الصراع على تايوان “قد يصبح نوويا

الصراع على تايوان “قد يصبح نوويا

عاد ملف الصين وتايوان إلى الواجهة من جديد، في وقت بدأ الرئيس الأميركي، جو بايدن في جولة آسيوية الجمعة، استهلها بكوريا الجنوبية.

ويخشى المجتمع الدولي أن يؤدي النزاع بين بكين وتايبيه، إلى حرب نووية، حيث أن واشنطن تؤيد تايوان بينما تسعى الصين لضمها على اعتبار أنها “جزء لا يتجزأ” منها.

ووصل بايدن إلى سول، الجمعة، في مستهل جولة يؤكد خلالها طموحات الولايات المتحدة في المنطقة، فيما يخيم شبح تجربة نووية قد تجريها كوريا الشمالية قريبا.

ويضاف التهديد النووي الذي قد ينجر عن أي حرب محتملة بين الصين وتايوان إلى التهديد النووي الكوري الشمالي المستمر منذ سنوات.

وتقدّر الولايات المتحدة أن هناك “احتمالًا حقيقيًا” أن تجري كوريا الشمالية “تجربة صاروخية أخرى” أو “تجربة نووية” خلال زيارة بايدن للمنطقة.

إلى ذلك، قال تقرير لمجلة “فورين آفيرز” إن الصراع الدائر بين الصين وتايوان قد يتحول إلى صراع نووي.

الصين النووية

تاريخيا، امتلكت الصين بضع مئات من الأسلحة النووية الأرضية، لكن في العام الماضي، حدد العلماء النوويون في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار واتحاد العلماء الأميركيين ثلاثة حقول صوامع للصواريخ قيد الإنشاء في منطقة شينجيانغ.

ونبّه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) وليام بيرنز أخيرا الى أن الصين تتابع “عن كثب” الغزو الروسي لأوكرانيا، وستأخذ على الأرجح العبر من هذا النزاع بشأن “التكاليف والتداعيات” لتكييف خططها الهادفة إلى السيطرة على تايوان.

وتعتبر بكين تايوان جزء لا يتجزء من أراضيها، و”يتعيّن ضمها”.

على أساس ذلك، رفضت الصين، الخميس، إمكان دعوة تايوان للمشاركة في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الصحة العالمية، بعد طلب أميركي بهذا الخصوص.

وتمنع الصين تايوان من حضور الجمعية العامة منذ سنوات.

والولايات المتحدة، على غرار غالبية دول العالم، لا تعترف رسمياً بتايوان، لكنها تدعم بقوة الجزيرة ونظامها السياسي “الديمقراطي” في مواجهة النظام “الاستبدادي” الصيني.

وأعربت الخارجية التايوانية بدورها الخميس، عن أسفها لعدم تلقيها دعوة بعد لحضور اجتماع المنظمة الأممية في جنيف.

وقالت “نشكر من طرفنا الولايات المتحدة لآدائها دورا رياديا وتعاونها مع دول تشاطرها الفكر نفسه للمساعدة في توسيع مشاركة تايوان الدولية”.

“لعبة الحرب”

أظهرت تجربة “لعبة الحرب”  التي أجراها مركز الأمن الأميركي الجديد بالاشتراك مع برنامج NBC “Meet the Press”، مدى السرعة التي يمكن أن يتصاعد بها مثل هذا الصراع.

وافترضت اللعبة أزمة خيالية تحدث في عام 2027 ، بهدف فحص الطريقة التي قد تتصرف بها الولايات المتحدة والصين في ظل مجموعة معينة من الظروف.

وأظهرت التجربة أن التحديث العسكري للصين وتوسيع ترسانتها النووية – ناهيك عن الأهمية التي توليها بكين للتوحيد مع تايوان – يعني، في العالم الحقيقي، أن القتال بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن يصبح نوويًا بسرعة.

أوضحت اللعبة كذلك، والتي تولى فيها أعضاء في الكونغرس ومسؤولون حكوميون سابقون وخبراء متخصصون أدوار كبار صانعي القرار في مجال الأمن القومي في الصين والولايات المتحدة، أن الحرب بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تتصاعد بسرعة.

وأظهرت أن كلا البلدين سيواجهان حوافز عملية لضرب القوات العسكرية على أراضي الطرف الآخر.

وفي اللعبة، كان المقصود من هذه الضربات أن تكون محسوبة لتجنب التصعيد.

وحاول كلا الجانبين السير على خط رفيع من خلال مهاجمة أهداف عسكرية فقط، لكن مثل هذه الهجمات تجاوزت بسرعة الخطوط الحمراء لكلا البلدين، وأنتجت سلسلة من الهجمات المتبادلة التي وسعت نطاق الصراع وشدته.

