عودة وجوه بارزة إلى الساحة السنية في العراق تقلق تحالف السيادة

عودة وجوه بارزة إلى الساحة السنية في العراق تقلق تحالف السيادة

تشكل عودة عدد من الوجوه السنية البارزة إلى مسرح الأحداث في العراق، تحديا كبيرا لتحالف السيادة ولاسيما لزعيمه محمد الحلبوسي الذي استفاد لسنوات طويلة من غياب المنافسين في الساحة السنية.

بغداد – تثير عودة شخصيات سنية بارزة إلى الساحة السياسية في العراق بعد سنوات من الغياب، قلق تحالف “إنقاذ وطن” الذي يتزعمه التيار الصدري، ولاسيما ائتلاف السيادة السني الذي يقوده كلّ من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورجل الأعمال خميس الخنجر.

وتقول أوساط سياسية عراقية إن عودة أحد أبرز شيوخ محافظة الأنبار وأمير عشيرة الدليم علي حاتم السليمان إلى بغداد، وذلك بعد أيام قليلة من الإفراج على الوزير الأسبق رافع العيساوي، ستكون لها تأثيراتها على الساحة السنية التي كان تحالف الحلبوسي – الخنجر مستكينا للسيطرة عليها.

وعمل الحلبوسي والخنجر خلال السنوات الماضية على ملء الفراغ الذي خلفه غياب شخصيات عشائرية وازنة ومؤثرة لأسباب تتعلق في الغالب بصدامات مع المنظومة السياسية القائمة، وقد نجح الطرفان في فرض نفسيهما رقما صعبا في المعادلة العراقية وهو ما أظهرته نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر الماضي.

وتشير الأوساط إلى أن عودة بعض الرموز في المحافظات السنية بالتأكيد سيثير لدى الثنائي قلقا كبيرا، وقد يعيد خلط الأوراق بالنسبة إليهما وأيضا لحليفهما الحالي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

مشعان الجبوري: خصوم تحالف السيادة خلف عودة علي حاتم السليمان
وكان الصدر يراهن على ائتلاف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني لضمان السيطرة على دفة العملية السياسية، وقد ذهب زعيم التيار الصدري حدّ الاستهزاء بالخصوم من خلال إمهالهم أربعين يوما لتحقيق اختراق في عملية تشكيل الحكومة واختيار رئيس للجمهورية، لتعود الكرة إليه، لكن هذا الوضع قد يتغير الآن حيث إن ائتلاف السيادة قد يضطر مع التطورات الجديدة إلى إعادة النظر في التحالف مع الصدر وفتح المجال أمام التعاطي بإيجابية مع الإطار التنسيقي.

وغاب علي حاتم السليمان لنحو ثماني سنوات عن مسرح الأحداث في العراق، وذلك بعد اتهامه بالإرهاب، على خلفية مواجهات مع حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وأعلن السليمان عن عودته المفاجئة في تغريدة له على حسابه على تويتر قال فيها “بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحولت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد، نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون، وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة”. في إشارة بدت موجهة أساسا إلى الحلبوسي.

ويتعرض الحلبوسي لانتقادات واسعة بشأن تحريض الأجهزة الأمنية على ملاحقة كل من ينتقده في الأنبار، وقد اتهم النائب عن كتلة “الصادقون” علي تركي الجمالي، قبل أيام رئيس مجلس النواب بانتهاج سياسة تكميم الأفواه وضرب الخصوم في المحافظة السنية الواقعة غرب العراق.

ويرى مراقبون أن عودة السليمان الذي يحظى بثقل عشائري، وأيضا العيساوي الذي يمثل أحد أبرز الوجوه السنية، لا يبدو أنها مصادفة، وقد يكون الإطار التنسيقي الذي يقوده ائتلاف دولة القانون من يقف خلف هندسة هذه العودة، بعد أن فشل الإطار في إقناع التيار الصدري وحليفيه بالمبادرة السياسية التي يطرحها.

لكن مدير المكتب الإعلامي لرئيس الائتلاف نوري المالكي نفى الجمعة، أن يكون لهم أي دور في عودة السليمان أو في الإفراج عن العيساوي.

وقال هشام الركابي، إن “بعض الأطراف تحاول تضليل الرأي العام عبر تسويق قضية إسقاط التهم عن السليمان ورافع العيساوي وإثارة الشارع حول الآخرين على اعتبار أنه كان لهم دور في ساحات الاعتصام”، لافتا إلى أن “الأطراف التي أثارت تلك القضايا هي منافسة لهؤلاء وفي الساحة السنية”.

الحلبوسي يتعرض لانتقادات بشأن تحريض الأجهزة الأمنية على ملاحقة كل من ينتقده في الأنبار وقد اتهم علي تركي الجمالي رئيس مجلس النواب بانتهاج سياسة تكميم الأفواه

وأوضح الركابي أن “المروجين أو المتسببين في إثارة مثل تلك القضايا رموا الكرة في ساحة أبرز القيادات السياسية وهو (المالكي)، لكن الواقع خلاف ذلك فكيف لزعيم دولة القانون التدخل بمثل تلك القضايا فهل له منصب تنفيذي في الحكومة يمكنه من إصدار هكذا قرارات عفو؟”.

ولفت إلى أن “المالكي لا يمتلك أي منصب ولا موقع في السلطة القضائية”، مردفا بالقول إن “القضية محصورة بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والسلطة القضائية، باعتبارهما الجهات المسؤولة عن تنفيذ الإجراءات التي تمكن المشار إليهم من المجيء إلى بغداد وتوفير الحماية والدخول لحسم قضاياهم”.

وأشار الركابي إلى أن “المالكي ليس الوحيد المتهم بتسهيل إجراءات عودة (العيساوي وسليمان) فالاتهامات طالت أيضا زعيم تحالف الفتح هادي العامري”، متسائلا: “لماذا (المالكي والعامري) وفي هذا التوقيت بالذات؟”.

في المقابل أبدت شخصيات سنية ونواب ترحيبهم المتحفظ بعودة السليمان، وأعرب عضو مجلس النواب عن كتلة عزم مشعان الجبوري عن قناعته بأن الأخير “كان مطاردا أو مطلوبا في قضايا كيدية اخترعتها الدولة العميقة صاحبة النفوذ في بعض أجهزة الدولة”.

وأضاف الجبوري عبر حسابه على تويتر “أما عودته وانتهاء القضايا ضده فهي من خصوم تحالف السيادة ويهدفون إلى إثارة المشكلات في الأنبار ولكني أعتقد أنهم لن ينجحوا لحكمة الفرقاء وتعقلهم”.

من جهته اعتبر الكاتب والأكاديمي علاء مصطفى، في تغريدة في حسابه على تويتر أن “عودة علي حاتم السليمان إلى المشهد الاجتماعي في الأنبار ستخلق عامل منافسة يطوّق رمزية الحلبوسي وأداة قوة تعيق استحواذه على المكون وزعامته”، مشيرا إلى أن عودة السليمان تؤدي إلى “توفير دعم للأصوات المعارضة لحزب تقدم في الأنبار بمكانته الاجتماعية التي لا يمكن تحجيمها في محافظة ذات هوية عشائرية”، متسائلا “هل عودته صدفة أم تكتيك شاطر؟”.

العرب