حان موعد رحيل السوريين عن تركيا

حان موعد رحيل السوريين عن تركيا

كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، عن تحضير أنقرة لمشروع يتيح العودة الطوعية لمليون سوري إلى بلادهم. يأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون إن الخطوة تظهر أن توظيف ورقة اللاجئين لم تعد تفيد أردوغان سياسيا وشعبيا.

وقال المراقبون إن الرئيس التركي يسعى للتخلص من ورقة اللاجئين خاصة أن البلاد على أبواب الانتخابات، في وقت يزداد فيه غضب الأتراك من الوجود المكثف لهؤلاء اللاجئين، وهو وجود بات يوصف بالقنبلة الموقوتة خاصة أن عددهم يبلغ قرابة أربعة ملايين لاجئ.

وتطالب المعارضة أردوغان بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى سوريا فورا معتبرة أن وجودهم زاد من معاناة الأتراك وحدّ من فرص العمل في البلاد، وأن استضافتهم هي موقف سياسي ضمن صراع الرئيس التركي مع أوروبا أكثر منها مشروعا إنسانيا واقعيا.

ويتخوف الرئيس التركي من تصويت عقابي بسبب قضية اللاجئين السوريين وهو ما قد يقلل من فرص فوزه وفوز حزبه العدالة والتنمية، وتضاف إلى ذلك أسباب أخرى كثيرة من بينها خاصة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي فشل أردوغان في إيجاد حلول لها.

ليس مستبعدا أن تكون عودة اللاجئين “ورقة تفاوضية” مع الأسد ضمن التغيير في سياسة أردوغان الإقليمية

وتقول تقارير إن نهج الحكومة التركية تغير تجاه اللاجئين السوريين بشكل كبير، حيث بدأت القوات الأمنية في اعتقال اللاجئين وإعادتهم إلى المحافظات التركية التي تم تسجيلهم فيها، كما تم ترحيل بعضهم بينما تم حث آخرين على العودة إلى ديارهم.

ولفت أردوغان في تصريحات له إلى أن نحو 500 ألف سوري عادوا إلى المناطق الآمنة التي وفرتها تركيا منذ إطلاق عملياتها في سوريا عام 2016.

وأضاف “نحضّر لمشروع جديد يتيح العودة الطوعية لمليون شخص من أشقائنا السوريين الذين نستضيفهم في بلادنا”، وأن المشروع سيكون شاملا بصورة كبيرة، وسينفذ في 13 منطقة على رأسها أعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين، وأنه سيتم بناء مرافق متنوعة في إطار المشروع مثل المدارس والمستشفيات.

وبيّن أن المشروع يتضمن جعل التجمعات السكنية المقرر تشييدها مكتفية ذاتيا من حيث البنية الاقتصادية التحتية، انطلاقا من الزراعة وصولا إلى الصناعة.

من جهة ثانية، قال المراقبون إن ورقة اللاجئين قد احترقت أوروبيا، حيث لم تفض مساعي الابتزاز التركية إلى تحصيل مكاسب ذات قيمة على مستوى التمويل وتقديم المساعدات بالرغم من تهديدات أردوغان المتتالية.

وكان الرئيس التركي هدد بفتح أبواب أوروبا أمام الملايين من اللاجئين في خطاب مباشر حين قال “أيها الاتحاد الأوروبي، تذكر: أقولها مرة جديدة، إذا حاولتم تقديم عمليتنا على أنها اجتياح، فسنفتح الأبواب ونرسل لكم 3.6 مليون مهاجر”.

Thumbnail
ولم يستبعد المراقبون أن تكون عودة اللاجئين “ورقة تفاوضية” مع نظام الأسد وعربونا لفتح طريق الحوار مع التغير في سياسة أردوغان بإعادة العلاقة مع مصر ودول الخليج والسعي لكسب ود إسرائيل وعرض إنجاز مشاريع مستقبلية مشتركة بين البلدين بينها استثمارات كبرى لنقل الغاز نحو أوروبا.

وقالت تقارير تركية إن أنقرة أعربت مؤخرًا عن رغبتها في إقامة حوار مع دمشق، وإن ورقة اللاجئين قد تكون هي عربون هذا التقارب.

وكشفت صحيفة “حريت” الموالية للحكومة التركية عن استعداد أنقرة للدخول في محادثات مع دمشق، وأن أولى الأولويات بالنسبة إلى تركيا هي تمهيد الطريق لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أتراك اعتقادهم أن زيارة الأسد الشهر الماضي إلى الإمارات العربية المتحدة كانت إشارة إلى سعيه وراء الدعم وفرص جديدة.

وأشاروا إلى أن الوضع الآن أكثر ملاءمة لبداية جديدة مع دمشق بالنظر إلى أن أقرب حلفاء النظام السوري منشغلون بقضاياهم الخاصة: روسيا مع أوكرانيا وإيران مع المحادثات النووية.

لكن لا يبدو أن دمشق حريصة على التفاعل مع البادرة التركية، حيث نقلت صحيفة “الوطن” الموالية للحكومة عن مصادر في وزارة الخارجية السورية أن سوريا لا تزال مصرة على تنفيذ شروطها المسبقة للدخول في أيّ حوار مع تركيا، ومن أهم تلك الشروط انسحاب القوات التركية من سوريا.

ويصف النظام السوري الوجود العسكري التركي في البلاد بـ”الاحتلال”، وسبق أن طالبت وزارة خارجيته أنقرة بالخروج “كونها لم تدخل بناء على طلب الحكومة السورية”، كما هو الحال بالنسبة إلى روسيا وإيران.

صحيفة العرب