المرتزقة في ليبيا: تمديد للقوات التركية وتوقعات متصاعدة بعملية وشيكة ضد فاغنر

المرتزقة في ليبيا: تمديد للقوات التركية وتوقعات متصاعدة بعملية وشيكة ضد فاغنر

أحالت الرئاسة التركية الاثنين مذكرة إلى البرلمان من أجل تمديد مهام قواتها في ليبيا، في خطوة تتزامن مع تصاعد التكهنات بعملية عسكرية وشيكة لطرد مرتزقة فاغنر الروسية من ليبيا، في محاولة لاستغلال انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وهي تكهنات تعززها حركة لافتة لطائرات شحن عسكرية إيطالية وتركية غربي ليبيا.

طرابلس- تسعى تركيا للتمديد لقواتها والمرتزقة السوريين الذين استعانت بهم في حرب طرابلس، متجاهلة الدعوات الإقليمية والدولية إلى سحب قواتها من ليبيا، وذلك بالتزامن مع توقعات متزايدة بشأن عملية وشيكة قد تنفذها قوات تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بدعم تركي وغربي ضد مرتزقة فاغنر المتمركزين شرق البلاد وجنوبها، بحسب تقارير أممية وأميركية.

وكشفت مصادر أن طائرتين عسكريتين بريطانية وتركية حطتا في مصراتة وطرابلس غربي ليبيا في الأيام الماضية غير مستبعدة أن يكون ذلك يستهدف الاستعداد لإطلاق عملية عسكرية ضد مرتزقة فاغنر في خطوة قد تكون لاستغلال انشغال روسيا بالحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا والتي تقترب من إتمام شهرها الرابع.

وتعزز هذه التكهنات تصريحات أدلى بها مؤخرا رئيس الأركان العامة التابع لحكومة الدبيبة محمد الحداد، الذي انتقد بشدة من وصفهم بالمحتلين الأجانب.

وقال الحداد، خلال افتتاح أكاديمية الدراسات البحرية بمنطقة صياد بمنطقة جنزور في العاصمة طرابلس، “نحن في سباق لبناء الدولة وإلا سنظل عبيدا نحرس الأجانب والمحتلين”، مضيفا أن “المحتل لم يأت إلا بكمشة من الأنذال الذين انبطحوا انبطاحا كاملا، وهذا شيء مؤلم”.

والاثنين أحالت الرئاسة التركية مذكرة إلى رئاسة البرلمان من أجل تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرا إضافية، في خطوة بدت لافتة في توقيتها.

وأشارت المذكرة التي حملت توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن “الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير 2011، لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سدى بسبب النزاعات المسلحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد”.

وشددت المذكرة على أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا، “هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا”.

وأضافت أن ذلك يستهدف أيضا “الحفاظ على الأمن ضدّ المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا”.

ولفتت إلى توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب برعاية أممية يوم السابع عشر من ديسمبر عام 2015، بعد نحو عام من المفاوضات بين كافة الأطراف الليبية، في سبيل إحلال وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد.

وأوضحت أنه تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة، بموجب الاتفاق السياسي الليبي. وأشارت إلى أن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر “بدأ في الرابع من أبريل 2019 هجوما للاستيلاء على العاصمة طرابلس”.

وكانت روسيا قد استغلت خلال السنوات الماضية تزايد نفوذها في ليبيا، في البداية بتوطيد علاقتها بقائد الجيش المشير حفتر، ثم دخول مرتزقة فاغنر. وبدأت تطالب بحوار مع الأميركيين بشأن ليبيا، وهو ما رفضته الولايات المتحدة في أكثر من مرة، مكتفية بالدعوة إلى سحب مرتزقتها من البلاد، حيث تعتبر واشنطن المنطقة منطقة
نفوذ للغرب.

وتنكر روسيا أيّ دور عسكري مباشر لها في ليبيا وعلاقتها بمرتزقة فاغنر المتمركزين، بحسب تقارير أممية وأميركية، وسط ليبيا وجنوبها وشرقها، إلا أنها تنظر إلى الأمر كإطلالة استراتيجية تستكمل من خلالها وجودها في البحر المتوسط من خلال قاعدة حميميم في سوريا.

وأشارت تقارير إلى أن المرتزقة يسيطرون على مواقع استراتيجية مثل منطقة الهلال النفطي الغنية، وهو ما يعزز التكهنات بإمكانية إطلاق عملية ضدهم، خاصة في ظل حاجة الغرب إلى إمدادات من الطاقة جديدة تكون بديلة عن الإمدادات الروسية، وهو ما يعرقله غلق موانئ وحقول تصدير النفط.

وكانت الأزمة بين الدبيبة ورئيس الحكومة المنبثقة عن البرلمان فتحي باشاغا قد طاولت قطاع النفط، بعد أن عمد محتجون في الشرق والجنوب إلى غلق موانئ وحقول النفط، في خطوة لا يستبعد مراقبون أن يكون المشير حفتر يقف خلفها، في محاولة منه للضغط على الغرب مستغلا تأزم الوضع الدولي للاعتراف بحكومة باشاغا التي أضحت بالفعل حكومة موازية.

لكن هذه الخطوة تظهر المشير حفتر كعدو لمصالح الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يفقده القبول الدولي به كجزء من معادلة الحل في ليبيا، وفق أوساط سياسية ليبية.

الرئاسة التركية أحالت الاثنين مذكرة إلى البرلمان لتمديد مهام القوات التركية في ليبيا لـ18 شهرا إضافية

وسمحت الخطوة المذكورة بفسح المجال أمام خصم المشير حفتر الدبيبة الذي يعمل على توطيد علاقته بالغرب، حيث كانت ليبيا البلد العربي الوحيد الذي صوت لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان.

والأحد أطلق حفتر تحذيرات من أخطار محيطة بوحدة ليبيا وهي تتزايد، منتقدا بشدة التوافقات التي تم التوصل إليها. وقال حفتر “واجبنا اليوم بعد أن طال أمد المعاناة، هو تحريض الشعب على ممارسة حقه الطبيعي في تقرير مصيره بالوسائل السلمية، وفق الآليات التي يراها تحقق أهدافه”.

وأضاف “لم يعد هناك من سبيل لتغيير هذا الواقع البائس والمرير، إلا أن الشعب يمتلك زمام المبادرة السلمية بنفسه، ويرسم خارطة طريق الخلاص، دون نيابة أو وصاية من أحد” دون توضيح، لكن يبدو أنه يلمح إلى الجهود التي تقودها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، والتي ينظر إليها على أنها بصدد تنفيذ أجندة واشنطن في ما يخص الملف الليبي.

العرب