“الواهم والمغرور” بوريس جونسون يتنحى بعد قرار وزرائه عدم الدفاع عن أكاذيبه

“الواهم والمغرور” بوريس جونسون يتنحى بعد قرار وزرائه عدم الدفاع عن أكاذيبه

لندن – طوت بريطانيا واحدة من أكثر صفحاتها السياسية إثارة للانشقاق والجدل، بعد أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تنحيه عن قيادة حزب المحافظين، وبالتالي فسح الطريق لوصول رئيس وزراء جديد.

وقال جونسون البالغ من العمر 58 عامًا أمام مقره في 10 داونينغ ستريت “واضح أن إرادة الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين أن يكون هناك زعيم جديد لهذا الحزب وبالتالي رئيس وزراء جديد”.

وسُيعلَن عن موعد بدء الترشح لقيادة الحزب في الأسبوع المقبل، حسب قوله، بعد ثلاث سنوات مضطربة من الحكم خرجت خلالها بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعانت من جائحة كوفيد – 19 وفضائح متزايدة.

وصمد جونسون أمام عدد كبير من الانتقادات والفضائح التي عصفت بحكمه، واستطاع أن يجد مخرجا من مآزق كثيرة بالاعتماد على تأييد داخلي تمتع به خصوصا بعد فوز المحافظين بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان إثر وصوله إلى السلطة، وهو الأمر الذي اعتبره تفويضا مطلقا للحكم.

رحيل وزيرة التعليم الخميس ودعوة وزير المالية الجديد بوريس جونسون إلى الاستقالة رجحا كفة الميزان

وعلى الرغم من أنه “مسك متلبسا” بالعديد من الأخطاء والأكاذيب إلا أنه استطاع الاستمرار في الحكم بعناد تجاوز كل ما عرفه تاريخ بريطانيا السياسي.

وإثر فضيحة تغطيته على سلوك جنسي غير ملائم أتاه أحد المقربين منه، ودفعه عددا من كبار الوزراء إلى ترديد ما يقوله ثم تبين لهم أن ذلك أكاذيب لم يعد بوسع جونسون إنكارها، استقال وزير المالية ريشي سوناك ووزير الصحة ساجيد جافيد وأعلنا أنهما غير قادرين على الاستمرار تحت قيادته.

وعقب نفي داونينغ ستريت علم جونسون بالاتهامات السابقة الموجهة إليه كشف موظف حكومي كبير سابق أنه أُبلغ في عام 2019 بحادث آخر على صلة بكريس بينشر، مساعد المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين. وأدت القضية إلى تغيير مواقف الكثيرين في حزب المحافظين الذين استاءوا من اضطرارهم إلى الدفاع عن أكاذيب جونسون.

وبعد أن قاوم دعوات من حكومته تطالبه بالاستقالة قال إنه يشعر “بالحزن… إزاء التنحي عن أفضل وظيفة في العالم”، مبررا تمسكه بالمنصب حتى اللحظات الأخيرة بإنجاز المهمة التي فاز بها في انتخابات عامة هيمنت عليها مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في ديسمبر 2019.

ووقف حلفاء جونسون القلائل المتبقون في حزب المحافظين إلى جانب زوجته كاري التي كانت تحمل طفلتهما رومي، أمام مقر الحكومة.

وتمسك جونسون بالسلطة رغم إعلان أكثر من خمسين عضوا من أعضاء الحكومة -بينهم خمسة وزراء من الكابينة الوزارية- استقالتهم منذ الثلاثاء، وأكد على موقفه مساء الأربعاء.

لكن يبدو أن رحيل وزيرة التعليم ميشيل دونيلان الخميس ودعوة وزير المالية الجديد ناظم الزهاوي (كلاهما عين قبل ثلاثة أيام فقط) جونسون إلى الاستقالة رجحا كفة الميزان، إلى جانب تحذيرات من تصويت جديد لحجب الثقة من جانب النواب المحافظين.

وفاز جونسون في الانتخابات عام 2019 وسط وعود بـ”إنجاز بريكست” في أعقاب استفتاء قبل ثلاث سنوات على ذلك، صوتت فيه غالبية البريطانيين لصالح تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي. لكن بالنسبة إلى الكثيرين فإن الزعيم الشعبوي الذي يتحدى التقاليد لم يعد مرغوبا فيه.

ويأتي النزاع داخل المحافظين في الوقت الذي يواجه فيه الملايين من البريطانيين أسوأ تراجع في مستويات المعيشة منذ خمسينات القرن الماضي، تحت وطأة ارتفاع كبير في أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.

وقبل الأزمة الاقتصادية كانت شعبية جونسون قد تراجعت بسبب حفلات أقيمت في مقر الحكومة حينما كانت البلاد خاضعة للحجر الصحي. وبعد ذلك أصبح أول رئيس حكومة تفرض عليه الشرطة غرامة.

وقالت هيلين دودني (53 عاما) التي تعمل في مجال حقوق المستهلك “حان الوقت، أليس كذلك؟ بجد، هل تعرفون أحدا مغرورا وجاهلا ويعيش في الوهم إلى هذا الحد؟”.

وفي إشارة إلى الوزراء المستقيلين تساءلت مستنكرة “أين كانت نزاهتهم قبل أشهر؟”.

ولئن أشرف جونسون على حملة تلقيح ناجحة ضد وباء كورونا فإن هذا الصحافي السابق شهد أسوأ حصيلة وفيات بالوباء في أوروبا، بل هو نفسه كاد الفايروس يقضي عليه في أبريل 2020.

وستجرى انتخابات قيادة الحزب في الصيف وسيحل الفائز مكان جونسون لدى انعقاد المؤتمر السنوي للحزب مطلع أكتوبر، حسب ما نقلته هيئة “بي بي سي” ووسائل إعلام أخرى.

العرب