رجّحت مصادر سياسية عراقية «انفراجة» مرتقبة لأزمة «الانسداد السياسي» التي يعاني منها العراق منذ انتخابات تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتشكيل الحكومة الجديدة وفقاً لمبدأ «الأغلبية الواسعة» بمشاركة جميع الكتل، وسط أنباء تفيد بـ«تصدّع» تحالف «انقاذ وطن» وانضمام نواب مستقلين «شيعة» إلى تحالف «الإطار التنسيقي».
ويقول المحلل السياسي العارقي، واثق الجابري، لـ«القدس العربي» إنه «بعد فشل ثلاث جلسات لاختيار رئيس الجمهورية، وعدم حصول التحالف الثلاثي على ثلثي أعضاء مجلس النواب، لتمرير مرشحه للمنصب ريبر أحمد، وصلت القوى السياسية وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة السنّي، إلى قناعة تفيد بأن لا مجال لغير العودة إلى مزيد من المفاوضات».
في مقابل ذلك طرح «الإطار التنسيقي» الشيعي جمّلة مبادرات وحوارات تهدف إلى العودة لساحة التفاوض.
ويضيف الجابري: «الصدر اعتكف سياسياً مدّة 40 يوماً، وابتعد عن خوض الحوارات السياسية خلال هذه الفترة، لكنه فسح المجال أمام القوى السياسية الأخرى لمزيد من الحوارات وتكثيفها» لافتاً إلى إن «القوى السياسية وصلت إلى قناعة بضرورة التفاهم فيما بينهم، تزامناً مع قرار مفوضية الانتخابات الأخير الرافض لتشكيل تحالف السيادة يضم خميس الخنجر، ومحمد الحلبوسي، وهذا يعني عودة الحلبوسي إلى زعامة تحالف (تقدّم) فقط بـ45 نائباً، الأمر الذي أسهم في تقليل مقاعد التحالف الثلاثي إلى نحو 150 مقعداً نيابياً».
ووفقاً للمحلل السياسي العراقي فإن «الإطار التنسيقي وحلفاءه (الاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف عزّم السنّي) يشهد تزايداً في أعداد أعضائه، فضلاً عن عدد آخر من النواب المستقلين- وتحديداً الشيعة- الذين يقتربون بآرائهم من الإطار التنسيقي».
ويشير إلى إن «هؤلاء النواب (المستقلين) يتفقون مع رأي الإطار الذي يرى إن الصدر لن يتمكن من تشكيل الحكومة لوحده، وفي حال يراد تشكيل أغلبية فيجب أن تكون أغلبية شيعية». ونشأت العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 على «عرفٍ» سياسي يقضي بمنح منصب رئيس الجمهورية للأكراد، على أن يتولى الشيعة إدارة دفّة الحكم، ويُمنح السنّة رئاسة مجلس النواب، البرلمان.
«التحالف الثلاثي لم يتجاوز هذا العرف السياسي» حسب الجابري الذي أشار إلى إن «أهمية وجود تفاهم شيعي لتحديد منصب رئيس الوزراء، وكذلك الأمر بالنسبة للتفاهمات (الكردية الكردية، والسنيّة السنّية) لحسم رئاستي الجمهورية والبرلمان».
ويبدو أن حظوظ التحالف الثلاثي في تشكيل الحكومة، بالتعاون مع حلفائه بدأت تتضاءل، تزامناً مع قرب نهاية «مهلة الصدر» التي تنتهي بعد عيد الفطر.
ويرجّح الجابري بروز بعض النتائج للحوارات السياسية خلال الأيام الحالية- تسبق العيد «قد نشهد انفراجة سياسية».
ومضى يقول: «التحالف الثلاثي يشهد تصدعاً داخلياً يأتي لقناعة أطرافه بضرورة الشراكة مع باقي القوى السياسية، الأمر الذي يفرض أن تتشكل الحكومة المقبلة بأغلبية واسعة، تقابلها معارضة بسيطة في البرلمان».
وعدّ هذا الخيار بأنه «الحلّ الوحيد للعملية السياسية. بقاء كل طرف متزمّتا برأيه لن يوصلنا إلى نتائج».
في مقابل ذلك، تحدثت مصادر نيابية، لمواقع إخبارية مقرّبة من «الإطار التنسيقي» الشيعي، عن وجود «انشقاق غير معلن» داخل تحالف «السيادة» السنّي، المؤتلف مع «انقاذ وطن» نتيجة رضوخه التام وربط قراره السياسي بجهة سياسية ضمن التحالف الثلاثي- في إشارة إلى الكتلة الصدرية، فيما أشارت الى أن عددا من نواب التحالف سيلتحقون قريبا بـ«الإطار التنسيقي».
وطبقاً للمصادر ذاتها فإن «عناد التحالف الثلاثي وعدم إبداء أي مرونة في إيجاد حالة توافقية لحل أزمة الانسداد السياسي والانفتاح على الإطار التنسيقي، أديا إلى وجود حالة من الاستنفار داخل التحالف بشكل عام وداخل السيادة (تحالف يضم خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي) بشكل خاص».
