إيران ترد على الاغتيالات الإسرائيلية بإنكارها أو التقليل من أهميتها

إيران ترد على الاغتيالات الإسرائيلية بإنكارها أو التقليل من أهميتها

لندن – لا تجد إيران من رد على عمليات الاغتيال الإسرائيلية التي تزايدت وتيرتها في الفترة الأخيرة وتستهدف مسؤولين رفيعي المستوى في النظام، سوى التقليل من أهميتها.

وبعد أن كانت تتعهد بالرد على تلك الاغتيالات اختارت مؤخرا استراتيجية جديدة تقوم على إنكار العملية أو التقليل من أهمية الشخصية المستهدفة لتجنب الإحراج بعد أن باتت تعهداتها بالرد محل تشكيك وسخرية.

ومن بين سبع عمليات اغتيال تمت منذ مايو الماضي، ويفترض أن تكون إسرائيل خلفها لم تعترف طهران إلا باغتيال العقيد بالحرس الثوري حسن صياد خدائي.

وتشير التقارير إلى أن جل الإيرانيين المغتالين المذكورين، وهم جيولوجي ومهندسان وعضوان من القوة الجوفضائية لحرس الثورة الإسلامية، مرتبطون إما بالمنشآت النووية الإيرانية أو بالبنية التحتية العسكرية التي تساعد طهران وكلاءها عبرها.

ويستشهد مراقبون بحادثة وفاة مهندس الطيران أيوب انتظاري مسمّما والتي وصفتها السلطات الإيرانية في البداية بالاغتيال قبل أن تتراجع عن ذلك بالقول “إن وصفه بالشهيد كان خطأ”، زاعمة أنه لم يكن مهندس طيران، كما تشير التقارير، بل كان موظفا عاديا.

محللون يتوقعون أن تصعّد إيران بأفعال لا ترقى إلى الحرب ولكنها تضر بالأمن الإسرائيلي والإقليمي والعالمي

ويعتقد محللون أن طهران ردت بهذه الطريقة لأنها شعرت بالحرج ورأت أن الاغتيالات كانت بمثابة فشل استخباراتي وسط تصعيد إسرائيل للحرب السرية.

وتطرق تقرير لمجلة فورين بوليسي للاستراتيجية الجديدة لإيران في مواجهة الاغتيالات القائمة على الإنكار والتقليل من أهميتها.

وقال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران في معهد واشنطن فرزين نديمي للمجلة إن الاغتيالات الأخيرة، إلى جانب الهجمات على البنية التحتية العسكرية والهجمات الإلكترونية على الخدمات التي تديرها الدولة، “أضرت بشكل كبير بالردع الإيراني المتصور” و”أظهرت تصميم إسرائيل وقدرتها على التحرك بحرية في إيران”.

وذكر نديمي أن الهجمات تشكك في مصداقية الحكومة الإيرانية وجدوى إجراءاتها الأمنية.

وقال محللون ومسؤولون أمنيون إن موجة الهجمات الأخيرة تنبع من مخاوف إسرائيل من اقتراب إيران من بناء سلاح نووي مع الاستمرار في تسليح ميليشياتها في المنطقة، ما يشكل تهديدا مباشرا لدولة إسرائيل.

وقال المحللون إن التصعيد الأخير في اغتيالات المسؤولين الإيرانيين والقبض على عملاء إيرانيين يُزعم أنهم كانوا يخططون لاختطاف إسرائيليين في تركيا يشير إلى أن الحرب السرية بين إيران وإسرائيل تتصاعد وتنذر بالسوء بالنسبة إلى الأمن الإقليمي، وتهدد بأن تبلغ ذروتها في صراع كامل.

وقد ألمح عيران ليرمان، نائب المدير السابق للسياسة الخارجية والشؤون الدولية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى المزيد من التصعيد بما يتماشى مع سياسة إسرائيل لفعل ما تراه ضروريا لمواجهة التهديدات الأمنية الإيرانية.

وبينما تساءل بعض المحللين عن سبب استهداف إسرائيل لمسؤولين من رتب أدنى، قال ليرمان إنه بينما لا يستطيع تأكيد دور إسرائيل في عمليات القتل الأخيرة أو إنكاره، فإن “كل عضو رئيسي في الجهاز النووي والعسكري الإيراني ليس بالضرورة جنرالا”.

وأضاف “تدرك إسرائيل من يفعل هذا وتحاول إرسال رسالة إلى إيران لوقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار وإلا فقد تزداد الأمور سوءا”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته نفتالي بينيت، اعترف، يوم السابع من يونيو الماضي، بحدوث تحول استراتيجي في مواجهة إيران، وقال إن إسرائيل تحركت إلى “مسار أعلى” لاحتواء تهديدها.

وقال في اجتماع للجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالبرلمان “نحن نتصرف في جميع الأوقات والأماكن وسنواصل القيام بذلك”.

ويتوقع محللون أن تصعّد إيران بأفعال لا ترقى إلى الحرب ولكنها تضر بالأمن الإسرائيلي والإقليمي والعالمي.

ويمكن أن تهدد، على سبيل المثال، حرية الملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره حوالي خمس تجارة النفط العالمية. وهذا ما سيتسبب في ارتفاع أسعار النفط بالإضافة إلى تعطيل سلاسل التوريد.

ويتوقع محللون أن يتواصل توسع تكتيكات الحرب السرية وألعاب التجسس بين إسرائيل وإيران خلال الفترة القادمة.

العرب