، متمنين لهم دوام الحياة بكرامة وأمن ورفاه على أرض العراق، أرضهم وموطن كل العراقيين؛ بلادنا عزيزة بتنوّع أبنائها ومحبتهم وتآلفهم”.

وكتب الرئيس العراقي برهم صالح على حسابه في تويتر، “أحر التهاني والتبريكات لأبناء شعبنا الأصيل من الديانة الإيزيدية بمناسبة عيد رأس السنة الإيزيدية، متمنياً لهم عاماً سعيداً يسوده السلام”، وأضاف صالح “نجدد دعمنا الكامل لتأمين حقوقهم وعودة النازحين إلى ديارهم، وسنتابع بحرص مع الجهات المعنية والمجتمع الدولي لتحرير أبنائنا المختطفين والمختطفات.

وعلّق رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي -عبر حسابه في تويتر- قائلا: إن “ما فعله الإرهاب بحق الإيزيديين جرح وطني لا يمكن نسيناه”، مضيفا “لقد انتقمنا لهم بسحقنا للإرهاب الأسود، وعلينا السعي لتحرير أسراهم وإعادة كامل الاعتبار الإنساني والوطني لهم

وقال رئيس حزب المشروع الوطني العراقي جمال الضاري، عبر حسابه على تويتر: “نُهنئ إخوتنا الإيزيديين بمناسبة رأس السنة الإيزيدية، ونجدد دعوتنا للحكومة والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لمتابعة ملف المختطفات الإيزيديات وإعادة النازحين إلى مناطقهم”، وأضاف الضاري “نشدد على ضرورة فرض القانون في سنجار وإبعاد العراق وشعبه عن الصراعات الإقليمية

من الإيزيديون؟

وتتعدد الروايات التاريخية حول تاريخ وجود الديانة الإيزيدية، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجدوا منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في تناقض للرواية الإسلامية وغيرها بأن الإيزيدية ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، في ظل وجود رأي آخر يفيد بأنها خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزرادشتية والمانوية، أو امتداد للديانة الميثرائية، بحسب الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي.

وتعود مفردة الإيزيدية إلى كلمة “يزدان” التي تعني “عبدة الله” الذين يمشون على الطريق القويم، بحسب تعريف جندي الذي يقول إن الإيزيدية من الديانات الهندو-إيرانية القديمة قبل الديانة الزاردشتية، التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة وباكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية.

تقديس الظواهر الطبيعية

ومن السمات التي تجعل الإيزيدية على خلاف الديانات الإبراهيمية هي النظرة الفلسفية للتكوين والخليقة، والموقف من قوة الخير والشرّ، وكلاهما متلازمان في وحدة جدلية لا انفصال بينهما، كما يقول جندي، و”بهذا لا يوجد مفهوم العصيان (الشيطان) لدى الإيزيدية، بل القول إن الخير والشر يأتيان من عند باب الله”!

ويُقدّس الإيزيديون الظواهر الطبيعية من شمس وقمر ونار وتراب وماء وغيرها، باعتبارها تجليات الخالق -بحسب جندي- مع وحدة الوجود لوحدانيتها في عبادة الله، إضافة إلى الله الكلي القدرة فإن “هناك عددا غير قليل من الأرباب (خودان) موكل إليهم شأن من شؤون الدنيا، بمعنى ربط سلطة وحكم السماء بالأرض”.

وتختلف الإيزيدية عن الأديان الأخرى بأنها غير تبشيرية، ولا تقبل بانضمام جدد إليها إلا من يولد من أب وأم إيزيديين، مع وجود نظام الزواج الطبقي الداخلي المغلق بين الإيزيدية، كما يؤكد جندي، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة، كل واحدة تتزاوج فيما بينها، ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون.

وليس للإيزيدية نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، ويرتبط الإنسان بربه مباشرةً في علاقته به، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي وحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، بحسب جندي الذي أكد أن “الإيزيدية من ذرية آدم فقط من دون حواء

هل يعبدون الشيطان والشمس؟

وعما إذا كان الإيزيديون يعبدون الشيطان أو الشمس، يقول جندي إن هذه إشكالية كبيرة وغير صحيحة مطلقا، واصفا إياها بـ”اتهام مجحف وقاس”، متسائلا: كيف يكون هناك إله للشرّ اسمه الشيطان إذ لم تكن هناك أصلا فكرة العصيان للخالق عند الإيزيدية؟

ويعتبر “طاووس ملك”، بحسب الديانة الإيزيدية، اسما من بين 3003 أسماء لله، وهو من سيماء الألوهية، ويأخذ “طاووس ملك” مرة دور إله السماء “بابا دياوس” عند الإيرانيين القدامى، و”آنو” عند السومريين، و”فارونا” عند الهندوس، وقرص الشمس هو عيونه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس حتى الآن. وإذا كان “طاووس ملك” قبلة للعبادة عند الإيزيدية -بحسب جندي- فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم، أما نفورهم من كلمة الشيطان فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ.

ويوضح جندي أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا، بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان: الأول باسم “مصحف رش” (الكتاب الأسود)، والثاني باسم “الجلوة”، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرض له الإيزيديون.

الجزيرة