السياحة المغربية تحاول التأقلم مع تقلبات الأزمات المتتالية

السياحة المغربية تحاول التأقلم مع تقلبات الأزمات المتتالية

تجمع أوساط السياحة المغربية على أن القطاع يحتاج إلى المزيد من الدعم والوقت للتعافي من تأثير الأزمات المتتالية من أجل التأقلم بمرونة مع الظروف الاقتصادية العالمية المضطربة التي كبلت نشاطه رغم ما قدمته الحكومة من حوافز وجهود لتطوير المنتجات السياحية.

الرباط – رجح مهنيون في السياحة المغربية ألا يتم تحقيق أرقام مرتفعة في الموسم الحالي رغم الجهود التي قامت بها الحكومة لدعم القطاع مع تشجيع الاستثمار بمختلف الوجهات من خلال تطوير وحدات فندقية وقرى سياحية تناسب خصوصيات الزوار المغاربة.

ويأتي انطباع أوساط القطاع بسبب تداعيات كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية ومساهمتها في ارتفاع الأسعار وتأثر القدرة الشرائية للناس.

وتحتل السياحة التي تضررت كثيرا في العامين الماضيين مكانة هامة في الاقتصاد، فهي تشكل أحد روافد التنمية الشاملة بفضل مساهمتها في خلق الثروة، إلى جانب تحقيق القيمة المضافة وإنعاش سوق العمل والحد من الفقر.

عادل الفقير: الانطلاقة الحقيقية للقطاع تستلزم تعبئة شاملة من الجميع

وأكد عادل الفقير مدير عام المكتب الوطني المغربي للسياحة أن الانطلاقة الحقيقية للقطاع في فترة ما بعد الجائحة تستلزم تعبئة شاملة ومنسجمة تجمع بين كل المتداخلين في القطاع.

وقال في تصريحات صحافية مؤخرا إنه “علينا العمل على مجابهة التحديات التي تعترض سياحتنا الوطنية والارتقاء بها نحو الأفضل”.

وأفادت مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية بأن آفاقا واعدة تنتظر قطاع السياحة هذا العام، خاصة بالنظر إلى تحسن الوضع الصحي محليا وعالميا.

وأشارت المديرية إلى أن ذلك مرتبط بتنفيذ عدد من البرامج والإجراءات من بينها على وجه الخصوص تلك المتعلقة بإعادة فتح الحدود، ومخطط دعم القطاع السياحي بقيمة ملياري درهم (200 مليون دولار).

وأعطت قرارات الحكومة العاجلة في يناير الماضي بغية إعادة تحريك عجلات السياحة المتضررة من قيود الإغلاق فرصة للعاملين بالقطاع لالتقاط الأنفاس بعد أن راكموا المزيد من الخسائر منذ أن فرضت الرباط حظرا على السفر جراء إكراهات فرضها انتشار المتحور أوميكرون.

وبحسب مديرية الدراسات فإن تطور نشاط القطاع يبدو واعدا خلال هذا العام مع إعادة فتح الحدود في السابع من فبراير الماضي على الرغم من الانخفاض القوي الذي سجلته العائدات السياحية في يناير الماضي بواقع 58.6 في المئة بسبب إغلاق الحدود.

ولكن للكونفدرالية الوطنية للسياحة رأي آخر، حيث ترى أن هذا الموسم لن يحقق أرقاما مهمة بسبب ارتفاع أسعار الوقود الذي ستكون له آثار على تذاكر الطيران والبواخر، إضافة إلى تأثر القدرة الشرائية بعد سنتين من الضغط الاقتصادي.

ويراهن المهنيون في القطاع على المغاربة من خلال إطلاق عروض “محفزة”، خاصة في ظل استقرار الوضعية الوبائية وانتعاش حركة التنقل بين المدن. وحتى تتحقق آمالهم فهم يطالبون الحكومة بتقديم استراتيجية واضحة لتتبع وتقييم نتائج المجهودات التي قامت بها لدعم القطاع من أجل الوقوف على مكامن النقص.

