بغداد – خرج التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان بشأن آبار النفط من البعد السياسي إلى البعد العسكري، حيث قالت شركة نفط الشمال المملوكة للحكومة العراقية في بيان السبت إن قوة كردية مسلحة تابعة لحكومة إقليم كردستان سيطرت على بعض آبار النفط في شمال كركوك.
ويقول مراقبون إن إقليم كردستان بعث قوة من البيشمركة ليرسل رسالة واضحة مفادها أن الاقتراب من موضوع النفط سيعني آليا تصعيدا عسكريا، وأن الإقليم لن يسلّمها بسهولة، ولن يعطي الآبار التي يضعها تحت يده للحكومة المركزية في بغداد.
وأضاف بيان الشركة أن القوة جاءت برفقة فريق فني من الإقليم الكردي وسيطرت على بعض آبار النفط في حقل باي حسن التابع لشركة نفط الشمال.
ولم يوضح البيان متى جاءت القوة أو ما إذا كانت باقية هناك.
وأشار المراقبون إلى أن التلويح بالخيار العسكري يظهر انزعاجا واضحا من الإقليم من محاولات الحكومة منعه من تصدير النفط والتحكم فيه مقابل إعطائه نسبة محددة. ويعارض الإقليم سعي الحكومة المركزية للتحكم في عائدات النفط لأنها ورقته الرئيسية التي يقوم عليها الحكم الذاتي والتفكير المستقبلي في الانفصال.
كما أن المس من نظام العائدات سيهدد سيطرة الأحزاب المؤثرة في الإقليم، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، الثلاثاء أمرا يلزم حكومة إقليم كردستان بتسليم كامل النفط المنتج على أراضيه إلى الحكومة الاتحادية.
صادرات العراق الذي يعد ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك تبلغ حوالي 3.5 مليون برميل يوميا تمثل وارداتها المالية 90 في المئة من موازنة البلاد
كما تضمّن الحكم الذي نشر على موقع المحكمة “إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه”.
وأوضح أن هذا الإجراء سيتيح تحديد الحقوق المالية المترتبة بذمة حكومة إقليم كردستان، وأيضا حصة الإقليم في الموازنة العامة الاتحادية السنوية.
ويبقى قرار المحكمة مهددا بعدم التنفيذ في ظل خلاف يعود إلى سنوات حول موارد النفط بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان الذي يضم ثلاث محافظات ويتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.
وتبلغ صادرات العراق الذي يعد ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك حوالي 3.5 مليون برميل يوميا تمثل وارداتها المالية 90 في المئة من موازنة البلاد.
وكان إقليم كردستان تعهد بتسليم 250 ألف برميل من إنتاجه اليومي الذي يتجاوز 400 ألف برميل للحكومة المركزية عن طريق وزارة النفط، مقابل حصوله على رواتب المسؤولين الأكراد ومقاتلي البيشمركة، القوات المسلحة التابعة للإقليم.
وأعلن معارضون أكراد في الداخل والخارج عن دعمهم لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز الكردي الذي أتاح للعائلات الحزبية بأن تتحول إلى حيتان كبيرة باحتكار عائدات النفط وتوظيفها للإثراء في الوقت الذي تعيش فيه غالبية المواطنين الأكراد أوضاعا اجتماعية صعبة.
وأصدر نشطاء وكتاب ومثقفون وسياسيون أكراد معارضون لاقتسام السلطة في إقليم كردستان العراق في فبراير الماضي بيانا حثوا فيه على “توظيف الدعم الجماهيري الواسع لتثبيت القرار وتطبيقه بحذافيره ليتسنّى للحكومة المقبلة انتزاع ملف النفط والغاز من أيدي ميليشيات العوائل الحاكمة في إقليم كردستان العراق نهائياً”.
ويرى مراقبون أكراد أن سكان الإقليم باتوا مقتنعين بأن بقاء قطاع النفط والغاز بأيدي عائلة بارزاني وورثة الرئيس السابق جلال طالباني والعائلات المحيطة بهما لن يغير من أوضاع الناس شيئا، وعلى العكس فقد تسير الأوضاع إلى ما هو أسوأ خاصة بعد أن نجحت العائلات الحاكمة في التصدي للمظاهرات الاحتجاجية وإسكات المعارضين واستفادت من الدعم الغربي للإقليم في خلافه مع الحكومة المركزية لغايات سياسية.
ويعتقد المراقبون أن إعادة مسؤولية استخراج النفط والغاز إلى الحكومة الاتحادية وتوزيع العائدات على المحافظات بنسب معلومة سيتيحان للمواطنين الأكراد معرفة حجم العائدات التي تذهب إلى الإقليم وسبل صرفها ما يمكّن من مراقبتها بدلا من الوضع الراهن الذي لا يتيح لأحد معرفة تلك الأرقام وأين يتم صرف تلك العائدات.
العرب