واشنطن – أكد الرئيس الأميركي جو بايدن السبت حاجة الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرا إلى سعيه لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الرياض خلال زيارته المقبلة للمملكة، مشدّدا في الوقت نفسه على أنّه سيتمسّك بـ”القيم الأميركية الأساسية”، وذلك في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”.
في هذا المقال المفصّل، ردّ الرئيس الأميركي الذي يزور إسرائيل الثلاثاء ثم يتوجّه إلى جدّة الجمعة، على منتقديه الذين يتّهمونه بأنّه تراجع عن مواقفه بغية انتزاع وعد من السعوديّة بزيادة إنتاجها النفطي.
وتعهّد بايدن أثناء حملته الرئاسيّة بمعاملة القادة السعوديّين على أنّهم “منبوذون”، على خلفيّة جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018.
وكتب بايدن في مقاله السبت “أعرف أنّ هناك كثيرين ممّن لا يتّفقون مع قراري السّفر إلى السعوديّة”، مضيفا “آرائي حول حقوق الإنسان واضحة وثابتة. والحرّيات الأساسيّة موجودة دائما على جدول الأعمال عندما أسافر إلى الخارج وهي ستكون كذلك خلال هذه الزيارة”.
وذكّر بأنّه كان قد رفع السرّية عن تقرير للاستخبارات الأميركيّة بشأن ملابسات مقتل خاشقجي.
وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركيّة اتّهمت وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان بإصدار أمر قتل خاشقجي، وهو ما تنفيه الرياض، غير أنّ بايدن لم يأت في مقاله على ذكر بن سلمان.
ومن المقرّر أن يلتقي بايدن الأمير محمد في جدّة الأسبوع المقبل في إطار اجتماع موسّع مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وقال بايدن (79 عاما) في مقاله “بصفتي رئيسا، من واجبي الحفاظ على بلدنا قويا وآمنا”، متحدثا في هذا الإطار عن الحاجة إلى “مواجهة” روسيا وإلى “أن نكون في أفضل وضع ممكن” في مواجهة الصين وضمان “المزيد من الاستقرار” في الشرق الأوسط.
وبرّر الرئيس الأميركي موقفه هذا قائلا “من أجل تحقيق هذه الأمور، يجب أن تكون لدينا علاقة مباشرة مع الدول التي يمكن أن تساهم فيها. المملكة العربيّة السعوديّة واحدة من هذه الدول”.
وتابع “عندما سألتقي القادة السعوديّين الجمعة، سيكون هدفي تعزيز شراكة استراتيجيّة… تستند إلى مصالح ومسؤوليّات متبادلة، مع التمسّك أيضا بالقيم الأميركية الأساسية”.
وأردف بايدن “في المملكة العربية السعودية، عكسنا سياسة الشيك على بياض التي ورثناها” من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مضيفا “منذ البداية، كان هدفي هو إعادة توجيه العلاقات – لكن ليس قطعها – مع دولة كانت شريكا استراتيجيا منذ 80 عاما”.
كذلك، أشار الرئيس الأميركي إلى قضيّة النفط المهمّة والتي ستكون حاضرة خلال زيارته، في وقت تثير الأسعار المرتفعة للطاقة سخطا بين الأميركيين وتضرّ بالآفاق الانتخابيّة لحزبه. وقد أكّد أنّ الرياض “تعمل مع خبرائي للمساعدة في استقرار سوق النفط”.
وتشير تصريحات بايدن إلى أنه بدأ يدرك حجم النفوذ الحقيقي للولايات المتحدة، بعد أن قوبلت الضغوط التي مارسها خلال الأشهر الماضية على السعودية والإمارات بالتجاهل، مقابل الانفتاح على دول أخرى قد تكون حليفا بديلا في ظل تلكؤ واشنطن في دعم الرياض وأبوظبي في مواجهة هجمات الحوثيين وميليشيات عراقية تابعة لإيران.
واعتبر بايدن أنّ الشرق الأوسط بات “أكثر استقرارا وأمانا” ممّا كان عليه عندما تولّى الرئاسة الأميركيّة في يناير 2021. وأشار خصوصا إلى تحسّن العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربيّة والذي كان قد بدأ برعاية ترامب، قائلا إنّ إدارته “تعمل على تعميق” هذه العمليّة و”توسيعها”.
وذكر بايدن أنّه يريد “تحقيق تقدّم” في منطقة ما زالت “مليئة بالتحديات”، بينها البرنامج النووي الإيراني والوضع غير المستقرّ في سوريا وليبيا والعراق ولبنان.
وقال إنّه لاحظ “اتّجاهات واعدة” في المنطقة، معتبرا أنّ “الولايات المتحدة يمكن أن تقوّيها مثلما لا تستطيع أيّ دولة أخرى أن تفعله”.
وتطرّق الرئيس الأميركي إلى الاتّفاق النووي الذي توصّلت إليه القوى العالميّة مع إيران عام 2015، وانسحب منه سلفه الجمهوري ترامب أحاديا بعد ثلاث سنوات.
وكتب بايدن “ستواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي حتّى تصبح إيران مستعدّة للعودة إلى الامتثال للاتّفاق النووي لعام 2015”.
العرب