واشنطن – يفسّر محللون تجاهل السعودية التوترَ بينها وبين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وعدم اهتمامها بإصلاح العلاقة معها برهانها على خسارة الديمقراطيين لانتخابات التجديد النصفي للكونكغرس، وهو ما تعكسه الاستثمارات السعودية في شركات أميركية تعود إلى مسؤولين عملوا في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويرى هؤلاء المحللون أن السعودية مازالت مهتمة بتوطيد علاقتها مع الولايات المتحدة ولكن بعد خسارة الديمقراطيين لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس وانتخاب رئيس جمهوري في الانتخابات الرئاسية سنة 2024.
عبدالعزيز العويشق: هناك حاجة إلى تحديث التعاون الأمني الحالي وتطويره
وستشهد الولايات المتحدة في الثامن من نوفمبر المقبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وفيها يعاد انتخاب كافة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوا، مقابل ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 مقعداً من أصل 100. كما تشمل الانتخابات الاقتراع على مناصب 39 حاكم ولاية، وسط تكهنات متنامية ترجّح صعود الجمهوريين وخسارة الديمقراطيين لمقاعدهم.
وانعدمت ثقة السعودية في الإدارة الأميركية الجديدة. وكان ذلك نتاج تراكمات؛ بدءا من تجاهل واشنطن للهجمات الحوثية على منشآت نفطية سعودية والاستعداء المعلن لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بسبب قضية الصحافي جمال خاشقجي، بالإضافة إلى مساعي الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما تنظر إليه السعودية على أنه سيمنح طهران دفعة قوية للتمادي في المنطقة.
ورصد تقرير لمجلة “فورين بوليسي” توجه السعودية إلى الاستثمار في شركات أميركية تابعة لمسؤولين في إدارة ترامب الذي كانت علاقته منسجمة مع الرياض وخاصة مع الأمير محمد بن سلمان.
ويقول مراقبون إن قرار السعودية يتجاوز التعبير عن تقدير العلاقات الجيدة التي عرفها البلدان خلال إدارة ترامب إلى استثمار سياسي في الجمهوريين.
وبدأت ملامح السياسة السعودية تتضح بعد أن وافق ولي العهد السعودي على استثمار ملياري دولار من صندوق الاستثمارات العامة في شركة الأسهم الخاصة “أفينيتي بارتنرز” التي كان قد أسسها مؤخرا جاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره السابق الذي حافظ على علاقة وثيقة مع ولي العهد، رغم اعتراضات خبراء في الصندوق.
وتباهت الشركة بإنجازات في المملكة العربية السعودية ومنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وشركائها، بما في ذلك روسيا، خلال عمل كوشنر في البيت الأبيض.
وبحسب تقرير “فورين بوليسي” استشهدت اللجنة التابعة للصندوق السعودي بجملة من الأسباب التي تدفع إلى عدم اتخاذ هذه الخطوة، وكان أبرزها “قلة خبرة إدارة صندوق أفينيتي”، بالإضافة إلى رسوم إدارة الأصول المقترحة التي بدت “مبالغا فيها”.
وبينما اعتبر كثيرون أن ولي العهد الذي يرأس صندوق الاستثمارات العامة كافأ كوشنر على دعمه في مناسبات متعددة خلال رئاسة ترامب، أقرّ كاتب التقرير جيمس دورسي بأن “القرار يتجاوز التعبير عن تقدير مساعدة كوشنر السابقة إلى كونه استثمارا في مستقبل سياسي محتمل لترامب أو جمهوري من أمثاله”.
واستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي في العام الماضي مليار دولار في شركة “ليبرتي ستراتيجيك كابيتال” التي أسسها ستيفن منوتشين، وهو الشريك المؤسس السابق لبنك غولدمان ساكس، والذي شغل منصب وزير الخزانة في إدارة ترامب.
وفي ظل استمرار عوامل التوتر يبدو أن ولي العهد السعودي ماض في هذا التوجه، وهو ما اتضح أكثر بعد رفضه اتصالا من بايدن لمناقشة زيادة إنتاج النفط بهدف خفض الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي عقب الحرب الروسية – الأوكرانية.
وقال الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي ردا على سؤال عما إذا كان بايدن قد أساء فهمه في قضية خاشقي “ببساطة، أنا لا أهتم”.
في المقابل يستشعر بعض الديمقراطيين خطورة استمرار التوتر مع السعودية، حيث اقترح 30 عضوا ديمقراطيا في الكونغرس -في رسالة وجّهوها إلى وزير الخارجية أنطوني بلينكن خلال الأسبوع الماضي- “إعادة تقويم” للعلاقة الأميركية – السعودية.
وقال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية وشؤون المفاوضات في مجلس التعاون الخليجي عبدالعزيز العويشق ردا على ذلك إن “المطلوب هو إعادة النظر في المكونات الأساسية التي ترتكز عليها الشراكة الأميركية طويلة الأمد مع المملكة العربية السعودية وحلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي. ولعبت الولايات المتحدة دورا رئيسيا في أمن الخليج دون اتفاقيات رسمية بين الطرفين. وتوجد حاجة إلى بنية استراتيجية جديدة لتحديث التعاون الأمني الحالي وتطويره”.
وجاءت هذه التصريحات في الوقت الذي تضغط فيه السعودية والإمارات على إدارة بايدن لتوقيع اتفاقية دفاع مع دول الخليج على غرار اتفاق بين الإمارات وفرنسا.
العرب