الأجسام السياسية في ليبيا تستخف بغضب الشارع

الأجسام السياسية في ليبيا تستخف بغضب الشارع

طرابلس – قابلت الأجسام السياسية في ليبيا غضب الشارع، الذي عمّ مختلف المدن الليبية شرقا وغربا وجنوبا، بالكثير من الاستخفاف واللامبالاة وسط سعي كل جهة للركوب على الاحتجاجات والاستفادة منها لإسقاط الخصوم.

واستغربت أوساط سياسية ليبية اللامبالاة والبرود اللذين ردت بهما مختلف الأجسام السياسية على الغضب الشعبي المتفاقم والأصوات المطالبة برحيلها جميعا دون استثناء.

وبعد أن قابلت الأطراف السياسية الغضب بالصمت في البداية ردت تباعا بموقف واحد يزعم تأييد رغبة الشارع في تغيير السلطة وإجراء الانتخابات دون تقديم أيّ تنازل لتحقيق هذا الهدف.

إبراهيم الدباشي: كلهم أعلنوا دعمهم للحراك، ولم نر أحدًا يتخلى عن موقعه تنفيذًا لمطالبه

وانتقد إبراهيم الدباشي، سفير ليبيا الأسبق لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عدم الاستجابة من قبل السياسيين لمطالب الحراك الشبابي، في إشارة إلى تظاهرات الجمعة في طبرق ومصراتة وطرابلس وسبها.

وكتب قائلًا على فيسبوك “كلهم أعلنوا دعمهم لمطالب الحراك الشبابي الشعبي، ولم نر أحدًا يتخلى عن موقعه تنفيذًا لتلك المطالب. إنه النفاق والوقاحة مجتمعان”.

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة حق الشعب في الحرية والتعبير، موضحا أن هذا الحق “يكفله القانون ولا يمكن الجدال حوله”.

ويحاول الدبيبة تطويع غضب الشارع من خلال إيهام المحتجين بأنه طرف في تلك الاحتجاجات وبالتالي من غير المنطقي أن تشمله مطالب الرحيل، متناسيا أن الغضب اندلع أساسا بسبب أزمة الكهرباء التي وعد بحلها عند وصوله إلى السلطة.

وقال الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة بعد انتهاء ولاية حكومته منذ أشهر، الاثنين “لقد تحدثت مع الكثير من الليبيين، وشجعتهم على الخروج وتحديد المصير، فالناس هم أسياد البلاد، ونحن في خدمتهم، والشعب يطالب بحقوقه التي سلبت منه طوال السنين العشر الماضية”.

وأضاف “أول هذه الحقوق هو تقرير المصير في إقرار الدستور والمصير السياسي، وسوف نقف مع الشعب في ذلك، ولا يمكن لأيّ فرد أو جهة أو حزب أن يستفرد أيّ منهم بالقرار السياسي غصبا عن الشعب صاحب القرار، كما لا يمكن الجدال حول الانتخابات والديمقراطية، ولا يمكن السماح لأيّ فرد أو مجموعة للاستفادة بوضع قوانين الانتخابات”.

وتحدث الدبيبة عن المظاهرات والاحتجاجات التي عمت ليبيا منذ يوم الجمعة الماضي، مبينا أن مطلب الشعب فيها هو تغيير الوجوه الحالية، لافتا إلى عدم وجود وسيلة لتحقيق ذلك سوى الانتخابات، ومعلقا بالقول “لا بد للشعب أن يضع أوراقه في صناديق الاقتراع ويختار من يريد، سواء للبرلمان أو الرئاسة”.

أما بالنسبة إلى المجلس الرئاسي فيحاول منذ فترة وقبل اندلاع الاحتجاجات لعب دور الوسيط والمحايد في الصراع ملوّحا بإمكانية حل مجلسي النواب والدولة، في مسعى لإبعاد نفسه عن مطالب الشارع بشأن رحيل كل الأجسام.

استمالة الشارع
وتشكل مجلس الدولة بموجب اتفاق الصخيرات في 2016 لكن أغلب أعضائه هم نواب في المؤتمر الوطني العام الذي انتخب سنة 2012 ورفض تسليم السلطة للبرلمان زاعما وجود إخلالات قانونية شابت العملية الانتخابية.

وانتخب البرلمان في يونيو 2014 لمدة سنة لكنه استمر في السلطة منذ ذلك الوقت ورغم أنه كان يتمتع بتعاطف شعبي بالغ في بداية انتخابه خاصة بعد عملية فجر ليبيا التي أدت إلى انتقاله إلى شرق البلاد (طبرق) إلا أنه فقد شعبيته في السنوات الماضية بعد أن تبددت ثقة الليبيين في جديته لاسيما مع تواتر فضائح فساد النواب.

وبالنسبة إلى القيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر فقد فقدت الكثير من شعبيتها بعد انتهاء العمليات العسكرية ضد الإرهاب في بنغازي ودرنة والجنوب وانهارت تلك الشعبية بشكل شبه كلي بعد هزيمة طرابلس، بالإضافة إلى الانفلات الأمني وتزايد الحديث عن نفوذ أبناء حفتر في المنطقة الشرقية.

وقالت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نادية عمران إن الأجسام السياسية “تغلغل فيها الفساد بدرجة كبيرة، وأصبحت تقتات على الخلافات والتجاذبات السياسية، وتتحجج بأنها تريد مصلحة الليبيين”، محذرة من اتجاه الوضع في ليبيا “نحو التأزيم والتطورات غير الإيجابية ما لم يجر الانصياع لرغبة الشارع”.

وأضافت عمران في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” أن الأجسام السياسية “ليست لها الرغبة في طرح مشروع الدستور على الاستفتاء وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، استنادًا إلى نصوصه”، مشيرة إلى أن التوصل إلى توافق بشأن النقاط المختلف عليها “غير ممكن”.

العرب