بعد زيارة التمويه لرام الله: جاويش أوغلو يشيد بالعلاقة مع إسرائيل

بعد زيارة التمويه لرام الله: جاويش أوغلو يشيد بالعلاقة مع إسرائيل

القدس- أماط وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اللثام عن حقيقة الزيارة التي أجراها إلى إسرائيل بتأكيده على أهمية تمتين العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وتل أبيب، في خطوة قال مراقبون إنها تظهر حجم الانتهازية في الموقف التركي الذي يزج بالفلسطينيين من باب المزايدة تماما كما كان عليه الأمر أثناء الزيارة التي قام بها جاويش أوغلو إلى رام الله حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي لم تكن أكثر من تمويه.

واعتبر المراقبون الزيارة فرصة ليقف الفلسطينيون على حقيقة الموقف التركي ويعرفوا أن التصريحات السابقة التي تنتقد إسرائيل وتتباكى على المسجد الأقصى ليست أكثر من لعب على مشاعرهم ومحاولة لاستجلاب التعاطف، مشددين على أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان يضغط من خلال التصعيد الكلامي على إسرائيل لكسر حالة البرود وتسريع التعاون الاقتصادي بين البلدين، وهو كل ما يهمه.

◙ تركيا وإسرائيل تعملان على إصلاح علاقاتهما المتوترة منذ مدة طويلة وبرز قطاع الطاقة كمجال أساسي للتعاون المحتمل

وكان وزير الخارجية التركي خلال زيارته إلى رام الله قد سعى لإقناع الفلسطينيين بأن “تطبيع” العلاقة مع إسرائيل لن يكون على حسابهم، وأن الأمرين منفصلان تماما.

وعقب اجتماعه مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي قال جاويش أوغلو إن الدعم التركي لفلسطين لن يتضاءل حتى بعد ذوبان الجليد في العلاقات مع إسرائيل.

وأضاف للصحافيين “دعمنا للقضية الفلسطينية مستقل تماما عن مسار علاقاتنا مع إسرائيل”.

وخفف الوزير التركي تصريحاته بخصوص المواجهات في الأقصى؛ إذ قال إن الاشتباكات أزعجت بلاده. وأضاف “من المهم بالنسبة إلى جميع المسلمين حماية حرمة ومكانة الأقصى”.

ويعتقد المراقبون أن أردوغان لم يعد في حاجة إلى الشعارات التي تغازل الفلسطينيين، كما لم يعد في حاجة إلى بيانات حركة حماس التي تشيد بمواقفه، فذلك صار من الماضي وفي مرحلة حققت أغراضها بلفت أنظار الإسرائيليين. والآن يحاول الرئيس التركي استرضاء تل أبيب بهدف تطبيع العلاقات معها؛ إذ خلت خطبه في الفترة الأخيرة من الهجمات الكلامية التي كان يستخدمها بكثافة.

وقال وزير الخارجية التركي الأربعاء إن تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل سيكون له “أثر إيجابي” من أجل حل “سلمي” للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

◙ زيارة لم تكن أكثر من تمويه

وأضاف في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع نظيره الإسرائيلي يائير لابيد أن البلدين اتفقا على “إعادة تنشيط” العلاقات في العديد من المجالات، ويشمل ذلك استئناف المحادثات بشأن الطيران المدني، والبدء رسميّا بالسماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالهبوط في تركيا.

وقال الوزيران إن دولتيهما تأملان في توسيع نطاق العلاقات الاقتصادية لدى سعيهما لإنهاء التوتر الذي شاب العلاقات واستمر أكثر من عقد.

وأكدا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين استمرت في النمو والتطور رغم التوتر الذي دام سنوات.

وقال لابيد “لن نتحايل على أنفسنا ونقول إن علاقتنا لم تشهد تقلبات”. وأضاف “لكن حتى عندما كانت العلاقات السياسية متوترة، كان التعاون الاقتصادي بين بلدينا في نمو مستمر”.

وأوضح لابيد أن “الهدف هو تشكيل وتوسيع التعاون الاقتصادي والمدني بين بلدينا… ورفع الميزات التي يملكها بلدانا إقليميا وعالميا حتى خلال الجائحة وحتى في أوقات التوتر السياسي”.

وبحسب جاويش أوغلو فإن تركيا كانت من أكبر عشرة شركاء تجاريين للدولة العبرية وإحدى الوجهات السياحية للإسرائيليين.

ويرى محللون أن مردّ هذا التقارب هو رغبة أردوغان في تعزيز اقتصاد بلاده المتعثر، وخاصة ما تعلق منه بمشاريع الغاز المشتركة.

وقال أردوغان مؤخرا إنه منفتح على إصلاح العلاقات المتوترة بين تركيا وإسرائيل في أعقاب انخفاض الدعم الأميركي لخط أنابيب الغاز المثير للجدل في البحر المتوسط.

ويأتي تعليق أردوغان في أعقاب عام اتخذت فيه تركيا التي تعاني من أزمة اقتصادية في الداخل خطوات لتحسين العلاقات مع مجموعة من الخصوم الإقليميين، وقد بدت هذه الخطوات كأنها استعادة لاستراتيجية رئيس الحكومة التركي السابق أحمد داود أوغلو التي تقوم على تصفير المشاكل الخارجية لبلاده.

◙ الزيارة فرصة ليقف الفلسطينيون على حقيقة الموقف التركي من وراء انتقاد إسرائيل والتباكي على الأقصى

ودخلت العلاقات التركية – الإسرائيلية في حالة من الجمود الشديد بعد مقتل 10 مدنيين في غارة إسرائيلية على قافلة بحرية تركية كانت متجهة إلى قطاع غزة في عام 2010.

ثم بدأت إسرائيل ومجموعة من الدول، بما في ذلك خصم تركيا التاريخي اليونان، العمل على إنشاء خط أنابيب مشترك لجلب غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا.

وعارضت تركيا المشروع بشدة وراهنت مطالبها الإقليمية على ثروة الطاقة في المنطقة.

كما حظي خط الأنابيب بدعم إدارة الرئيس الأميركي الجمهوري السابق دونالد ترامب، قبل أن تخبو جذوة حماس إدارة جو بايدن لهذا المشروع.

وقال أردوغان إنه يعيد إحياء المحادثات مع إسرائيل بشأن فكرة قديمة لجلب غاز البحر المتوسط إلى الزبائن الأوروبيين عبر تركيا، موضحا “بصفتنا تركيا، سنبذل قصارى جهدنا للتعاون على أساس الربح للجميع. كسياسيين، لا ينبغي أن نكون هنا للصراعات بل للعيش في سلام”.

وتعمل تركيا وإسرائيل على إصلاح علاقاتهما المتوترة منذ مدة طويلة وبرز قطاع الطاقة كمجال أساسي للتعاون المحتمل.

وطردت الدولتان سفيريْ البلدين في 2018 وتبادلا الاتهامات والتصريحات الحادة بشأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وزار جاويش أوغلو الأربعاء النصب التذكاري للمحرقة النازية “الهولوكوست” قبل أن يتوجه إلى زيارة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.

العرب