تفسير التطور النووي الإيراني

تفسير التطور النووي الإيراني

تظهر أحدث التقارير الصادرة عن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أن إيران قد تمتلك في غضون أسبوعين كمية كافية من المواد النووية المخصّبة لصنع جهاز متفجر نووي. ولكن ما زال من غير المؤكد ما إذا كانت طهران معنية على الفور بتحقيق مثل هذا الإنجاز أم أنّها تستخدم التقدم الذي أحرزته كتكتيك تفاوضي للحصول على تنازلات بشأن رفع العقوبات.

ومن أجل توضيح التعابير التقنية التي غالباً ما تُستخدم في التقارير، فيما يلي ملخّص موجز ​​لبعض المصطلحات:

التخصيب بنسبة 60 في المائة: التخصيب هو العملية التي تجري من خلالها زيادة نسبة النظير “يورانيوم235-” في عيّنة من اليورانيوم الطبيعي من سبعة أجزاء في الألف، مقارنةً بالنظير “يورانيوم238-” الأكثر انتشاراً، إلى معدل ذرات 193:7 اللازم لمفاعل نووي يهدف إلى الاستخدام المدني أو معدل 1:7، أي حوالي 90 في المائة، وهو المعدل اللازم لصنع قنبلة نووية. وعند التخصيب بنسبة 60 في المائة، يبلغ معدل الذرات حوالي 11:7، مما يعني أنه يجب تجريد اليورانيوم الغازي من عشر ذرات أخرى من “اليورانيوم238-” في أجهزة طرد مركزي فائقة السرعة. (للحصول على مناقشة أكثر تفصيلاً، راجع “إيران النووية: قائمة مصطلحات” الذي أعده كاتب هذا المقال بالاشتراك مع أولي هاينونن.)

أجهزة الطرد المركزي: تدور هذه الأجهزة المغلفة والمثبتة رأسيّاً بحوالي1000 دورة في الثانية، وتفصل ذرات “اليورانيوم-238” عن ذرات“اليورانيوم235-” باستخدام فرق الوزن الدقيق بين الذرتين. وتكون العملية بطيئة وتنطوي على مجموعات مختلفة من أجهزة الطرد المركزي تُعرف باسم الآلة التعاقبية. وعادة ما تنتج محطة الطرد المركزي التي تضم 5000 جهاز كميةً من “اليورانيوم235″ تكفي لقنبلة واحدة في كل ستة أو ثمانية أسابيع. ولا تزال إيران تعتمد على جهاز طرد مركزي تقليدي من الجيل الأول (IR-1) لتحقيق مستويات أقل من التخصيب، ولكنها تستخدم أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً للمستويات الأعلى. وتبدو أجهزة الطرد المركزي المتقدمة هذه وكأنها نسخ إيرانية مطوّرة من أجهزة الطرد المركزي الباكستانية المتقدمة، على الرغم من وجود اختلافات في التصميم.

زمن تجاوز العتبة النووية: تعمل أجهزة الطرد المركزي الأسرع والأكثر تطوراً على تقليص الوقت الذي يستغرقه إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل، ولهذا السبب تم حظر استخدامها في الإنتاج بموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015، أي الاتفاق النووي الإيراني. ويشكّل استخدام إيران أجهزة الطرد المركزي تطوراً مقلقاً. ويتمثل مصدر قلق آخر بإمكانية قيام دولة مثل كوريا الشمالية بتوفير اليورانيوم المخصّب لإيران، مما يؤدي بشكل فعال إلى بدء وضعها النووي. وهذا ما حدث في عام 1981، عندما أعطت الصين لباكستان 50 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 93 في المائة، وهو ما يكفي لصنع جهازين نوويين. كما زودت الصين باكستان بتصميم سلاح.

كمية كبيرة. تُعرف الكمية الكبيرة على أنها نسبة 90% من “اليورانيوم235″ اللازمة للتسبب بانفجار نووي. (صُنْع قنبلة نووية يمكن توجيهها إلى هدفها هو أمر أكثر تعقيداً). و​​يتطلب الانفجار النووي النموذجي كرة من “اليورانيوم235″ بحجم حبة ليمون هندي تقريباً، قد تزن حوالي 25 كيلوغراماً. ويتم ضغط الكرة بواسطة كرة خارجية من مواد تقليدية شديدة الانفجار لتصبح بحجم برتقالة صغيرة. وفي هذه المرحلة، تبدأ سلسلة من التفاعلات لا يمكن السيطرة عليها، وتُعرف أيضاً بالانفجار النووي.

تصميم سلاح نووي: حتى الآن، لم تكتشف “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أن إيران تحوّل على نطاق واسع اليورانيوم الغازي المخصّب التي بحوزتها إلى معدن اليورانيوم، وهو شرط أساسي ضروري لصنع جهاز نووي. ولكن العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان، الذي توفي عام 2021، أعطى ليبيا خططاً لتشكيل معدن اليورانيوم في أشكال نصف كروية، ولذلك ينبغي أيضاً الافتراض بأن إيران لديها المعرفة في هذه التقنية. بالإضافة إلى ذلك، أعطت باكستان إيران ما لا يقلّ عن ثلاثة تصاميم مختلفة للأسلحة النووية، على الرغم من أن الوثائق المتعددة الصفحات ربما لم تكن كاملة.

صنع قنبلة يمكن توجيهها إلى هدفها: يفترض الخبراء عموماً أن إيران ستستخدم صاروخاً لنقل السلاح النووي، مما يعني أن الجهاز يجب أن يكون مضغوطاً بدرجة كافية لكي يتّسع في رأسٌ حربي، ومصمماً لتحمّل درجات الحرارة والقوى التي قد يتعرض لها عند الدخول إلى الغلاف الجوي. ولكن القنبلة الباكستانية الأولى، التي كانت جاهزة بحلول منتصف ثمانينيات القرن الماضي، صُمّمت لتحملها مقاتلة أمريكية من طراز “F-16“، التي يمكن أن يكون تصميمها أبسط.

ثلاثة مواقع: تضغط “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بشدة على إيران لتشرح ما حدث في ثلاثة مواقع مرتبطة على ما يبدو ببرنامجها النووي، حيث أظهرت العيّنات العلمية المأخوذة في هذه المواقع وجود يورانيوم على معدات يحتمل أن تكون قادمة من باكستان. وحتى الآن، لم تكن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” راضية عن التفسيرات الإيرانية.

وغالباً ما يقول المسؤولون الغربيون إنه على الرغم من أن إيران تحقق مستوى مقلق من التخصيب، إلّا أنه لا يزال أمامها المزيد من العمل الذي يتعين عليها القيام به لتصبح قادرة على تصميم سلاح فعال ونظام لإطلاق الصواريخ. وتم ذكر أفق زمني أمده عامين. ومثلما نفت إيران حتى لامتلاكها برنامج أسلحة نووية أو رغبتها في ذلك، قد تحتوي مثل هذه التعليقات على شيء من الخدعة.

وبالنسبة لواشنطن، ينطوي التحدي على موازنة مخاوف الحلفاء حول ما إذا كان التعامل مع إيران أفضل من خلال الدبلوماسية أو العمل العسكري، أو أعمال التخريب المجهولة المصدر. ولكن بعبارات بسيطة، من الممكن أن تكون إيران قد وصلت بالفعل إلى الوضع النووي الذي يخشاه البعض.

سايمون هندرسون

معهد واشنطن