هكذا تجرف السيول الأراضي الخصبة في أفريقيا وهكذا يمكن إنقاذها

هكذا تجرف السيول الأراضي الخصبة في أفريقيا وهكذا يمكن إنقاذها

نيروبي/ديربان – يتعرض الملايين من الأشخاص في أفريقيا لخطر الجوع وخسارة منازلهم ومداخيلهم، حيث جرفت الفيضانات غير المسبوقة هذا الشهر الأراضي الزراعية في جنوب أفريقيا، وتواجه جبال كينيا مشكلة قطع الأشجار المفرط.

وقال تقرير صادر عن وكالة مكافحة التصحر التابعة للأمم المتحدة الأربعاء إن عوامل مثل تغير المناخ والرعي والزراعة المفرطة وإزالة الغابات والتوسع الحضري، تركت ما يصل إلى 40 في المئة من أراضي الكوكب متدهورة، مما أثّر على نصف البشرية. وحذّر التقرير من أن الأسوأ لم يأت بعدُ، بما في ذلك في دول أفريقيا جنوب الصحراء. لكنه أضاف أن الأوان لم يفت للحد من تدهور الأراضي واستعادة الغابات الخصبة، مشيرا إلى عدد كبير من المبادرات الناجحة من بوركينا فاسو إلى ملاوي.

وفيما يلي بعض الحقائق من تقرير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وما يعنيه ذلك بالنسبة لأفريقيا.

وينتج تدهور الأراضي (التدهور المستمر أو فقدان التربة أو المياه أو التنوع البيولوجي) عن عدد من العوامل التي تتراوح من إزالة الغابات إلى الإفراط في استخدام مبيدات الحشرات والأسمدة في الزراعة، فضلا عن تغير المناخ، الذي يؤدي إلى طقس أكثر قسوة. فعلى سبيل المثال، أدى هطول الأمطار غير المسبوق على ساحل جنوب أفريقيا الشرقي هذا الشهر إلى حدوث فيضانات مفاجئة جرفت المحاصيل وتسببت في انهيارات طينية، ودمّرت المئات من المنازل والمباني والطرق وقتلت أكثر من 430 شخصا.

وأدى قطع الأشجار والتعدين والتوسع الزراعي في الغابات الجبلية في كينيا (المعروفة باسم “أبراج المياه” في البلاد) إلى خفض تدفقات المياه في الأنهار، مما حد من ري الأراضي الزراعية من بين تأثيرات أخرى.

3 مليارات شخص في خطر
استخدام السدود الصغيرة لإبطاء الأمطار الغزيرة يساعد على ترشيح المزيد من المياه في التربة، مما يمنع الفيضانات

يؤثر التوسع الصحراوي وتدهور الأراضي والجفاف على أكثر من ثلاثة مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، معظمهم من المجتمعات الريفية الفقيرة. ويؤدي فقدان الأراضي الصحية إلى انعدام الأمن الغذائي، ويمكن أن يؤدي فقدان الغابات إلى جعل المجتمعات أكثر عرضة للكوارث المرتبطة بالطقس، مثل الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات.

ومع تلف الأراضي وتراجع المحاصيل، تصبح العديد من المجتمعات محاصرة في دوامة من الفقر تؤدي إلى المزيد من تدهور الأراضي وتفاقم ندرة المياه.

وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 44 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي (أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي السنوي العالمي) معرض للخطر. كما يعد تدهور الأراضي محركا رئيسيا لتغير المناخ، حيث تساهم إزالة الغابات المدارية وحدها بحوالي 10 في المئة من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان. كما يؤدي تدهور التربة إلى إطلاق الكربون المخزن تحت الأرض.

ويتوقع التقرير بأنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فستتدهور مساحة إضافية تبلغ 16 مليون كيلومتر مربع من الأرض (بحجم أميركا الجنوبية) بحلول سنة 2050.

كما يمكن أن يشهد ما يقرب من 15 في المئة من الأراضي الزراعية والمراعي والمناطق الطبيعية انخفاضا طويل الأجل في الإنتاجية، حيث ستكون أفريقيا جنوب الصحراء الأكثر تضررا.

