تحقق الأفق الفكري في تحديد معطيات الاستقلال والارادة الوطنية وتعزيز مفهوم الانتماء الحقيقي للوطن والمساعدة في نهضته بعيدا عن التدخلات السياسية الخارجية والمصالح الدولية والاقليمية التي تستغل ظروف أي بلد تسعى للتواجد فيه وتهمل جاهدة على افتعال الأزمات السياسية والاقتصادية حوله لكي تكون لها مسارا للتدخل وتوظيف الحالة لصالحها ولمنافعها ، وهذا ما حصل عند اجتياح القوات الامريكية العراق في التاسع من نيسان 2003 التي كانت البداية للعديد من الأزمات المجتمعية في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأثرت بشكل فعال وميداني على طبيعة وسلوك المجتمع العراقي وأفرزت العديد من المظاهر الغريبة على تصرفات أبناء الشعب العراقي وأوجدت الوسائل والأدوات التي تحقق لها أهدافها ومراحل سياستها العدوانية والتسلطية والمنفعية بتكبيل البلاد بأزمات اجتماعية أصبحت ظاهرة يعاني منها المواطن وتؤرق وضعه النفسي والانساني وكانت من أكثرها فتكا وتأثيرا في حياة المواطنين هي مشكلة انتشار المخدرات وتعاطيها والمتاجرة بها داخل الأراضي العراقية ووصلت الى نسب وحدود عالية مهددة بنيان المجتمع وقيمه وأخلاقه ، وتعتبر نتيجة حتمية وسياسة واقعية للتوجهات العداونية للمحتل الامريكي الذي سبب انفلاتا أمنيا وخرابا اقتصاديا وضعفا في المواجهة الميدانية للعديد من المشاكل التي تواجه الشعب العراقي ومنها عملية عدم السيطرة على حركة وانضباط الحدود العراقية مع الدول المجاورة له وتحديدا ايران ، ولهذا نلمس ونرى حجم المتاجرة بالمخدرات عبر الحدود العراقية_الايرانية وأصبحت ظاهرة بل أزمة اخلاقية يعاني منها المجتمع العراقي وأخذت تهدده في بنيانه وحياته وقيمه والتزاماته الدينية والاجتماعية .
يعتبر موضوع المخدرات في غاية الأهمية لأسباب تتعلق بحياة المجتمع وهي من المواد المضرة بالحياة والصحة وتؤثر على ديمومة واستمرار فعالية الانسان ومقدار تلمس دوره الريادي في تقدم مجتمعه وارتقاءه بالمسؤولية الملقاة عليه في حفظ أسس وضوابط الحياة الاجتماعية ، وتعتبر المخدرات من المواد المحرمة والخطرة والمؤثرة على طبيعة الانسان وتجذره في المجتمع المنتمي اليه.
ان الأسباب الرئيسية لتعاظم وانتشار المخدرات في العراق بحاجة الى جهود ميدانية حكومية تتناسب وحجم الانتشار الكبير لعملية المتاجرة والتعاطي بالمواد المخدرة ومكافحة شبكات التهريب الرئيسية ومتابعة حركة التجار والفاعلين في عمليات التهريب وملاحقتهم بشكل متواصل وعبر العديد من الفعاليات الأمنية الميدانية على أن لا يقتصر الفعل الاجرائي على صغار التجار أو بعضا منهم والسعي الى السيطرة الميدانية على المنافذ الحدودية ومنع أي تحركات وتدخلات من قبل المليشيات المسلحة أو العناصر المتنفذة والتابعة للعديد من الأحزاب والتيارات السياسية ومحاربة الفاسدين ومنع حالات التسيب والاهتمام بتنفيذ الاجراءات والرقابة الحكومية على المنافذ الحدودية
وهذا ما تحقق في الإجراءات الميدانية الفعلية والنشاط الميداني في متابعة حركة ونشاط تجار المخدرات واستخدامها لأساليب جديدة ونوعية في تهريب المخدرات إلى داخل الأراضي العراقية، فقد تمكنت قوة من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية واللواء 14حدود من متابعة نشاط مهربي المخدرات وعبر معلومات ميدانية بوجود طائرة شراعية محلية الصنع تجوب سماء محافظة البصرة منطقة جريشان ، تم متابعتها وتنشيط المنطقة وإطلاق النار باتجاه الطائرة مما اضطر قائدها إلى إنزالها والهروب باتجاه الشريط الحدودي وتم ضبط مليون حبة مخدرة كان في النية إدخالها للعراق .
عندما تتظافر الجهود الأمنية وحسن المتابعة ويقظة الأجهزة نكون أمام حالة من الهمة المجتمعية الإنسانية في درء الأخطار عن حياة أبناء شعبنا والحفاظ على أمن واستقرار.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية