عودة الحياة إلى العلاقات السعودية – البريطانية تحرك اللوبي المعادي

عودة الحياة إلى العلاقات السعودية – البريطانية تحرك اللوبي المعادي


الرياض – أثارت زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى السعودية ولقاؤه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مارس الماضي ردود فعل غاضبة على جونسون بزعم تساهله مع ملف حقوق الإنسان، خاصة أن الزيارة تزامنت مع إعلان المملكة عن إعدام 81 شخصا في قضايا تتعلق بالإرهاب.

وزاد منسوب هذه الحملة بعد زيارة وفد من مجلس الشورى السعودي إلى مقر البرلمان البريطاني ولقائه بوزير الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية كواسي كوارتنغ ومع وفد برلماني، ما اضطر اللوبي المناهض للمملكة خاصة في وسائل الإعلام إلى استضافة عناصر محسوبة على المعارضة السعودية وتمكينها من توجيه اتهامات مباشرة للأمير محمد بن سلمان.

وهاجم مناوئون للسعودية وجود مجلس للشورى في المملكة معتبرين أن الديمقراطية البرلمانية لا علاقة لها بالسعودية ولا بالشرق عموما، وأن البرلمانات العربية كانت في الكثير من الأحيان أداة في أيدي من أسموهم بالطغاة.

ويقول مراقبون إن مجلس الشورى الذي يشتكي هؤلاء المناوئون من استقبال أعضائه في البرلمان ويقولون إنه صوري هو نفسه المجلس الذي يؤمّن حصول بريطانيا وغيرها على الصفقات الكبرى من الرياض.

وبالرغم من الحملات التي تقودها جهات مختلفة في بريطانيا تلتقي على أرضية معاداة السعودية تحت عناوين فضفاضة مثل حقوق الإنسان والحريات الدينية والحرب في اليمن، إلا أن الحكومات البريطانية المتتالية كانت تبحث دائما عن عقد صفقات مع السعودية بما في ذلك في الجانب العسكري، وهذا الأمر بدا أكثر إلحاحا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبحثها عن شركاء اقتصاديين وازنين للتغطية على مخاطر هذا الانسحاب.

وطالت الحملات البعض من النواب البريطانيين الذين التقوا الوفد السعودي أو من كانت لهم مواقف داعمة للتقارب بين بريطانيا والمملكة، وتوجيه اتهامات للبعض بالحصول على مزايا وخدمات استشارية من السعوديين مقابل ذلك، والنبش في رسائله الخاصة وتغريداته بشأن علاقة مفترضة مع جهات سعودية.

في المقابل قوبل حضور الوفد السعودي بشكل إيجابي لدى دوائر بريطانية من بينها الاتحاد البرلماني الدولي، وهو منظمة مكرسة لتعزيز البعد البرلماني في العلاقات البريطانية الخارجية، الذي اعتبر أن الحوار مع الوفد كان ممتازا حول سياسة الطاقة وتضمن أهمية الشراكة في السياسات الخضراء والمبتكرة لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية.

كما غرد النائب المحافظ ريتشارد هولدن الذي اعتبر أن “الحقوق الديمقراطية تتحقق على مراحل. وقد أحرزت السعودية تقدما وسأشجع دائما على أن يكون هذا التقدم أسرع”.

وتراهن حكومة جونسون على استمرار علاقات جيدة مع السعودية. ودافع جونسون نفسه عن زيارته إلى الرياض بالرغم من أنه لم يحصل فيها على أيّ تعهدات سعودية بشأن النأي عن روسيا في أزمة الطاقة. وقال رئيس الوزراء البريطاني في رده على الانتقادات التي طالت زيارته ولقاءه بالأمير محمد بن سلمان إن الغرب في حاجة إلى بناء “أوسع تحالف” لوقف الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية.

وقال جونسون إنه وجه الشكر للسعودية على دعمها لقرار الأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، مشيرا إلى أن هناك تفهما في السعودية للحاجة إلى استقرار أسواق النفط والغاز العالمية.

وعلى هامش الزيارة وقع وليّ العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني على مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين البلدين، وهو ما سيفتح الباب على تعاون أكبر يتيح تدفق الاستثمارات السعودية إلى بريطانيا بالرغم من الحملات التي تستهدف هذا الاستثمار مثلما بدا ذلك جليا في شراء المملكة فريق نيوكاسل الإنجليزي لكرة القدم، وهي الصفقة التي تولاها صندوق الاستثمار العام في المملكة.

وتبذل لندن كل ما في وسعها لاستقطاب السعوديين وترغيبهم في زيارة بريطانيا. ومنذ أيام أكد السفير البريطاني لدى الرياض نيل كرومتون أن بلاده قررت إعفاء السعوديين الراغبين في زيارة المملكة المتحدة من إجراءات تأشيرات الدخول، مشيرا إلى إمكانية الحصول على إعفاء إلكتروني للدخول إلى الأراضي البريطانية.

وقال السفير البريطاني في مقطع فيديو نشر عبر حسابه في تويتر بعنوان “إعلان هام عن التأشيرات للسعوديين الراغبين في زيارة المملكة المتحدة”، “أود أن أخبركم عن تحسينات مهمة في نظام الفيزا للزوار والسياح السعوديين (القادمين) إلى بريطانيا”، مضيفا “من بداية شهر يونيو القادم، من الممكن لأيّ مواطن سعودي أن يقدم طلب فيزا أونلاين”.

وقال إن النظام “بسيط وسريع وغير مكلف”.

وشدد على أن “هذا يمثل تحسينا مهما، ويسجل رغبة الحكومتين في تحسين العلاقات بين الدولتين وتعزيزها خصوصا بين الشعبين.. أنا سعيد جدا بهذه الأخبار، أهلا وسهلا (بكم) في بريطانيا”.

العرب