الإيرانيات في مدينة مشهد لا يحق لهن استخدام المترو دون حجاب

الإيرانيات في مدينة مشهد لا يحق لهن استخدام المترو دون حجاب

طهران – تتجه السلطات الإيرانية نحو مزيد تضييق الخناق على النساء اللواتي يعانين أصلا من الحياة وسط مجتمع محافظ يمنعهن من عيش حياة طبيعية بكامل حريتهن أو حتى جزء منها، حيث أعلنت وسائل إعلام محلية أنّ إيران ستمنع النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب من استخدام المترو في مدينة مشهد المقدّسة الواقعة شمال شرق البلاد.

وتأتي هذه القرارات الإلزامية رغم معارضة العديد من الإيرانيين، حيث تكشف إحصائيات سابقة للمركز الإيراني للدراسات الاستراتيجية أن نحو خمسين في المئة من الرجال والنساء في إيران يرون أن مسألة الحجاب أمر شخصي لا يجب على السلطات التدخل فيه.

وأصبحت قضية الحجاب مثار جدل في إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حيث تمّ فرض الحجاب غطاء الرأس الإسلامي بالقوة على الإيرانيات، وتسخير قوانين وعقوبات لردع ما تسمّيه السلطة “المظاهر غير الإسلامية في لباس المرأة”.

إيران ستمنع النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب من استخدام المترو في مدينة مشهد الواقعة شمال شرق البلاد

وتمت عملية فرض الحجاب على مرحلتين: الأولى في عام 1979، عندما فرضت على النساء تغطية رؤوسهن عند خروجهن إلى الشوارع وارتدائه في المؤسسات الحكومية في قرار قوبل بالرفض. وشهدت شوارع طهران خروج الآلاف من النساء آنذاك احتجاجا على القرار وانضم إليهن رجال من جميع الأعمار والمجالات، سواء من فئة الطلبة أو الأطباء أو المحامين، وأضرب كثيرون في طهران عن العمل احتجاجا على القرار.

أما المرحلة الثانية فكانت عام 1983، عندما أقر قانون تجريم عدم ارتداء الحجاب، ووصلت العقوبة إلى الحبس لمدة شهرين و74 جلدة، وقد احتجت الإيرانيات حينها بالنزول إلى الشوارع مرتديات ملابس سوداء.

ورغم القانون الجائر والشرطة المجندة لملاحقة النساء، يظهر عددٌ متزايد من النساء الإيرانيات في طهران والمدن الكبرى الأخرى شعرهن بشكل أكثر وضوحا، من خلال وضعهن غطاء لا يغطي الرأس بالكامل، والذي أسمته وسائل الإعلام الإيرانية الموالية للحكومة باسم “باد حجاب” أو “الحجاب السيء”، فيما تشارك أخريات في تظاهرات مناهضة للحجاب الإجباري تنتهي غالبا باعتقالهن، وحملات إلكترونية تنتهي بملاحقتهن قانونيا.

وأفاد نادي الصحافيين الشباب، وهي وكالة صحافية تابعة للتلفزيون الحكومي، بأن “نائب المدعي العام في مشهد كتب أخيرا رسالة إلى محافظ المدينة يطالبه فيها بمنع النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب الإسلامي من استخدام المترو”.

وأشار إلى أن “الرسالة أثارت ردود فعل عدّة”، ناشرا نسخة من الوثيقة المؤرّخة بالسادس والعشرين من يونيو الماضي.

وأضافت الرسالة “في حال عدم احترام هذا الأمر بحلول السادس من يوليو، ستتم محاكمة المسؤولين المعنيين”.

وتعدّ مشهد، ثاني مدن إيران التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، موطنا لأقدس أماكن العبادة في البلاد.

وأكد المدعي العام في إيران محمد جعفر منتظري حقيقة هذه الرسالة، في ردّ على سؤال نادي الصحافيين الشباب. وقال “تتوافق رسالة نائب المدعي العام في مشهد مع القانون”.

وكانت وسائل إعلام محلية أعلنت في اليوم السابق إغلاق السلطات ثلاثة مقاه في مدينة قم المقدّسة لأن النساء الموجودات في المكان لم يرتدين الحجاب.

رغم القانون الجائر والشرطة المجندة لملاحقة النساء، يظهر عددٌ متزايد من النساء الإيرانيات في طهران والمدن الكبرى الأخرى شعرهن بشكل أكثر وضوحا

وأوقفت الشرطة في مدينة شيراز (جنوب) في يونيو عددا من الفتيات اللواتي خلعن حجابهن خلال فعالية تزحلق.

وتقوم شرطة الآداب أو ما يعرف في إيران بدورية الإرشاد، بالتمركز في الفضاءات العمومية وفي الشوارع، خاصة في فصل الصيف حيث تجنح النساء إلى تخفيف ملابسهن، بغية ملاحقة كل امرأة لا تضع الحجاب على الطريقة الإسلامية الإيرانية، لتتعرض إلى الضرب والاعتقال بسبب مخالفتها قواعد الحجاب الإلزامي.

وظلت المرأة الإيرانية تواجه صنوفا متعددة من التمييز والتهميش على جميع المستويات، فضلا عن فرض قيود على حريتها الشخصية قبل أن تلوح في السنوات الأخيرة بوادر تمرّد، من خلال الشجاعة التي أظهرتها البعض منهن من اللاتي خرجن خلال تظاهرات في سنة 2017، وقد علت أصواتهن ضد سياسة الحجاب الإجباري، وكانت أشهرن الشابة الإيرانية أعظم جنجروي، التي ظهرت مكشوفة الرأس واقفة على أحد صناديق الكهرباء ملوّحة بحجابها.

وتعمل السلطات الإيرانية على ربط الحجاب بقيمة الشرف في أذهان الإيرانيين، بل وتحاول إقناع الإيرانيين بأن العديد من دول العالم تحسد الإيرانيات على حجابهنّ وعفتهن، فضلا عن تعمدها إشاعة ثقافة الحجاب باستخدام الوسائل التقنية الحديثة.

ولا يقف الأمر عند إلزام النساء بارتداء الحجاب، بل بلغ حد إصدار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي العام الماضي فتوى تنص على ضرورة ارتداء الشخصيات الكرتونية للحجاب مما أثار جدلا وسخرية. وجاءت تلك الفتوى عقب تعمد السلطات تعديل المشاهد في الأفلام السينمائية الغربية بإضافة غطاء أسود على كل امرأة تكشف عن جسدها، حتى وإن كانت تلك الشخصيات كرتونية.

العرب