قطر غيت: معهد بروكينغز يوقف رئيسه عن العمل

قطر غيت: معهد بروكينغز يوقف رئيسه عن العمل

واشنطن – أوقف معهد بروكينغز رئيسه، الجنرال المتقاعد جون ألين، عن العمل على خلفية تحقيق فيدرالي عن دوره في حملة ضغط قادت إلى تغيير موقف إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن أزمة 2017 بين قطر وجيرانها.

ويسلط الإيقاف الذي فرضته المؤسسة السياسية العريقة على رئيسها الضوء على دور الدوحة في التأثير السياسي على أعلى مستويات الإدارة الأميركية ويرسم معالم لفضيحة سياسية باسم ”قطر غيت” التي تتسع التحقيقات بشأنها لتطال شخصيات أميركية بارزة.

وقال أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي في إفادة خطية بشأن مذكرة البحث إن هناك “دليلا جوهريا” على أن الجنرال ألين قد انتهك عن عمد قانون جماعات الضغط الأجنبي، وأدلى ببيانات كاذبة وحجب وثائق “تجريم”.

وتضمّن عمل ألين وراء الكواليس السفر إلى قطر والاجتماع بكبار المسؤولين في البلاد لتقديم المشورة لهم حول كيفية التأثير على السياسة الأميركية، بالإضافة إلى الترويج لوجهة نظر الدوحة لدى كبار المسؤولين في البيت الأبيض والكونغرس، وفقا لإفادة مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وساهم الجنرال ألين، وهو القائد السابق للقوات الأميركية والناتو في أفغانستان، في تغيير موقف إدارة ترامب كليا من قطر في خلافها مع دول المقاطعة الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بالرغم من أن موقف الرئيس السابق كان في انطلاقه يميل لصالح السعودية والإمارات.

وضغط ألين على مستشار الأمن القومي آنذاك إتش آر ماكماستر لجعل إدارة ترامب تتبنى لهجة أكثر ودية مع قطر، وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى ماكماستر إن القطريين يريدون من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية إصدار بيان بلغة تدعو جميع أطراف الأزمة الدبلوماسية الخليجية إلى “ضبط النفس”.

واستجاب وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون بعد يومين فقط، وأصدر بيانا دعا فيه دول الخليج الأخرى إلى “تخفيف الحصار المفروض على قطر” وطالب “بألا يكون هناك المزيد من التصعيد من الأطراف في المنطقة”.

وكتب عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي باباك أديب في طلب مذكرة تفتيش أن ألين أساء التصريح بدوره في حملة الضغط أمام المسؤولين الأميركيين، ولم يكشف عن أنه “كان يسعى لإبرام صفقات تجارية بالملايين من الدولارات مع حكومة قطر”.

وقاد التحقيق كذلك إلى إماطة اللثام عن الدور الذي لعبه السفير السابق لدى الإمارات ريتشارد جي أولسون في التأثير على موقف بلاده في الأزمة الخليجية، وقد أقر بممارسة الضغط بشكل غير قانوني لصالح حكومة قطر. كما شمل استجواب عدد من أعضاء الكونغرس.

ويقول المراقبون إن قطر في مسعاها لبناء لوبي ذي تأثير قوي عملت على استقطاب شخصيات عملت في مواقع مهمة وساعدتها على أن تظل في الواجهة من خلال تمويل مشاريع ذات أبعاد فكرية وسياسية ولديها حظوة في المشهد الإعلامي والسياسي مثل معهد بروكينغر، وذلك لتكون تلك الشخصيات قادرة على توظيف المعلومات التي حصلت عليها أثناء أداء مهامها للتأثير على التوجه الرسمي للإدارة الأميركية وعلى الرأي العام، ودون أن تلفت إليها الانتباه.

معهد بروكينغز يواجه موقفا محرجا بعد أن وجد نفسه في وسط فضيحة سياسية وأبلغ موظفيه أنه ليس قيد التحقيق

ويواجه معهد بروكينغز موقفا محرجا بعد أن وجد نفسه في وسط فضيحة سياسية وأبلغ موظفيه في رسالة بالبريد الإلكتروني الأربعاء أن المعهد نفسه ليس قيد التحقيق وأن نائب الرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث، تيد غاير، سيعمل كرئيس بالإنابة.

وجاء في الرسالة الإلكترونية “لدينا ثقة كاملة في قدرة فريق بروكينغز على الاستمرار في التركيز على تقديم الجودة والاستقلالية والتأثير”.

ويعتبر معهد بروكينغز واحدا من أكثر المؤسسات الفكرية تأثيرا في الولايات المتحدة ولطالما كانت تربطه علاقات قوية بقطر. ففي 2007، وافقت وزارة الخارجية القطرية على تمويل فرع تدعمه المؤسسة في الدوحة وهو مركز بروكينغز الدوحة.

وقالت الحكومة القطرية في بيان صحافي صدر سنة 2012 إن دور المركز تضمّن إبراز “صورة قطر المشرقة في وسائل الإعلام الدولية، وخاصة الأميركية”، وفق تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أظهر أن قطر قدمت 14.4 مليون دولار من التبرعات لمعهد بروكينغز على فترة امتدّت أربع سنوات.

وبصفته منظمة غير ربحية، لا يتعيّن على بروكينغز تحديد ما يتلقاه من تبرّعات ولكنه يكشف عن بعض البيانات طواعية. وتظهر تقاريره السنوية أن قطر تقدم ما لا يقل عن مليوني دولار سنويا من 2016 إلى 2021.

وقال بروكينغز في بيان إن ألين قرر في 2019 التوقف عن تلقي أيّ تبرعات جديدة من قطر وإغلاق مركز بروكينغز الدوحة.

مراقبون يقولون إن قطر في مسعاها لبناء لوبي ذي تأثير قوي عملت على استقطاب شخصيات عملت في مواقع مهمة وساعدتها على أن تظل في الواجهة من خلال تمويل مشاريع ذات أبعاد فكرية وسياسية

كما جاء في الرسالة الإلكترونية إلى الموظفين يوم الأربعاء أن “لمعهد بروكينغز سياسات متشددة لمنع الجهات المانحة من توجيه الأنشطة البحثية”.

واستثمر ألين نشاط المعهد كغطاء لتحرّكه من قطر وإليها، حيث تقول سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية إن أولسون وألين سافرا إلى قطر للقاء أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومسؤولين كبار آخرين كجزء من حملة الضغط.

ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إن ألين قدم “نسخة غير صحيحة من الأحداث” حول عمله لصالح قطر خلال إجابته عن استفسارات مسؤولي إنفاذ القانون في 2020 ولم يقدّم رسائل البريد الإلكتروني ذات الصلة ردّا على أمر استدعاء سابق لهيئة المحلفين.

ورفض ألين التعليق على التهم الموجهة إليه. ونفى سابقا نشاطه كعميل قطري، وقال إن جهوده بشأن قطر في 2017 كانت مدفوعة لمنع اندلاع حرب في الخليج من شأنها أن تعرّض القوات الأميركية إلى الخطر.

ويدفع معهد بروكينغز لألين أكثر من مليون دولار سنويا، وفقا لأحدث سجلات ضريبية متاحة. ولم يذكر البريد الإلكتروني للموظفين ما إذا كان الراتب سيستمر أثناء الإيقاف.

العرب