التجاذبات الدولية بين الموقف الإيراني وتقارير الوكالة الذرية

التجاذبات الدولية بين الموقف الإيراني وتقارير الوكالة الذرية

تتباين المواقف الدولية والإقليمية حول نتائج مباحثات البرنامج النووي الإيراني والآفاق المستقبلية لعقد جولة جديدة في العاصمة النمساوية فيينا والتطلع لإيجاد منافذ حقيقية تساهم في استعادة الثقة بين جميع الأطراف خاصة بعد قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة النظام الإيراني وعدم قبوله للشروط التي قدمها مفتشي الوكالة وخروجه على العديد من الثوابت التي أقرتها الوكالة حول برنامج إيران النووي وآخرها التقرير الذي أشار إلى أن إيران تصعد من عملية تخصيب اليورانيوم والاستعداد لاستخدام مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة نوع ( اي ار 6 ) واشارتها في 18حزيران 2022 بأن إيران مستعدة لضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم وهي المادة التي تخصبها أجهزة الطرد المركزي في المجموعة الثانية من اثنتين من أجهزة(اي ار 6 ) في موقع فورد تحت الأرض. وأجهزة الطرد المركزي الداخلة في تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20% هي سلسلة مؤلفة من 166 جهاز هي الوحيدة التي تصل إليها هذه النسبة ، وهذا ما أثار حفيظة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجموعة الأوربية التي أكدت ومعها الولايات المتحدة الأمريكية انها لا تسمح لإيران بالتخصيب في موقعين رئيسين هما بوردو ونطنز المختصين بتخصيب اليورانيوم عبر أجهزة الطرد المركزي.
وأمام هذا التصعيد ورد الفعل الإيراني واستمرار سياسة إظهار التعنت والممانعة جاء الرد الامريكي بفرض عقوبات اقتصادية على عدد من الأفراد والمنشآت عبر شبكة من منتجي مادة البتروكيماويات وشركات وهمية تعمل في الصين والإمارات تساعد طهران على تسويق منتوجاتها إلى الخارج رغم العقوبات المفروضة على قطاع البتروكيمياويات الإيراني في 16 حزيران 2022 .
تناولت الأوساط السياسية الإيرانية الإجراءات الأمريكية وتقارير الوكالة الذرية بمزيد من الحذر والريبة وعدم الثقة وبرزت العديد من المواقف كانت أهمها ما جاء على لسان سعيد خطيب زادة المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية يوم 20حزيران 2022 بأن(طهران مستعدة للتوصل إلى اتفاق مع القوى العالمية ) محملا واشنطن مسؤولية تعثر المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 ميديا استعداد إيران للعودة للمفاوضات والتوصل إلى اتفاق جديد اذا ما اوفت واشنطن بالتزاماتها .
ولتأتي زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إيران في سياق تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين بعد اشتداد النزاع الروسي الأوكراني ومحاولة مد جسور العلاقة بين حلفائها في منطقة الشرق الأوسط ومنها إيران لتعزيز موقفها في مواجهتها للتاثيرات والدوافع الأوربية الأمريكية والتصدي لها عبر عقد العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية في مجال الطاقة والأنشطة النووية في إيران وشركائها في المنطقة وإبقاء الدور الروسي حاضرا في مجمل الأوضاع المستجدة ومنها مفاوضات البرنامج النووي الإيراني الذي قال عنه لافروف في 23 حزيران 2022 أن( موسكو تدعم بشكل كامل احياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى ويجب رفع العقوبات كاملة ) ملقيا اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية في تأخير الاتفاق .
تستمر عملية التجاذب السياسي والشروط التفاوضية بين واشنطن وطهران عبر الوسطاء الاوربين وصولا إلى إيجاد منافذ حقيقية لعملية تسوية شاملة عبر جلسات قادمة رغم التقارير التي تبنتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن تبقى الآفاق السياسية والاتفاقيات الدولية والمصالح المشتركة كفيلة بإعادة صياغة جديدة للاتفاق النووي.

وحدة الدراسات الايرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية