بعد الحرب “الكارثية” و”مستنقع” أفغانستان.. هل يعيد التاريخ نفسه وتنتهي حقبة بوتين؟

بعد الحرب “الكارثية” و”مستنقع” أفغانستان.. هل يعيد التاريخ نفسه وتنتهي حقبة بوتين؟

سلط تقرير نشره موقع “ناشونال إنترست” الضوء على أوجه التشابه بين زعيمين تاريخيين في روسيا ورئيسها الحالي، فلاديمير بوتين، وتوقع التقرير أن يحدث في حرب أوكرانيا سيناريو مشابه للحروب التي خاضها الزعيمان ينتهي برحيل بوتين عن السلطة.

وتساءل مارك كاتز في تحليله عما إذا كان بوتين سيحذو حذو الزعيم السوفييتي، ليونيد بريجنيف، الذي تولى السلطة في الفترة من 1964 إلى 1982، وانتهى عصره بعد احتلاله أفغانستان، وكذلك القيصر نيكولاي الأول (1825-1855)، الذي كان مصيره أيضا مرتبطا بحرب القرم رغم أنه حقق سلسلة انتصارات فيها.

ويمضي الكاتب قائلا إنه في حين لم يتضح بعد كيف ستنتهي الحرب الجارية في أوكرانيا، إلا أنه من المؤكد أنها أقل نجاحا بكثير وأكثر تكلفة مقارنة بصراعات بوتين السابقة.

ويشير إلى نجاح بوتين في تدخلاته العسكرية السابقة في الشيشان وجورجيا وشبه جزيرة القرم وسوريا، وإلى أن تدخلاته أدت إما إلى انتصارات صريحة لموسكو، أو تحقيق هدف رئيسي مثل دعم الحكومات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا ودعم نظام الأسد ومساعدته على استعادة الكثير من الأراضي التي فقدها في سوريا.

لكن يبدو أن المغامرة الأخيرة لبوتين لم تنجح مثل مغامراته السابقة، تماما مثلما حدث مع زعماء آخرين قادوا
عدة حروب ناجحة ثم فشلوا بعذ ذلك.

ويشير التقرير إلى أن القوات السوفييتية في عهد بريجنيف اجتاحت تشيكوسلوفاكيا بسرعة في عام 1968، واجتاحت القوات الفيتنامية الشمالية المدعومة من الاتحاد السوفييتي فيتنام الجنوبية ولاوس في عام 1975.

ونجحت القوات الكوبية المدعومة من الاتحاد السوفييتي في منع هزيمة الحركة الشعبية لتحرير أنغولا على يد خصومها المدعومين من الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا والصين في أواخر عام 1975.

وساعدت القوات الكوبية النظام الماركسي الجديد في إثيوبيا على صد غزو منطقة أوغادين من قبل حليف موسكو السابق، الصومال، بين عامي 1977 و1978. ونجحت القوات الفيتنامية المدعومة من موسكو في اجتياح كمبوديا والإطاحة بنظام الخمير الحمر الموالي للصين.

ومع ذلك، تحول الغزو السوفييتي لأفغانستان الذي بدأ في ديسمبر 1979 إلى “مستنقع لموسكو”.

وهذا النمط تكرر قبل ذلك في عهد القيصر نيكولاي الأول، ففي أثناء حكمه، استولت قواته على أراض من بلاد فارس في الفترة من 1826-1828، وحاربت الإمبراطورية العثمانية، وساعدت اليونان على الانفصال عنها، وسحقت تمردا في بولندا عام 1831، وساعدت الإمبراطورية العثمانية في هزيمة تمرد حدث في مصر في عام 1833.

ولكن بعد ذلك انخرطت روسيا في حرب القرم “الكارثية” (1853-1856) ضد الإمبراطورية العثمانية.

ويمضي الكاتب قائلا إنه ليس هناك ما يضمن أن تنتهي الحرب الحالية في أوكرانيا بشكل سيء مثل حربي القرم وأفغانستان، ولكن هناك تشابه واحد تشترك فيه الحرب الدائرة في أوكرانيا مع هاتين الحربين السابقتين، هو الدعم الخارجي واسع النطاق للبلد الذي كانت روسيا في حالة حرب معه.

وعندما بدأ نيكولاي الأول الاستيلاء على أراض من الإمبراطورية العثمانية الضعيفة، دخل في حرب بين روسيا من جهة، والإمبراطورية العثمانية والمملكة المتحدة وفرنسا وبيدمونت (أقوى مملكة إيطالية قبل توحيد إيطاليا) من جهة أخرى، ولم يتمكن القيصر من هزيمة هذا التحالف.

وفي أفغانستان، تلقت المعارضة الداخلية دعما هائلا من عدة قوى خارجية، من أهمها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وباكستان والسعودية وإيران والصين وغيرها.

وعلى الرغم من التنافس بين مختلف مجموعات المعارضة الأفغانية وتضارب المصالح لمؤيديها الخارجيين، لم تتمكن موسكو من الانتصار عليهم.

وفي أوكرانيا الآن، لا تواجه موسكو معارضة قوية من أوكرانيا فحسب، بل تتلقى أيضا أيضا كميات كبيرة من الأسلحة من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية.

وعلاوة على ذلك، فرضت العديد من الدول الغربية عقوبات اقتصادية قوية على روسيا، واتخذت دول غربية كانت تستورد النفط والغاز من روسيا إجراءات لتقليل اعتمادها على النفط الروسي.

وباستثناء بيلاروس، لم تنضم أي دولة أخرى إلى روسيا في حربها على أوكرانيا.

ومثلما حدث خلال حرب القرم وخلال فترة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، سيكون من الصعب على روسيا أن تنتصر في حربها الحالية في أوكرانيا طالما استمر الدعم الخارجي القوي للمقاومة الأوكرانية.

ولكن رغم أن التاريخ ينبئ بإمكانية هزيمة بوتين، فإنه في حالة حرب القرم، لم يكن نيكولاي الأول هو من اتخذ القرار بإنهاء النزاع ولكن خليفته ألكسندر الثاني.

وبالمثل، لم يكن بريجنيف هو من أنهى الصراع في أفغانستان، بل خليفته ميخائيل غورباتشوف، الذي قرر سحب القوات السوفيتية من هناك.

وما يشير إليه هذا الأمر أنه بغض النظر عن مدى سوء الحرب الحالية بالنسبة لروسيا، فقد لا يكون بوتين هو الذي سيسحب القوات الروسية من أوكرانيا ولكن سيخلفه.

الحرة