بغداد – تقول أوساط سياسية عراقية إن تمرير مشروع قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل في البرلمان العراقي لا يخلو من حسابات سياسية داخلية.
وتلفت الأوساط إلى أن هذه الخطوة هي محاولة أيضا من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التسويق لإنجاز، بعد أن فشل في تحقيق أي من الرهانات المطروحة عليه باعتباره الفائز في الانتخابات التشريعية سواء في ما يتعلق بحل الأزمة الداخلية التي تشهدها البلاد منذ نحو ثمانية أشهر، أو في تمرير مشاريع قوانين تخفف وطأة الأزمة الاقتصادية على المواطن، كما هو الحال بالنسبة إلى مشروع القانون الطارئ للأمن الغذائي.
ودفع التيار الصدري بمشروع قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل إلى البرلمان قبل نحو شهر بعد تواتر الاتهامات الموجهة له بغض النظر عن شبهات علاقة تربط بين حليفيه في ائتلاف “إنقاذ وطن” (الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني) وإسرائيل.
وكانت إيران وجهت مرارا اتهامات لقادة إقليم كردستان في شمال العراق بالتعامل مع إسرائيل لإلحاق الضرر بها، وتزامن ذلك مع تلميحات بعض الشخصيات العشائرية التي عادت إلى المشهد العراقي مؤخرا بأن ائتلاف السيادة ولاسيما زعيمه محمد الحلبوسي ينفذ أجندة إسرائيلية في قلب الجغرافيا السنية في العراق.
القانون يمنع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو أي علاقات من شكل
وصوّت أعضاء مجلس النواب (البرلمان) العراقي الخميس لصالح مشروع التجريم، وقالت الدائرة الإعلامية للبرلمان، في بيان، إن “مجلس النواب صوت بإجماع الحاضرين (دون أن تحدد عددهم) على المقترح”.
وسارع زعيم التيار الصدري إلى نشر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، دعا فيها الشعب العراقي إلى الخروج إلى الشوارع احتفالا بالتصويت على مقترح القانون، والذي وصفه بـ”المنجز العظيم”.
وتوجه الصدر إلى النواب وحلفائه بالشكر قائلا “لا يفوتني أن أشكر كل مَنْ سعى مِن أجل ذلك لاسيما اللجنة القانونية، وتحالف إنقاذ وطن، وشكرا مُقدّما لكلّ مَن صوّت لصالح هذا القانون، وشكرا لرئيس مجلس النواب ونائبيه على جهودهم في ذلك”، مخاطبا النواب بالقول “العراق بذمتكم”.
وأصدر النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي، والذي ينتمي بدوره للتيار الصدري، بيانا قال فيه إن “هذا القانون الذي حظي بإجماع المصوتين يمثل انعكاسا حقيقيا لإرادة الشعب، وقرارا وطنيا شجاعا، وموقفا هو الأول من نوعه على مستوى العالم من حيث تجريم العلاقة مع الكيان الصهيوني”، داعيا “البرلمانات العربية والإسلامية لإصدار تشريعات مماثلة تلبي تطلعات شعوبها”.
وترى الأوساط السياسية أن دعوة الصدر لخروج الناس إلى الاحتفال لا تخلو من شعبوية وهي محاولة لإيهام الناس بأهمية هذا المنجز، مع أن الشارع العراقي آخر همه حاليا هو مسألة تجريم التطبيع مع إسرائيل، فليست هناك علاقات قائمة أصلا مع الدولة العبرية، كما أن أولويات المواطن العراقي البسيط هي تخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها، ولا من مجيب.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن إيران الطرف الوحيد الذي سيحتفل فعلا بهذا “المنجز الصدري”، حيث أن هذا القرار سيزيد من نزعتها العدائية حاليا تجاه إقليم كردستان.
وتعتبر الأوساط أن الصدر الذي لطالما حاول إيهام الكثيرين بأنه لا يخضع إلى أي ضغوط أو يضع في اعتباره الحسابات الإيرانية، هو بشكل ما أراد أيضا إيصال رسالة لطهران بأن ما عجزت عنه القوى الموالية لها طيلة السنوات الماضية نجح هو في تحقيقه، وأن على إيران ألا تراهن كثيرا على تلك القوى لحفظ مصالحها في الوقت الذي هو فيه قادر على تأمينها.
وينص القانون الجديد على فرض عقوبات، بينها السجن المؤبد أو المؤقت، ويهدف وفق مادته الأولى إلى “منع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو أي علاقات من شكل آخر مع الكيان الصهيوني المحتل”.
وتنص المادة 201 من قانون العقوبات العراقي على أنه يُعاقب بالإعدام كل من روج لـ”مبادئ الصهيونية، بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها، أو ساعدها ماديا أو أدبيا، أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها”.
ولا يقيم العراق أي علاقات مع إسرائيل، ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات معلنة مع إسرائيل.
ويقول الرافضون لتطبيع العلاقات مع إسرائيل إنها ما تزال تحتل أراضي عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ 1967 وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
العرب