والتزم مكتب السياحة مع كونفدرالية السياحة بالعمل على تعزيز السياحة الداخلية باعتبارها الشق الأساسي الكفيل بضمان مناعة القطاع وقدرته على المقاومة، والتي يفترض فيها أن تشكل الدعامة الرئيسية للوجهة.

وأكد حميد بن الطاهر رئيس الكونفدرالية أن هذه الشراكة ستساعد على خلق صناعة سياحية أكثر مقاومة للمتغيرات، وأكثر ابتكارا، وقادرة أيضا على مواجهة التحديات التي تطرحها انطلاقة القطاع مجددا.

وتم إحداث فريقي عمل مشتركين أوكلت إليهما مهمة العمل على تعزيز حضور وجهة المغرب لدى متعهدي الأسفار الدوليين، حيث سيضطلع الأول بمهمة التوجه مباشرة نحو الأسواق المعنية للتأكد عن كثب من استرجاع ثقة الفاعلين الدوليين في وجهة البلاد.

حميد بن الطاهر: نعمل على ترسيخ صناعة سياحية أكثر مقاومة للمتغيرات

أما الفريق الثاني (فريق المنتوج) فقد أوكلت إليه مهمة تحديد الأسس التي تمكن المغرب من الارتقاء إلى مصاف الوجهات التنافسية على الصعيد الدولي. وتستهدف هذه العملية الترويج في أسواق دول الخليج ودعم سياحة المعارض والمؤتمرات والمحفزات والرحلات البحرية والرياضات البحرية والطبيعة والنزهات وغيرها.

وسيعمل المكتب الوطني المغربي للسياحة على مواكبة رقمنة القطاع من خلال تأهيل الفاعلين بمجالات التسويق الإلكتروني وتحسيسهم بأهمية البيانات الكبرى وتحفيزهم على تعزيز حضورهم في شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي إطار توفير تجانس وتآزر ما بين المؤسسات الرسمية والمهنيين لتسريع وتيرة نمو القطاع، التزم المكتب والكونفدرالية بالعمل على تعزيز السياحة الداخلية باعتبارها الشق الكفيل بضمان مناعة السياحة وقدرتها على المقاومة والتي يفترض فيها أن تشكل الدعامة الرئيسية للوجهة المغربية.

ويؤكد المهنيون أن السياحة الداخلية تحتاج إلى تدخل عدد من الفاعلين من أجل توفير الظروف المشجعة للأسر على قضاء العطل في المرافق المحلية، سواء من حيث الأنشطة المقدمة والخدمات المتوفرة، أو من حيث تكلفتها.

وأعلنت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور أنها تعمل بالتنسيق مع مختلف الشركاء على تشجيع السياحة الداخلية وجعلها قاطرة لإنعاش القطاع.

وفي إطار مبادرات دعم القطاع وبالتنسيق مع مكتب السياحة قامت الوزارة بحملة تواصلية تحت شعار “نتلاقاو في بلادنا” تهدف إلى تشجيع المغاربة على اكتشاف الثروات والمؤهلات السياحية التي تزخر بها البلاد.

وبالإضافة إلى ذلك العمل على إطلاق شيكات سياحية بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية، الهدف منها تخفيف عبء مصاريف السفر وإنعاش السياحة الداخلية.

وتقدمت كونفدرالية السياحة بمقترحات في هذا السياق تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطنين، أهمها اعتماد “شيكات العطل” كآلية تسمح للمشغل، سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، بمساهمة مادية تصرف في القطاع المهيكل للسياحة.

كما تمت بلورة مجموعة من التدابير التي تم الشروع فعليا في تنفيذها تدريجيا، منها إنجاز دراسة بالتنسيق مع مكتب السياحة مكنت من تحديد الأنشطة التي تحظى باهتمام المغاربة وهي السياحة الشاطئية وزيارات المدن العتيقة والمواقع الطبيعية والتراث التاريخي والمعماري.

ووقف المغرب على حجم الخسائر الكبيرة التي بلغت نحو 9.54 مليار دولار خلال العامين الماضيين جراء شلل نشاط هذا القطاع الاستراتيجي، إلى جانب الصناعة والصادرات، بعد أن فقد الكثير من زخمه بسبب الوباء.

العرب