قال التقرير إن عكس تدهور الأراضي ممكن من خلال أنشطة تتراوح من الحراجة الزراعية (زراعة الأشجار والمحاصيل الزراعية الأخرى في نفس المنطقة من الأرض) إلى إدارة الرعي بشكل أفضل.

وإذا تمت استعادة 35 في المئة من الأراضي العالمية، يمكن أن تزداد المحاصيل بنسبة تصل إلى 10 في المئة بحلول سنة 2050، مع تحقيق أكبر المكاسب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء.

ويمكن أن يساعد ذلك في كبح جماح ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإطعام عدد أكبر من سكان العالم.

وقال التقرير إن هذه الجهود يمكن أن تعزز قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه، وتساعدها على حبس المزيد من الكربون للحد من تغير المناخ وتقليل فقدان التنوع البيولوجي المتوقع بنسبة 11 في المئة.

وأثناء فيضانات جنوب أفريقيا، لاحظ الباحث باردون ماتشاونييروا أن مزارع قصب السكر ذات التربة الأكثر جودة والغطاء النباتي الأكبر كانت قادرة على امتصاص المزيد من الأمطار، وكانت أقل عرضة للتلف مقارنة بالمزارع المجاورة. وقال ماتشاونييروا، وهو أستاذ علوم التربة في جامعة كوازولو ناتال، “لا أعتقد بأن أمامنا الكثير من الخيارات عندما يتعلق الأمر بتحسين جودة التربة… سيعرض عدم اتخاذ أي إجراء حياة الكثيرين للخطر في المستقبل”.

وقال التقرير إن أنظمة الغذاء تتطلب إصلاحا كبيرا، بدءا من كيفية إنتاج الأغذية والأعلاف الحيوانية والسلع الأخرى إلى سلاسل التوريد التي تربط المنتجين بالمستهلكين.

حدد أن زراعة محاصيل فردية على نطاق واسع وإدارة عمليات الثروة الحيوانية الصناعية وتدمير الغابات والنظم البيئية الأخرى، هي التي تدفع الجزء الأكبر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بإنتاج الغذاء والسلع.

وقال الرئيس التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر براهيم ثياو في بيان، “غيرت الزراعة الحديثة وجه الكوكب أكثر من أي نشاط بشري آخر. نحن بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل عاجل في أنظمتنا الغذائية العالمية، وهي مسؤولة عن 80 في المئة من إزالة الغابات، و70 في المئة من استخدام المياه العذبة، وهي أكبر سبب لخسارة التنوع البيولوجي على كوكب الأرض”.

ويحاول صغار المزارعين في إثيوبيا تنويع المحاصيل باستخدام تقنيات الري الموفرة للمياه واعتماد أصناف محاصيل مقاومة، وذلك لزيادة الإنتاج مع تقليل التعرض للجفاف. كما أن استخدام السدود الصغيرة لإبطاء الأمطار الغزيرة يساعد على ترشيح المزيد من المياه في التربة، مما يمنع الفيضانات مع زيادة الرطوبة المساعدة للزراعة.

وتؤدي زراعة الأشجار المثمرة مع الذرى في ملاوي إلى تحسين مغذيات التربة، وإنشاء سماد طبيعي غير مكلف، مع مساعدة التربة على الاحتفاظ بالمزيد من المياه.

ويعمل بناء السدود الحجرية في بوركينا فاسو على منع مياه الأمطار وتركها تتسرب إلى التربة بدلا من جريانها على السطح، مما يؤدي إلى تحسين الأمن الغذائي وعكس اتجاه التصحر.

ونُشرت طائرات مسيّرة في كينيا لمساعدة المزارعين على تتبع الآفات والأمراض بشكل أفضل، وتجنب الإفراط في استخدام المواد الكيميائية، وهو تغيير عزز الإنتاج بمقدار النصف تقريبا في بعض المزارع.

 

العرب