مدريد- يرى خبراء في الطاقة أن زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى إسبانيا قد توفر لمدريد بديلا فعالا وذا مصداقية لإمدادات الغاز في وقت تعيش فيه إسبانيا على وقع جدل بشأن الاعتماد على الغاز الجزائري من عدمه بعد التهديدات الجزائرية المبطنة بوقف تزويدها بالغاز في حال تأكد أنها توجه جزءا من غاز الجزائر إلى المغرب.
وبدخول القطريين على خط الغاز في إسبانيا، وتسارع الحديث عن قرب إنشاء أنبوب غاز نيجيري لتزويد دول غرب أفريقيا وجنوب أوروبا بالغاز عبر المغرب، تكون الجزائر قد بالغت في لعبة الخلط بين السياسة والتعاملات التجارية في مجالات الطاقة وفي توقيت عالمي مرتبك على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وتمثل الخطوة القطرية استفزازا للجزائر التي هي حليف للدوحة على مستوى القضايا الإقليمية، لكن المصالح لا تخضع عادة للتحالفات السياسية.
ويشير الخبراء إلى أن الاتفاقيات التي يفترض أن يتم الإعلان عنها في نهاية زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بشأن إمدادات الغاز إلى إسبانيا، هي جزء من تحرك قطري أوسع لتوفير كميات إضافية لأوروبا ضمن استراتيجية التخلص التدريجي من الاعتماد على الغاز الروسي، وهو ما يعني أن قطر لن تقرأ حسابا لأيّ جهة بما في ذلك الحليف الجزائري الذي يتحمل وحده مخلفات تسييس تعاملاته في مجال الطاقة مثلما حصل مع إسبانيا وقبلها المغرب.
وبحسب مصدر حكومي إسباني من المقرر توقيع 12 عقدا تجاريا خصوصا في مجالات الطاقة، علما بأن مدريد تسعى لتنويع مصادر تموينها بالغاز منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولم تخف وسائل إعلام إسبانية حماسها لزيارة أمير قطر واعتبارها مدخلا لتحقيق الاستقرار بشأن إمدادات الغاز.
وأورد الموقع الإخباري الإسباني “إي بي سي” أن قطر “بديل محتمل للغاز الجزائري”، وأن قضية الغاز عنصر رئيسي في الزيارة.
وتريد إسبانيا، في إطار جهودها لتعزيز اقتصادها، استغلال محطات الغاز الطبيعي المسال الاحتياطية وقدرتها التخزينية كي تصبح مركزا للطاقة لدول الاتحاد الأوروبي التي تسعى لتقليل اعتمادها على روسيا. لكنها ما زالت تفتقر إلى طاقة إعادة التصدير للشمال لتحقيق طموحها هذا.
ويتطلب مشروع مركز الطاقة المزيد من الواردات من قطر التي تصدر حاليا 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا وتأمل في زيادتها إلى 126 مليون طن بحلول 2027.
وأعلنت قطر الأربعاء أنها تعتزم زيادة حجم استثماراتها في إسبانيا بمقدار خمسة مليارات دولار، في اليوم الثاني من زيارة دولة يجريها الشيخ تميم إلى مدريد.
وجاء في بيان للخارجية القطرية أن “حجم الاستثمارات المتفق عليها مع الجانب الإسباني يبلغ 5 مليارات دولار في مختلف القطاعات”.
ولا تتوقف الجزائر عن إرسال إشارات متناقضة إلى إسبانيا بشأن الاستمرار في ضخ الغاز إليها أو وقفه بسبب ما تقول الجزائر إنه توريد من مدريد لفائدة طرف ثالث، وهو المغرب.
ويقول خبراء في الطاقة إن الجزائر لا تقدر على وقف إمداداتها إلى إسبانيا لاعتبارات منها أن العائدات المالية ملحة بالنسبة إليها، وكذلك لأن هذه الخطوة إذا تمت فإنها ستضرب مصداقية الجزائر في السوق العالمية كطرف مسؤول، ويمكن أن تثير تجاهها غضب أوروبا التي تبحث عن بدائل لتعويض الغاز الروسي ولن تقبل بأن يعمد أحد حلفائها إلى لعبة بهذا الشكل بأن يخلط الالتزامات بعيدة المدى في قضايا الطاقة بموقف سياسي عرضي كان يمكن أن يتم حله عبر القنوات الدبلوماسية.
وقال الشيخ تميم إن جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي القطري، الذي تبلغ أصوله 300 مليار دولار يعتزم استثمار خمسة مليارات دولار في مشروعات إسبانية.
واعتبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن المبلغ يظهر ثقة قطر في قوة الاقتصاد الإسباني.
وأضاف سانشيز “لا شك أن هذا يظهر الثقة ليس فقط في الاقتصاد الإسباني، ولكن أيضا تجاه الشركات الإسبانية”.
وقال إن لدى قطر مخزونا من الاستثمار المباشر في إسبانيا بقيمة 2.7 مليار يورو في ديسمبر 2019. وأضاف أن الصناديق السيادية لقطر تستثمر في شركات إسبانية بارزة.
ووفق مدريد بلغت استثمارات قطر في المملكة 2.67 مليار يورو قبل جائحة كوفيد – 19، ما جعل قطر تحتل المرتبة الـ24 في قائمة الدول الأكثر استثمارا في إسبانيا.
وتمتلك قطر ثالث أكبر احتياطي من الغاز في العالم، وهي حاليا خامس أكبر مورّد للغاز المسال إلى إسبانيا خلف الولايات المتحدة والجزائر ونيجيريا ومصر.
وفي أبريل بلغت نسبة الغاز القطري الذي استوردته إسبانيا 4.4 في المئة من مجمل واردات المملكة من الغاز.
العرب