ماذا وراء الموقف التركي من انضمام السويد وفنلندا للناتو؟

ماذا وراء الموقف التركي من انضمام السويد وفنلندا للناتو؟

في ظل إعادة تكوين التحالفات الدولية إثر اشتعال حرب روسيا على أوكرانيا جاء تهديد أنقرة بعرقلة انضمام السويد وفنلندا لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) الذي يحتل فيه الجيش التركي القوة الثانية.

وقال إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئيس التركي إن أنقرة لم تغلق الباب أمام انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، لكنها تريد التفاوض مع دول الشمال وتشديد الإجراءات على ما تعتبرها أنشطة إرهابية، خاصة في ستوكهولم.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعرب عن معارضته انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، مما يهدد بعرقلة العملية التي تستلزم إجماع دول الحلف.

وقال أردوغان إنه لا يريد أن يرى تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكب عندما انضمت اليونان، كما اتهم ستوكهولم وهلسنكي “بإيواء إرهابيين من حزب العمال الكردستاني” الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

أهمية القرار التركي

تأسس حلف شمال الأطلسي بعد وقت قصير من نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو تحالف يضم 30 دولة، وتعد تركيا القوة العسكرية الثانية فيه بعد الولايات المتحدة، ويستفيد أعضاء الناتو بحسب البند الخامس من الحماية العسكرية في حال تم الهجوم على أي عضو

وعندما تتقدم دولة جديدة بطلب الانضمام يتطلب الأمر موافقة أعضاء الحلف بالإجماع على دعوتها للانضمام، ومن هنا تنبع أهمية تحفظ تركيا على انضمام الدولتين الأوروبيتين.

وعلقت واشنطن على موقف تركيا بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي التي قالت إن “إدارة الرئيس جو بايدن تعمل على توضيح موقف تركيا بشأن رغبة فنلندا والسويد في الانضمام إلى الناتو”.

وقد أدى الإعلان التركي إلى عرقلة العملية التي أيدها معظم الأعضاء، بمن في ذلك الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الذي قال إنه مستعد لاستقبالهم بترحيب حار، وقد ساندت تركيا توسع الحلف رسميا منذ انضمامها إلى التكتل قبل 70 عاما.

وعلى مدى سنوات وجهت تركيا انتقادات إلى السويد ودول أوروبية أخرى لتعاملها مع المنظمات التي تعتبرها أنقرة إرهابية، بمن في ذلك أنصار فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.

وانتقدت تركيا الهجوم الروسي وساعدت في تسليح أوكرانيا، وهي ليست من أعضاء حلف شمال الأطلسي، وحاولت تسهيل المحادثات بين الجانبين، لكنها تعارض فرض عقوبات على موسكو.

وقال قالن إن تركيا تريد من حلف شمال الأطلسي “معالجة مخاوف جميع الأعضاء وليس بعضها”.

وعلى هامش الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في العاصمة الألمانية برلين عقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أول أمس السبت اجتماعا ثلاثيا مع نظيرته السويدية آن ليندي ونظيره الفنلندي بيكا هافيستو.
وفي معرض تعليقها على تصريحات للرئيس أردوغان صرحت وزيرة الخارجية السويدية أول أمس بأن بلادها مثل الاتحاد الأوروبي تعتبر حزب العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا.

مطالب تركيا

وفي السياق، يؤكد الدكتور جان أجون مسؤول قسم السياسة الخارجية بمركز “سيتا” للدراسات المقرب من الحكومة في أنقرة بأن تركيا تملك أدلة على دعم السويد وفنلندا حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، لذلك ترفض رفضا قاطعا عضويتهما في حلف الناتو في الفترة الحالية.

ويقول أجون للجزيرة نت “مطلبنا واضح وهو قطع الدعم الذي يقدمه البلدان للإرهاب، وضمان ذلك بشكل مكتوب لتركيا، فإذا تحقق ذلك فستوافق أنقرة على عضوية السويد وفنلندا”.

ولفت إلى أن أنقرة تريد من خلال تبني أهداف الناتو الرئيسية أن يكون لدى حلفائها موقف إيجابي لحساسيتها تجاه أمنها القومي، والكرة الآن في ملعب الأعضاء المؤثرين الآخرين في الناتو.

بدوره، يرى الخبير الإستراتيجي التركي البروفيسور برهان الدين دوران في مقال له أن موقف أردوغان أثار استياء بعض العواصم الغربية، وقد يقول البعض إنه ضد تضامن الناتو ولصالح روسيا، مشددا على أن ذلك ليس ذا صلة، فتركيا واحدة من الدول التي تريد زيادة التضامن داخل حلف شمال الأطلسي.

وقال “باعتبارها واحدة من أهم الأعضاء في حلف شمال الأطلسي المؤلف من 30 عضوا فإنه من الطبيعي أن تطلب تركيا تغيير سياساتها الحالية من الدول التي تتعارض مع مصالحها الأمنية”، مؤكدا أن لها الحق في الرد على أولئك الذين ينتقدون عملياتها في سوريا لمكافحة الإرهاب وإنشاء منطقة آمنة لطالبي اللجوء.

فيتو تركي

من جهته، أكد الخبير العسكري التركي الجنرال المتقاعد إسماعيل حقي أن انتقاد روسيا الحاد لفنلندا والسويد بشأن خطط الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لم يلعب دورا أساسيا في موقف تركيا، مشيرا إلى أن موسكو حليفة لأنقرة في العديد من الملفات، لذلك يجب احترام مخاوفها تجاه أمنها القومي.

وأشار إلى أن الفيتو التركي ضد توسيع الحلف كان مطروحا على طاولة اجتماع وزير خارجية بلاده مع نظيريه الفنلندي والسويدي، معتقدا أن الدولتين ستتعاونان مع المطالب التركية.

ويقول الجنرال حقي للجزيرة نت “كون انضمام دولة جديدة للناتو يتطلب موافقة أعضاء الحلف بالإجماع فالكل يخطب ود تركيا من أجل عدم عرقلة انضمام فنلندا والسويد”.

وأضاف أنه “في حال طرد ستوكهولم وهلسنكي أعضاء حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن وتحجيم نشاطاتهما والعمل على تحقيق السلم العالمي فغالبا لن تقف أنقرة في وجه انضمام الدولتين للناتو”.

يشار إلى أن قمة مدريد لحلف شمال الأطلسي ستعقد في 30 يونيو/حزيران المقبل.

انتزاع تنازلات

وذكرت صحيفة صباح التركية أنه يمكن القول إن تركيا غير مرتاحة لسياسات السويد أكثر من فنلندا، وبينما يناقش الرأي العام السويدي طلب الانضمام للناتو يشير بعض المحللين إلى المادة الخامسة لميثاق الناتو، ويقولون “هل سنضطر للدفاع عن تركيا؟ ويختمون بالقول “لسنا مضطرين للدفاع عنها رغم المادة الخامسة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المناقشة الجريئة لبلد يؤوي حزب العمال الكردستاني مزعجة بالنسبة لتركيا.
الجزيرة