الجزائر – تحاول الجزائر منذ وصول الرئيس عبدالمجيد تبون إلى السلطة الظهور كما لو أنها فاعل مهمّ ومؤثر في الملف الليبي، وبعد أن كانت تلك المحاولات تقتصر على إبداء بعض التصريحات سواء على لسان تبون أو وزير خارجيته رمطان لعمامرة تسعى الآن للظهور في الصورة بشكل أكبر مستغلة ضعف رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.
وبعد أن كانت تصريحات مسؤوليها تقتصر على إبداء حياد يدرك أغلب الليبيين أنه مفتعل، تحولت الجزائر الآن إلى الكشف عن مواقفها الداعمة للميليشيات ولتيار إسلامي أكثر تشددا من الإخوان الذين يقفون مع حكومة فتحي باشاغا التي بدأت العمل من سرت قبل نحو أسبوع.
ولم يتردد لعمامرة عقب لقاء جمعه بالمستشارة الأممية ستيفاني ويليامز في إرسال رسائل غير مباشرة سيطر عليها التشنج إلى مصر التي تدعم حكومة باشاغا، في حين اختارت الجزائر اللعب على ضعف وعزلة حكومة الدبيبة التي لا يستبعد مراقبون أن تكون خلف الاجتماع الثلاثي الذي عقد في تونس الجمعة على مستوى وزراء الخارجية بهدف التخفيف من العزلة التي تعيشها والتحضير لمرحلة ما بعد الانتهاء من العمل بخارطة الطريق في العشرين من يونيو الحالي .
وتبدي أغلب الدول حيادا إزاء الانقسام الذي تشهده ليبيا منذ تشكيل حكومة فتحي باشاغا المدعومة من قبل البرلمان، وباستثناء تركيا لم تستقبل أي حكومة الدبيبة أو باشاغا بشكل رسمي، لكن الجزائر خرجت قبل نحو شهر عن الحياد بعد استقبالها للدبيبة، في حين أعلنت مصر وروسيا دعمهما لحكومة باشاغا.
الجزائر كثفت في الآونة الأخيرة من الترويج لمبادرة الدبيبة التي تنص على إجراء انتخابات تشريعية وتأجيل الرئاسية
وأبلغ لعمامرة ويليامز رفض بلاده “تعدد مسارات الحل” في جارتها الشرقية.
وشدد الوزير على “ضرورة تفادي تعدد المسارات والمبادرات التي يهدف البعض من خلالها إلى البحث عن أدوار إقليمية وهمية (في تلميح إلى مصر)، على حساب مصلحة الشعب الليبي، والتي لم تأت بأيّ نتيجة سوى التشويش على وساطة الأمم المتحدة”.
وجدد لعمامرة موقف الجزائر “المبدئي والثابت حول ضرورة مضاعفة الجهود لتمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه السيادي في اختيار ممثليه”.
وكثفت الجزائر في الآونة الأخيرة من الترويج للمسار الانتخابي الذي يمثل مبادرة الدبيبة التي تنص على إجراء انتخابات تشريعية فقط وتأجيل الرئاسية.
وكانت طرابلس حاضرة في عدد من التصريحات التي أدلى بها تبون، في كل من تركيا وإيطاليا وأخيرا خلال زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى الجزائر، وهو ما يؤكد الاهتمام الذي توليه لفرض مقاربة الدبيبة.
وقال تبون خلال مؤتمر صحافي مع مادورو “أسوأ سيناريو في ليبيا هو وجود قوى تخوض الحروب بالوكالة، وعندما نواجه مثل هؤلاء الخصوم الأقوياء فليس الأمر متروكا لليبيين لطردهم”.
وأضاف “عندما التقيت بليبيين في برلين اتفقنا على أن جميع الدول المعنية ببلادهم يجب أن تتفق على عدم السماح للبنادق أو المرتزقة بالوجود داخل البلاد، لكن بعد شهرين كان هناك ثلاثة آلاف طن من الأسلحة المتدفقة في ليبيا، مما يعني أن الحل في مكان آخر، وفي رأيي يمكن أن يكون من خلال الأمم المتحدة”.
وتتناقض التصريحات الأخيرة لتبون مع تصريحات سابقة له أكد خلالها أن بلاده لعبت دورا حاسما ورسمت “خطا أحمر” لمنع قائد الجيش المشير خليفة حفتر من السيطرة على العاصمة.
ولا يستبعد مراقبون أن تكون الجزائر قد أقنعت الدبيبة وتركيا بقدرتها على الضغط على حليفتها روسيا من أجل التراجع عن دعمها لحكومة فتحي باشاغا.
وتربط الجزائر علاقات قوية بروسيا بفضل صفقات السلاح بمليارات الدولارات التي تعقدها كل فترة، لكن العلاقات تشهد تذبذبا بعد أن عرضت الجزائر إمداد أوروبا بالغاز كبديل للغاز الروسي.
وأعلن الجمعة بشكل مفاجئ عن عقد اجتماع ثلاثي بين تونس والجزائر وليبيا على مستوى وزراء الخارجية وسجل مراقبون غياب كل من مصر والمغرب عن اللقاء، في حين أثار عقد الاجتماع في تونس الاستغراب.
وتتعرض تونس منذ فترة لضغوط من قبل ليبيا والجزائر اللتين تعارضان مسار الإصلاح الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد وأنهى سيطرة حركة النهضة والأحزاب والمنظمات التي تدور في فلكها، على البلاد.
وأعلنت وزارة الخارجية التونسية عن اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث ليبيا والجزائر وتونس الجمعة في العاصمة تونس.
وقالت الخارجية التونسية إن الاجتماع يأتي “في إطار تعزيز سنة التشاور والتنسيق” بين الدول الثلاث. ويبحث الاجتماع وفق نفس المصدر مسائل ترتبط بالتنمية المندمجة والمتضامنة ومكافحة الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة وقضايا الأمن الغذائي والبيئي والطاقة.
العرب