وفي هذه المحاكاة، شنت الصين هجومًا استباقيًا ضد القواعد الأميركية الرئيسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

واستهدفت الهجمات الافتراضية، غوام، على وجه الخصوص، لأنها قاعدة عمليات أمامية مهمة للعمليات العسكرية الأميركية في آسيا، ولأنها منطقة وليست دولة أميركية.

ورداً على ذلك، استهدفت الولايات المتحدة السفن العسكرية الصينية في الموانئ والمنشآت المحيطة، لكنها امتنعت عن شن هجمات أخرى على البر الرئيسي الصيني.

ومع ذلك، اعتبر كلا الجانبين هذه الضربات على أنها هجمات على أراضيهما الأصلية، وبدلاً من تصوير مخاوفهم الخاصة بشأن الهجمات على أراضيهما، برر كل جانب الضربات الأولية على أنها ضرورات عسكرية محدودة في طبيعتها ويمكن أن يراها الآخر على هذا النحو.

وأدت الردود على الضربات الأولية إلى تصعيد الأمور، حيث رد الفريق الأميركي على تحركات الصين بضرب أهداف في البر الرئيسي للصين، ورد الفريق الصيني على ضربات واشنطن بمهاجمة مواقع في هاواي.

السلاح النووي لإبعاد واشنطن عن الصراع

يقول تقرير “فورين آفيرز” إنه في حين أن الصين لديها عدة طرق لتحقيق هذا الهدف (ضم تايوان) فإن استخدام الأسلحة النووية قد يكون أكثر الوسائل فعالية لإبقاء الولايات المتحدة خارج الصراع.

وأمضت الصين عدة عقود في تحويل جيش التحرير الشعبي، إلى ما أسماه الرئيس الصيني، شي جين بينغ “جيشًا من الطراز العالمي” يمكنه هزيمة أي طرف ثالث يتولى الدفاع عن تايوان.

وتعتمد استراتيجية الحرب الصينية، على القدرة على إبراز القوة العسكرية التقليدية على بعد عدة آلاف من الأميال من أجل منع الجيش الأميركي، على وجه الخصوص، من التصدي بفعالية للهجوم الصيني على تايوان.

وفي الوقت نفسه، توفر الترسانة النووية المتنامية لبكين نفوذًا قسريًا بالإضافة إلى قدرات قتالية جديدة محتملة، مما قد يزيد من مخاطر الحرب والتصعيد.

في 2021، ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الصين ربما أجرت اختبارات للطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت كجزء من نظام قصف مداري يمكنه التهرب من الدفاعات الصاروخية وإيصال أسلحة نووية إلى أهداف في الولايات المتحدة.

وتتوقع وزارة الدفاع الأميركية أنه بحلول عام 2030، سيكون لدى الصين حوالي ألف رأس حربي قابل للتسليم – أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الذي تمتلكه حاليًا.

وبناءً على هذه التوقعات، قد يعتقد القادة الصينيون أنه بعد خمس سنوات من الآن، سيحقق جيش التحرير الشعبي ما يكفي من المكاسب النووية التي تمكنه من خوض أي حرب والفوز فيها، ولا سيما تلك التي تنتهي بضم تايوان.

وتعيش جزيرة تايوان تحت تهديد غزو من الصين تنامى كثيرا خلال السنوات الأخيرة.

وسجلت الجزيرة منذ سبتمبر 2020 توغلات بأعداد متزايدة في منطقة الدفاع الجوي الخاصة بها.

وعلى مدى العام الماضي (2021)، أحصت وكالة فرانس برس 969 عملية توغل لطائرات القوات المسلحة الصينية في منطقة الدفاع الجوي التايوانية، أي أكثر من ضعف عدد عمليات التوغل عام 2020 .

وتختلف منطقة الدفاع الجوي التايوانية عن مجالها الجوي، فالأولى أوسع بكثير وتتداخل جزئيًا مع منطقة الدفاع الجوي الصينية.

وبداية شهر مايو الجاري، أعلنت تايوان، عن توغل كبير جديد للطيران الصيني في منطقة الدفاع الجوي الخاصة بها،  شاركت فيه 18 طائرة.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن الطائرات كانت 12 مقاتلة من طراز “جيه-11″ و”جيه-16” وقاذفتين من طراز “اتش-6”.

وقبل ذلك، دخلت 39 طائرة صينية منطقة الدفاع الجوي التايوانية في 23 يناير.

وبذلك ارتفع عدد التوغلات الجوية الصينية منذ بداية العام إلى أكثر من 370
الحتة