تعدّ الخطوة التي قام بها رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله بشأن مرفأي البريقة والزويتينة محاولة لنفي الإقالة من جهة باعتبار أن الحكومة لم تعلن إلى الآن بشكل واضح إقالته، بالإضافة إلى أنها تشير إلى أن الرجل لم يقبل بالقرار وهو ما قد يؤدي إلى انقسام مؤسسة النفط في الفترة المقبلة.
طرابلس – أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الأربعاء رفع القوة القاهرة عن مرفأي البريقة والزويتينة في شرق البلاد بعد مفاوضات استمرت لأيام مع حرس المنشآت النفطية ومسؤولين بارزين هناك بعد ساعات من تداول وسائل إعلام محلية خبر إقالة رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله وتعيين محافظ المصرف المركزي السابق فرحات بن قدارة محله.
وتعكس الخطوة التي قام بها صنع الله محاولة لنفي الإقالة من جهة باعتبار أن الحكومة لم تعلن إلى الآن بشكل واضح إقالته، بالإضافة إلى أنها تشير إلى أن الرجل لم يقبل بالقرار وهو ما قد يؤدي إلى انقسام مؤسسة النفط في الفترة المقبلة.
ويقول مراقبون إن قرار إقالة صنع الله إن لم يكن مدعوما من قبل قوى غربية نافذة في الملف الليبي، لاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا، سيكون من الصعب تفعيله على أرض الواقع.
وتواترت التسريبات منذ انتشار خبر إقالة صنع الله مفادها أن اتفاقا جرى بين ممثلين للقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر والدبيبة ينص على إقالة صنع الله الذي يتهمه الشرق بالانحياز إلى الحكومات في طرابلس وتيار الإسلام السياسي منذ تعيينه في 2015، وتسديد ديون على المؤسسة العسكرية منذ حرب طرابلس، مقابل دعم البرلمان لتعديل وزاري سيجريه الدبيبة قريبا وإسقاط حكومة فتحي باشاغا.
صنع الله لم يتقبل قرار إقالته حيث لا يزال يتحدث عن ملف النفط وتدفقه وكأنه سيستمر في إدارة المؤسسة الوطنية للنفط
وقال مصطفى صنع الله في بيان تعليقا على رفع القوة القاهرة “بعد مفاوضات طويلة ومستمرة خلال عطلة عيد الأضحى، والتواصل مع حرس المنشآت النفطية ورئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب، نتج عن هذه المفاوضات الوصول إلى قناعة بأهمية شحن المكثفات لحل أزمة نقص الغاز في المنطقة الشرقية”.
وطمأن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بأن بلاده مستمرة في المحافظة على تدفق النفط بانتظام إلى الأسواق العالمية، موضحا أنه أعطى التعليمات للشركات بزيادة القدرة الإنتاجية تدريجيا من النفط والغاز.
وتواجه ليبيا أزمة حادة بسبب تراجع إنتاج النفط، إذ أن مجموعات محلية وقبلية تغلق منذ أبريل ستة حقول وموانئ في شرق البلاد، في منطقة يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر احتجاجاً على استمرار رئاسة الدبيبة للحكومة في طرابلس وعدم تسليم السلطة إلى الحكومة المعيّنة من مجلس النواب.
وتجاوز حجم الخسائر المالية الناجمة عن إغلاق المنشآت النفطية في شرق البلاد 3.5 مليار دولار، بحسب مؤسسة النفط.
وحذر السفير الأميركي في طرابلس ريتشارد نورلاند من استخدام النفط وعائداته “سلاحاً” لتسوية الخلافات السياسية في ليبيا، مطالبا بإدارة الثروة النفطية بشكل مسؤول، لكن يبدو أن خطوة رفع القوة القاهرة ستكون لها تداعيات سياسية في الفترة المقبلة.
ومنذ وصوله إلى السلطة دخل محمد عون وزير النفط والغاز بحكومة الدبيبة، الذي يتهم رئيس مؤسسة النفط بتجاوز صلاحياته وحجب المعلومات عن وزارته في خضم صراعات داخل حكومة الدبيبة وبين الحكومة وبقية المؤسسات.
وطمأنت المؤسسة السوق النفطية بأن دولة ليبيا والمؤسسة مستمران في النهوض بمسؤولياتهما، والمحافظة على تدفق النفط بانتظام إلى الأسواق العالمية، لافتة إلى إصدارها تعليمات للشركات بزيادة القدرة الإنتاجية تدريجيا من النفط والغاز الطبيعي، دون أن تحدد أرقام أو نسب الزيادة.
وكانت مؤسسة النفط المملوكة للدولة أعلنت سابقا عن فرض القوة القاهرة على موانئ البريقة والزويتينة والسدرة وراس لانوف على خلفية إيقاف جزء كبير من إنتاج وتصدير النفط من قبل داعمين للحكومة المكلفة من مجلس النواب في أبريل الماضي.
وبحسب بيانات سابقة نشرتها المؤسسة، تراوحت الصادرات اليومية خلال يونيو بين 365 و409 آلاف برميل، بانخفاض يقدر بـ865 ألف برميل عن معدلات الإنتاج في الظروف الطبيعية، علاوة على فقدان 210 ملايين قدم مكعب من الغاز في اليوم.
وتسبب الإغلاق في خسارة 16 مليار دينار ليبي حتى مطلع يونيو الماضي، بحسب تقديرات سابقة للمؤسسة، كما ساهم في خسارة 1000 ميغاواط من الطاقة فاقمت من أزمة انقطاع الكهرباء، وفقا لتصريحات سابقة للدبيبة.
ورغم الوعود التي يطلقها الدبيبة لحل أزمة الكهرباء خاصة مع الاحتجاجات التي شهدتها طرابلس رفضا لتدهور الخدمات بداية الشهر الجاري، لكن يبدو أن القطاع يعاني من تغول الفساد كما زادت الأزمة من حالة الانقسام.
ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف يرأسها عبدالحميد الدبيبة الرافض لتسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان في فبراير الماضي ومنحها ثقته في مارس وتتّخذ من سرت (وسط) مقرّاً مؤقتاً لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.
وتتخوف الأمم المتحدة من عودة ليبيا إلى مربع العنف والحرب الأهلية فيما لا تزال البلاد مفتوحة على نفوذ التدخلات الأجنبية والمرتزقة.
العرب