طهران- استغلت إيران أزمة الغاز العالمية لإحياء أنبوب الغاز إلى عمان؛ إذ ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية السبت أن وزير النفط جواد أوجي وافق على إحياء مشروع مد خط أنابيب لضخ الغاز الإيراني إلى سلطنة عمان بعد توقف دام نحو عقدين.
وجاء القرار قبل يوم على زيارة سيجريها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان وسط توقعات بأن تكون لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، حيث ترى طهران أن فرصة نجاح مشروع إحياء أنبوب الغاز صارت اليوم أقرب إلى التحقق ولن يسعى أحد لعرقلته، إضافة إلى أن هناك منشآت عمانية يمكن الاستفادة منها خصوصا في تسييل الغاز وضخّه.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن الموافقة على إحياء المشروع تم التوصل إليها خلال زيارة وزير النفط جواد أوجي إلى السلطنة قبل زيارة رسمية إلى الدولة الخليجية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الاثنين.
سيمون واتكينز: ترتبط مثل هذه الصفقة برغبة طهران في زيادة نفوذها على تلك الدول
وتمتلك إيران أحد أكبر احتياطيات الغاز في العالم. وتتطلع سلطنة عمان إلى الاستفادة من ذلك أملا في تغذية صناعات تستهلك الطاقة استهلاكا مكثفا، فضلا عن تغذية مصانع تصدير الغاز الطبيعي المسال.
وتأتي زيارة رئيسي بعد محادثات بين العميد الركن عبدالعزيز بن عبدالله المنذري مساعد رئيس أركان قوات السلطان المسلحة للعمليات والتخطيط واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.
ويمثل أنبوب الغاز جزءا من اتفاقية تعاون أوسع عقدت بين عُمان وإيران في 2013، ووُسّعت في 2014، قبل التصديق عليها بالكامل في أغسطس 2015.
وتركزت على استيراد عمان لما لا يقل عن 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من إيران لمدة 25 سنة بدءا من 2017. وتغيّر الهدف بعد ذلك إلى 43 مليار متر مكعب في السنة لفترة أقصر مداها 15 عاما، ثم أخيرا إلى 28 مليار متر مكعب في السنة على الأقل لمدة لا تقل عن 15 سنة.
وجرى تأجيل المشروع لاحقا بسبب خلافات على الأسعار وضغط أميركي على عمان لإيجاد موردين آخرين بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 بين القوى العالمية وإيران وأعادت فرض العقوبات على طهران في 2018.
وأجرت طهران وواشنطن محادثات غير مباشرة في فيينا على مدى العام الماضي لإحياء الاتفاق النووي الذي أدى إلى رفع العقوبات، لكن المفاوضات توقفت بسبب شروط وضعتها إيران لسحب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية.
ويقول مراقبون إن لإيران أهدافا ملحة تتمحور حول السلطنة وتتعلق بالغاز الطبيعي.
وسبق للمدير التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، مجيد تشكني، أن صرح في مارس بأن إيران مستعدة وقادرة على تصدير الغاز الطبيعي إلى عمان التي توجد فيها بعض البنى التحتية الضرورية لذلك، كما هو الحال مع باكستان وأفغانستان.
ويقول الصحافي في موقع “أويل برس” سيمون واتكينز “ترتبط مثل هذه الصفقة برغبة طهران في زيادة نفوذها على تلك الدول المستعدة لتوقيع مثل هذه الصفقات من خلال ربطها -بشكل متزامن- بشبكة طاقة إقليمية تسيطر عليها”.
◙ الموافقة على إحياء المشروع تم التوصل إليها خلال زيارة وزير النفط جواد أوجي إلى السلطنة
وأضاف “سيسمح هذا بزيادة كبيرة في صادرات الغاز من إيران إلى عمان وسيمكّن طهران من استخدام ما لا يقل عن 25 في المئة من قدرات الغاز الطبيعي المسال في السلطنة للسماح لها بتحقيق هدف طويل الأجل يتمثل في أن تصبح مُصدّرا عالميا للغاز الطبيعي المسال”.
وبينما تظهر مسقط توازنا في علاقتها بين الغرب من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، يثير إحياء خط الغاز شكوكا حول سيطرة صينية وشيكة على الممرات الرئيسية لشحن النفط والغاز من الشرق الأوسط.
وبحسب واتكينز تطمح بكين إلى السيطرة على جميع الممرات الرئيسية لشحن النفط والغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا والغرب، مع تجنّب طريق رأس الرجاء الصالح الأكثر تكلفة والأكثر صعوبة من الناحية البحرية بسبب محاذاته لجنوب أفريقيا.
وخلال السنوات الماضية استغلت الصين الأزمة المالية في عمان -وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب حرب أسعار النفط- لترسيخ موطئ قدمها في السلطنة.
وتستقطب الصين حوالي 90 في المئة من صادرات النفط العمانية وغالبية هذه الصادرات من البتروكيماويات، وسارعت إلى التعهد بتقديم 10 مليارات دولار أخرى على الفور للاستثمار في مصفاة النفط الملحقة بمشروع الدقم في السلطنة.
وعلى الرغم من أن المزيد من الاستثمارات الصينية كانت مخصصة لاستكمال مصفاة الدقم، إلا أنها ساهمت في تشييد منطقة صناعية بمساحة 11.72 كيلومتر مربع في الدقم في ثلاثة قطاعات: الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة ومتعددة الاستخدامات، وهو ما مكنها من تأمين مناطق استراتيجية مهمّة من الأراضي العمانية.
العرب