وحسب المعلومات فإن «عددا غير قليل من نواب تحالف السيادة سيتم الإعلان عن التحاقهم بالإطار قريبا جدا» مؤكدة «وجود انشقاق غير معلن داخل تحالف السيادة نتيجة رضوخه التام وربط قراره السياسي بجهة سياسية ضمن التحالف الثلاثي».
وفي سياق ذي صلة، تحدثّت المصادر بأن «أحزاباً كردية صغيرة كانت موالية للحزب الديمقراطي الكردستاني، ستلتحق هي الأخرى أيضا بالإطار للسبب نفسه».
ويرى «الإطار التنسيقي» الشيعي، المتحالف مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، وتحالف «عزمّ» السنّي، برئاسة مثنى السامرائي، قرب التوصل إلى «انفراجة» لإنهاء الانسداد السياسي، سيما بعد دخول لاعبين جدد على خط التفاوض كالسفيرين الجديدين الإيراني والأمريكي.
مواقع إخبارية محلّية نقلت عن عضو «الإطار» عائد الهلالي، قوله إن «المعطيات الدورية من المحتمل أن يكون لها تأثيرا وسببا لتقريب وجهات النظر».
وأشار الهلالي إلى أن «هناك تسريبات ومقترحات لإبقاء الحكومة الحالية يرافقها تغيير دستوري يتمثل بإلغاء أغلبية الثلثين وتحويل النظام في البلاد إلى رئاسي بدلا عن البرلماني».
واعتبر الهلالي أن «هذه التغييرات من الممكن حصولها إذا ما حصل توافق وطني واجتماعي عليها وذلك للالتزام بها».
كما لفت إلى أن «المهلة التي حددها زعيم التيار الصدري والتي تنتهي في التاسع من شوال المقبل، خرقا للمدد الدستورية، وهو لا يتلاءم مع مشروع الكتلة الصدرية الإصلاحي، وأنها ستضع كتلته بخانة الأوائل الذين يخرقون المدد الدستورية».
ونوه إلى أن «التحالف الثلاثي أيقن بعدم تمكنه من جمع أغلبية الثلثين، وانه لا سبيل لديهم سوى الجلوس مع الإطار التنسيقي والاتفاق لتشكيل الحكومة».
أما في ما يخص المبادرات السياسية لإنهاء الأزمة فقد لفت إلى أن» مبادرة زعيم تيار الحكمة، بالإضافة إلى مبادرة الإطار التنسيقي عبر اللجنة الخماسية لتقريب وجهات النظر، لاقت صدى واسعا واهتماما كبيرا من لدن القوى السياسية سيما من الكتلة الصدرية وتحالف السيادة».
وفي الغضون قلّل الهلالي من أهمية «المبادرة التي أطلقتها حركة امتداد (مستقلة)» واعتبرها «التفافا غير موفق وأنه كان عليهم أن يذهبوا مع الجهة السياسية الأقرب لتوجهاتهم أفضل من طرح هذه المبادرة، سيما وأن العملية السياسية تمخضت عنها قوتان هما إنقاذ وطن والثبات الوطني وأن مبادرة امتداد لن ترى النور ومهمتها صعبة». ويتفق حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، مع المعلومات التي تُنذر بقرب انفراج الأزمة السياسية، غير إنه حمّل القوى السياسية الشيعية مسؤولية تمدّد الخلاف السياسي نحو السنّة والأكراد.
عضو الاتحاد، غياث سورجي، أوضح إن «اجتماع الإطار وعزم والاتحاد الوطني والمستقلين (الأسبوع الماضي) دعا إلى تجاوز المشاكل والإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة والجميع متفائل وفتح أبواب الحوار لحلحلة الأزمة وهي مبادرة جيدة تصب في مصلحة الشعب» طبقاً لوسائل إعلام تابعة لرئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم.
وأضاف، أن «العناد السياسي لا يخدم الشعب، وعلى الجميع تقديم التنازلات للوصول إلى حل لفك الانسداد السياسي» ملمحاً إلى «تتغير الخريطة السياسية ما بعد عيد الفطر المبارك داخل التحالف الثلاثي وجهات الأخرى».
وتابع سورجي: «لا يوجد أي تواصل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهناك تصعيد إعلامي وصل إلى مستوى القيادات، وهذا لن يخدم الشعب الكردي، وقلنا أبوابنا مفتوحة للتفاوض على وضع آلية لتجاوز معضلة رئاسة الجمهورية».
وختم بالقول: «تفاهمات البيت الشيعي هي التي تنهي المشكلات القائمة» منبهاً: «إقصاء أي جهة سياسية سينعكس سلبا على جميع المكونات واستحقاقاتها، وما يجري اليوم هو إقصاء الإطار التنسيقي من قبل التيار الصدري، والاتحاد الوطني من قبل الديمقراطي».
القدس العربي